نقص فيتامين “د” من المشاكل الصحية الشائعة في جميع أنحاء العالم، في وقت يجري باستمرار التعرف على مزيد من الروابط بين هذا الفيتامين المهم والعديد من الأمراض المزمنة ودراستها، لكن تعويض النقص ليس دائماً مسألة سهلة يمكن حلها بتناول المكملات أو قضاء بعض الوقت تحت أشعة الشمس، بحسب ما أكدت طبيبة مختصة من منظومة الرعاية الصحية العالمية “كليفلاند كلينك”.
منافع فيتامين “د”
وقالت الدكتورة “سوزان ويليامز” طبيبة في معهد الغدد الصماء والتمثيل الغذائي لدى “كليفلاند كلينك”، إن منافع فيتامين “د” لجسم الإنسان لم تُدرك إلا حديثاً، بالرغم من أن التأثير الضار لعدم التعرض الكافي لأشعة الشمس في الطفولة لم يكن خافياً منذ قرون. وربطت الدراسات على نحو متزايد بين نقص فيتامين “د” وحدوث أمراض مزمنة مختلفة، فيما أثبتت دراسات أخرى وجود صلة إيجابية بين المستويات الجيدة من هذا الفيتامين والأداء الأمثل للجهازين المناعي والعصبي.
وأشارت الدكتورة “ويليامز” إلى أن الأطعمة الغنية بفيتامين “د” لا تتيح سوى نسبة ضئيلة من الحاجة اليومية الموصى بها من هذا الفيتامين، فيما يأتي الباقي من الشمس أو المكملات. ويُعتبر التعرض المحدود للشمس، سواء نتيجة لسوء الأحوال الجوية أو اتقاءً لسرطان الجلد، سبباً شائعاً لنقص فيتامين “د”، ولكن ثمة أسباب أخرى تشمل اللون الداكن للبشرة، والتقدم في السن، والإصابة بالسمنة، والخضوع لجراحة المجازة المعدية، والإصابة ببعض أمراض الجهاز الهضمي التي تؤدي إلى سوء الامتصاص، كما يمكن حدوث نقص فيتامين “د” لدى الرضع نتيجة قصر تغذيتهم على الرضاعة الطبيعية وإبعادهم عن المصادر الأخرى للفيتامين.
مكملات فيتامين “د”
ويمكن قياس مستوى فيتامين “د” في الجسم عن طريق فحص الدم، وهناك عاملان يجب مراعاتهما إذا كان الحصول على المكملات ضرورياً. وأوضحت الدكتورة “ويليامز” أن هناك نوعين من مكملات فيتامين “د”؛ فيتامين “د2” وفيتامين “د3”. وبينما يرفع كلا النوعين مستويات فيتامين “د”، فقد أشارت الدراسات الحديثة إلى أن فيتامين “د3” له تأثير أقوى بمرور الوقت. كذلك فإن طريقة تناول المكملات مهمّة، إذ أشارت الدراسات إلى أن المكملات تكون أكثر فاعلية عند تناولها مع وجبة تحتوي على 15 جراماً على الأقل من الدهون وتناولها مع أكبر وجبة يومية سوف يعزز الامتصاص.
وشددت الدكتورة المختصة بالتمثيل الغذائي على ضرورة الالتزام بالجرعات التي يصفها الطبيب من المكملات، وإلا فإن المرضى يتعرضون لخطر التسمم بفيتامين “د”، مشيرة إلى أن بعض المرضى قد لا يستجيبون لمكملات فيتامين “د” لأنهم يعانون مشاكل في امتصاصها، ومن بينهم هؤلاء المصابون بمرض كرون، والذين أجروا جراحات لعلاج السمنة تتعلق بالامتصاص، والمصابون بالاضطراب الهضمي، والتليف الكيسي، والإسهال الدهني، ومرض الأمعاء القصيرة، والتهاب الأمعاء، والركود الصفراوي الحاد.
ويمكن التأكيد من مشكلة الامتصاص باختبارات الدم، عبر مقارنة مستويات فيتامين “د” في عينة الدم المأخوذة مباشرة قبل إعطاء جرعة فموية من فيتامين “د”، والعينة المأخوذة بعد مدة تتراوح بين 12 و24 ساعة بعد الجرعة. فإذا تأكد سوء الامتصاص، يمكن استخدام العلاج بالضوء، والذي يتضمن تحديد نوع الجلد بدقة والتعرض المدروس بعناية للأشعة فوق البنفسجية من النوع “ب”، لزيادة مستويات الفيتامين.
تحذير
لكن الدكتورة “ويليامز” تحذر المرضى من محاولة زيادة مستوى فيتامين “د” عن طريق استخدام سرير الدباغة أو قضاء ساعات في حمامات الشمس، واصفة هذه الطرق بأنها “ليست فعالة في الغالب وتحمل أخطار الإضرار بالجلد والإصابة بسرطان الجلد”.
وأضافت: “نحتاج لتركيب فيتامين “د” إلى الأشعة فوق البنفسجية من النوع “ب”، ولكن نسبة هذا النوع في الأشعة فوق البنفسجية الموجودة في أشعة الشمس لا تزيد على خمسة في المئة. أما الأشعة فوق البنفسجية “أ” فهي مصدر الضوء الأكبر أو الوحيد المستخدم في أسرة التسمير، ويمكن أن تصل جرعة الأشعة فوق البنفسجية “أ” في تلك الأسرة إلى 12 ضعف ما تشتمل عليه أشعة الشمس، ولكلا النوعين من الأشعة، على أية حال، دور في الإصابة بسرطانات الجلد، لكن يُعتقد أن الأشعة فوق البنفسجية “أ” تلحق الضرر بالجلد وتزيد من خطر الإصابة بالسرطان عن طريق التسبب في تلف الحمض النووي الناجم عن الإجهاد التأكسدي، أما ضرر النوع “ب” فمباشر أكثر في المنتجات الضوئية المتورطة في تسرطن الجلد”.
وانتهت الدكتورة “ويليامز” إلى أن نوع البشرة وسن الشخص يؤثران في الاستجابة للتعرض للأشعة فوق البنفسجية، ولكن بشكل عام فإن تعريض 5 في المئة من سطح الجسم مرتين أسبوعياً لمدة 20 دقيقة في الأشهر الدافئة قد يعادل الحصول على 430 وحدة دولية من فيتامين “د” في اليوم، مشددة على ضرورة الالتزام بحد الوقت الأقصى، وهو 20 دقيقة، نظراً للأخطار المرتبطة بزيادة التعرض لأشعة الشمس.