جدري القردة

الدكتورة بدرية الحرمي

استشاري الصحة العامة ـــــ جمعية الإمارات للصحة العامة

يعرف بجدري النسناس، وهو مرض نادر يسببه فيروس جدري القردة (الأورثوبوكس) الذي ينتمي إلى عائلة الفيروسات الجدرية، ولكنه يعد أقل ضرراً من مرض الجدري، ويصيب مختلف الفئات العمرية.. ويصنف إلى نوعين:

– النوع الأول ينتشر في غرب إفريقيا، وتعتبر عملية انتقاله من شخص لآخر عن طريق التلامس محدودة.

– بينما ينتشر النوع الثاني في وسط إفريقيا (جمهورية الكونغو الديمقراطية) ويؤدي إلى أعراض أكثر شدة من النوع الاول، ويتسبب بنسب أعلى من الوفيات، كما أنه أسهل انتقالاً.

تاريخ المرض

تم اكتشاف جدري القردة لأول مرة عام 1958م، عندما حدثت إصابتان لمرض شبيه بالجدري بين مجموعة من القردة المخصصة لإجراء الأبحاث العلمية، بينما تم تشخيص أول حاله بشرية من جدري القردة في عام 1970 في جمهورية الكونغو لطفل يبلغ من العمر7 سنوات عن طريق بعض الحيوانات البرية والقوارض، ومنذ ذلك الحين تُسجَّل بؤر صغيرة بشكل دوري في عدد محدود من دول إفريقيا، ولكن في عام 2022-2023، حدثت فاشية عالمية، وبدأ بالانتشار في بلدان متعددة غير موبوءة بسبب السفر أو الحيوانات المستوردة، وذلك في قارة أوروبا، أمريكا، وشرق آسيا.

طرق انتقال المرض

غالبا ما ينتقل فيروس جدري القردة من شخص لآخر من خلال:

– الاتصال المباشر للأشخاص المصابين، عن طريق اللمس، التقبيل أو الاتصال الجنسي او ملامسة الطفح الجلدي وسوائل الجسم.

– الاتصال الوثيق بالحيوانات المصابة والتي تضم القردة أو القوارض كالجرذان والسناجب من خلال التعرض للعضّ أو الخدش، ملامسة الدم والإفرازات أو الجروح المفتوحة عند صيدها أو سلخها أو طهيها أو تناول لحومها النيئة.

– ملامسة الأسطح والأدوات الملوثة بالفيروس، مثل الملابس وأغطية الفراش أو الإبر الملوثة

– ومن الممكن كذلك أن ينتقل الفيروس من الأم إلى الطفل أثناء الحمل أو بعد الولادة.

أعراض المرض

تظهر أعراض المرض عادة خلال أسبوع، ولكن يمكن أن تظهر بعد يوم واحد إلى 21 يوماً من التعرض للفيروس، وتستمر الأعراض عادةً لمدة تتراوح من أسبوعين إلى 4 أسابيع، ويمكن تقسيم الأعراض إلى مرحلتين رئيسيتين، كما يلي:

المرحلة الأولى: تكون خلال خمسة أيام، وتظهر فيها أعراض الحمى، الصداع، الشعور بالتعب، وآلام في الظهر والعضلات، ثم تتطور إلى التهاب وتورم العقد الليمفاوية الذي يعد أكثر الأعراض التي تميز جدري القردة عن الجدري لأن الأخير لا يسبب هذا العرض.

المرحلة الثانية: بعد خمسة أيام يظهر الطفح الجلدي، ويكون أولاً على الوجه وينتشر لباقي أعضاء الجسم بما فيها: راحة اليدين، وأخمص القدمين، والأعضاء التناسلية، ويبدأ على شكل طفح وقروح حمراء وبعدها تتطور إلى بثور مليئة بسائل تسبب الحكة والألم وبمرور الوقت تجف وتتقشر وتتساقط.

ويجب التنويه إلى أنه لا يعاني جميع المرضى من أعراض جدري القردة جميعها، والأشخاص المصابون بجدري القردة معديون ويمكنهم نقل المرض إلى الآخرين حتى تلتئم جميع القروح وتتشكل طبقة جديدة من الجلد.

مضاعفات المرض

يعتبر الأطفال والحوامل والأشخاص الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي من أكثر الفئات عرضة لخطر الإصابة بالمضاعفات والتي قد تشمل:

– الالتهاب الرئوي

– التهاب الدماغ

– التهابات الدم

– التهابات الجهاز العصبي

– فقدان البصر الناجم عن التهابات العين

– صعوبة البلع والقيء والإسهال مما يسبب الجفاف الشديد أو سوء التغذية

– الوفاة في حالات نادرة

التشخيص

يتم عن طريق إجراء الفحص الإكلينيكيّ من قبل الطبيب المختص، حيث يمكن تمييز جدري القردة عن باقي أنواع الجدري من خلال انتفاخ الغدد الليمفاوية، بالإضافة إلى اجراء بعض الفحوصات والتحاليل المخبرية للتحقق من نوع الفيروس المسبب للمرض.

العلاج

يتعافى معظم الأشخاص المصابون بجدري القردة في غضون 2-4 أسابيع، ولكن عند البعض قد تؤدي الأعراض إلى مضاعفات شديدة. ولا يوجد علاج مؤكد لعدوى جدري القردة في الوقت الحالي، والهدف من العلاج هو العناية بالطفح الجلدي والتخفيف من الألم ومنع المضاعفات وانتشار المرض، ومن الأمور التي يجب مراعاتها في حال الإصابة بمرض جدري القردة ما يلي:

– عزل الشخص المصاب طوال فترة العدوى

– الحرص على نظافة اليدين وغسلهما بانتظام

– الالتزام بلبس الكمام وتغطية الأنف والفم عند السعال أو العطس

– تغطية الطفح الجلدي حتى يتم الشفاء منه

– تجنُّبْ مخالطة الأشخاص الذين يعانون نقصاً في المناعة، والأطفال، والحوامل

– الحفاظ على نظافة الأسطح والأدوات

– عدم فتح البثور أو القروح، لتجنب انتشار الطفح الجلدي إلى أجزاء الجسم الأخرى

الوقاية