لا تألو دولة الإمارات العربية المتحدة جهداً في دعم وتشجيع الصناعات الوطنية في مختلف القطاعات والمجالات بشكل عام، وفي القطاع العسكري على وجه الخصوص، فقد أولت الدولة هذا القطاع اهتماماً كبيراً، وسخرت لتفوقه كل عوامل ومقومات النجاح. وشهدت الصناعات الدفاعية الإماراتية خلال فترة وجيزة من عمرها، تطورات فارقة ودخلت في منافسة كبيرة مع نظيراتها على المستوى العالمي، حيث برهنت مختلف الشركات العسكرية الإماراتية أن منتجاتها الدفاعية الوطنية لا تقل في جودتها وكفاءة عملها عن منتجات أعرق وأضخم الشركات الدفاعية العالمية.
صناعة إماراتية
لعل أبرز الصناعات العسكرية الإماراتية التي حققت حضوراً دولياً وذاع صيتها في الأوساط الدفاعية، هي ناقلة الجنود البرمائية الإماراتية «وحش» التي تعد نموذجاً حياً للصناعات الدفاعية الوطنية الرائدة والواعدة، حيث تم تصنيعها وإنتاجها بأيدي وخبرات وطنية عبر شركة «كالدس» الإماراتية (Calidus) التي تتخذ من العاصمة أبوظبي مقراً لها.
ظهرت المدرعة الإماراتية البرمائية الفريدة «وحش» للمرة الأولى في فبراير 2019 خلال معرض الدفاع الدولي «آيدكس» في العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث دشنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وقد اجتذبت الناقلة الإماراتية في ذلك الوقت أنظار الزوار والمشاركين وكبار مصنعي الآليات الدفاعية من مختلف دول العالم.
المواصفات والمميزات
تتميز المركبة «وحش» بمواصفات خارقة تجعل منها الحل الأمثل للجيوش والقوات المسلحة، حيث إنها آلية مشاة قتالية، وناقلة جنود مدرعة ثمانية الدفع (8×8)، ذات قدرة عالية على تأدية مهام متعددة بسهولة وانسيابية في ظل أصعب الظروف وأقسى التضاريس، من خلال قدراتها البرية والبرمائية لتمكين طاقمها من إتمام عملياته العسكرية على أكمل وجه، حيث تستطيع العمل في درجات حرارة عالية تصل إلى 55 درجة مئوية ضمن معيار التحمل العالمي (MIL-STD-810 A1+).
ونجحت الآلية المدرعة «وحش» في عام 2019 في اجتياز سلسلة كبيرة من الاختبارات القاسية، لمعرفة مدى قدرتها على تحقيق الأهداف التي صنعت لأجلها.
ويبلغ طول «وحش» نحو 8.5 متر، وعرضها 3.2 متر، أما ارتفاعها فيصل 2.7 متر دون احتساب ارتفاع أبراج المراقبة والتسليح، أما المساحة المطلوبة لتمكين المركبة من الالتفاف فتبلغ (دائرة نصف قطرها 23 متراً).
وعلى صعيد زوايا الاقتراب والمغادرة، فتبلغ أقصى زاوية أمامية يمكن للمركبة «وحش» الصعود عليها من مستوى أفقي نحو 45 %، كما أن زاوية المغادرة في الجزء الخلفي تبلغ 45 %.
ويمكن للمركبة أن تتسلق منحدراً أمامياً بزاويه 70 % ومنحدراً جانبياً بزاوية 40 %، ويمكن أن تجتاز العوائق وعبور خندق بعرض مترين.
الحماية والتدريع
تم تصميم المدرعة الإماراتية «وحش» بتدريع من الدرجة الرابعة للحماية من القذائف الباليستية (STANAG 4569 level 4) وفقاً لمعيار (AEP-55 Volume 1)، والمتفجرات والعبوات الناسفة (IED) بمعدل 50 كيلوغراماً من مادة «تي إن تي» وفقاً للمعيار (AEP-55 Volume3-S)، والألغام الأرضية من مستوى (STANAG 4569 Level 4A) وفقاً للمعيار العالمي (AEP-55 Volume 2)، حتى أن العديد من التقارير العسكرية وصفتها بأنها الآلية الأكثر تدريعاً في العالم.
كما أن هيكل المركبة يسمح للمستخدمين بزيادة مستويات الحماية بدرجة أكبر (Add on Armor) مع دمج حزم الدروع الواقية الخارجية الإضافية.
وزودت الآلية الإماراتية التي يمكن نقلها بمعدل مركبتين في طائرات الشحن العسكرية «بوينغ سي-17 غلوب ماستر 3»، بنظام الحماية الكيميائي والبيولوجي والإشعاعي والنووي (CBRN) ونظام لإخماد الحرائق والانفجار التلقائي.
وتتسع المدرعة الخارقة التي تصل حمولتها إلى 10975 كيلوغراماً، لأحد عشر راكباً (سائق وقائد ومطلق نار و8 جنود) مع مقاعد مريحة بتقنية امتصاص الصدمات، فيما يبلغ الوزن الإجمالي للمركبة العسكرية نحو 34000 كيلوغرام، ووزن كتلتها الفارغة 23025 كيلوغراماً.
الأداء
بإمكان المركبة قطع مسافات تصل إلى 750 كيلومتراً، وبسرعة قصوى تصل إلى 130 كيلومتراً في الساعة، عبر محرك تبلغ قوته نحو 540 كيلو واط (724 حصاناً)، من نوع (INLINE 6 CYLINDER).
أما بالنسبة إلى معدل التسارع في الناقلة «وحش» فيصل من 0 كلم في الساعة إلى 60 كلم في الساعة خلال 19 ثانية.
أما على مستوى الماء، فيتم دفع الآلية العسكرية بالكامل من قبل مروحتين في الجزء الخلفي من الهيكل، ويبلغ الحد الأقصى لسرعتها البرمائية نحو 8 كم في الساعة ضمن مقياس (Beaufort scale sea state 2).
وتبلغ نسبة الطاقة إلى الوزن في الآلية الإماراتية «وحش» نحو 17 كيلو واط/ طن.
المحرك
يتم تشغيل مركبة «وحش» المدرعة بمحرك يعمل بقوة 724 حصاناً بناقل حركة أوتوماتيكي، ونظام تعليق هوائي مائي (hydro-pneumtic) مستقل قابل للتعديل، ويستخدم فيها وقود الديزل الذي يمكنها من السير لنطاق يصل إلى 750 كم، كما أن لديها نظاماً كهربائياً متطوراً وبطاريات ليثيوم أيون 24 فولت.
التسليح
تم تصميم آلية المشاة القتالية «وحش» لاستيعاب أنظمة الأسلحة ذات العيار الكبير، حيث تم تزويدها ببرج مدفعي PMB 3 من عيار 105 ملم، والعديد من محطات الأسلحة التي يتم التحكم فيها عن بعد.
ويمكن مواءمة نظم المهمات والمستشعرات الحديثة والرقمية، مع أنظمة C4ISR (القيادة والتحكم والاتصالات والحوسبة والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع) بطريقة سلسة.
وصممت الناقلة بمميزات تتلاءم وتلبي مختلف الاحتياجات التكتيكية للمستخدمين النهائيين بطريقة فعالة وغير مكلفة.
وتحتوي الناقلة العسكرية على أجهزة عرض وكاميرات مراقبة متطورة تعتمد على أنظمة تكنولوجية وتقنيات ذكاء اصطناعي حديثة، ترصُد المحيط من كافة الاتجاهات.
ولأن سيناريوهات ومتطلبات العمل والحركة والتشغيل عديدة ومتنوعة، فإن المدرعة «وحش» توفر تقنيات وأنظمة متطورة تتيح إمكانية إطلاق النار أثناء الحركة.
ويوفر نظام قيادة الآلية مساحة كبيرة بين الإطارات التي يبلغ حجمها (R201600) وهيكل المركبة، كما أن قمرة الآلية المحمية، تسمح بمجال رؤية وبيئة تشغيل ممتازة لقائد الناقلة.
إكرام بندلة (باحثة في الشؤون العسكرية)