» الجندي – خاص
المهام كبيرة، والأحداث تتزاحم أمام هذه النوعية من الحيوانات التي تعمل بجد وإخلاص للوفاء بالتزاماتها، وقد أثبتت التجارب على مر الزمان بأن الكلاب تظهر شجاعة كبيرة ومهارة فائقة في كل الأحداث والمهام الموكلة إليها، خاصة تلك التي تهدف إلى إنقاذ الأرواح وإلقاء القبض على المجرمين والإرهابيين.
لم يكن يعلم كلب الجيش الأمريكي الذي يدعى «كونان» أنه سوف يدخل التاريخ من أوسع أبوابه وأن ترفع السرية عن هويته بعد نجاحه في عملية «كايلا مولر» العسكرية التي حدثت في السابع والعشرين من أكتوبر لعام 2019 في سوريا، ونجحت في تخليص البشرية من أبوبكر البغدادي أخطر إرهابي في العالم نصب نفسه زعيماً لما يسمى بتنظيم «الدولة الإسلامية» .
بدأت حكاية الكلب كونان البطولية عندما قامت قوة دلتا الأمريكية الخاصة بإرساله لمطاردة زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي في نفق مسدود لجأ إليه للحيلولة دون اعتقاله وكان يرتدي البغدادي حينها حزاما ناسفا فجره أثناء المطاردة ما أدى إلى مقتله وثلاثة أطفال وإصابة الكلب الذي ينتمي إلى فصيلة «مالويين البلجيكية» بجروح طفيفة .
وقد دفعت الإصابات التي تعرض لها كونان الجيش الأمريكي إلى ابتكار وتطوير أجهزة عسكرية جديدة تساعد الكلاب في مهماتهم مع الجيش، حيث تتعرض هذه الحيوانات العسكرية لمخاطر كبيرة خلال مهماتها، منها خطر فقدان السمع المؤقت أو الدائم، وعملت شركة تابعة للجيش على تطوير جهاز لحماية السمع لدى الكلاب.
الحيوان البطل الذي أثار جنسه الجدل إن كان ذكرا أو أنثى حظي باستقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حديقة الزهور بالبيت الأبيض حيث منحه شهادة ووساماً، ووصفه بالجميل والموهوب، وهو ما قد يجعل منه الكلب الأشهر في العالم .
كايرو وبن لادن
ومما لا شك فيه، أن الكلاب أصبحت من العناصر الأساسية في جميع جيوش العالم وأجهزته الأمنية وتكون لها مكانة مميزة في الجيش الأمريكي عندما يتعلق الأمر بعمليات خاصة وأحداث تتعلق بمكافحة الإرهاب، إذ أن قوات أمريكية خاصة استخدمت في بداية مايو عام 2011 كلباً يدعى «كايرو» ينتمي لسلالة «مالويين البلجيكية» للقضاء أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة حيث كان دور الكلب الرئيسي منع «بن لادن» من الهروب خلال عملية اقتحام المخبئ الذي عاش فيه لسنوات في باكستان، مما أثار حماس الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي طلب لقاء الكلب «كايرو» لتكريمه .
وتعود مراسم تكريم الكلاب العسكرية التي خدمت في الجيش الأمريكي إلى أزمنة بعيدة، خاصة تلك التي شاركت في الحرب العالمية الثانية على جبهات قتالية عدة منها الجبهة الألمانية والفرنسية حيث خدمت ضمن فرقة مشاة الجيش الأمريكي الثالثة في تلك الحقبة، وتحمل بعض هذه الكلاب رتباً عسكرية أكبر من مرافقيها البشر.
ومن أشهر كلاب الحرب في تاريخ الولايات المتحدة، كلب يدعى Stubby من فصيلة “بيتبول”، شارك في الحرب العالمية الأولى 1914-1918، وتعود شهرته لنجاحه في إنقاذ كتيبة كاملة من هجوم بغاز “السارين” .
وقد التحقت الكلاب العسكرية بالجيش الأمريكي حسب التقارير إلى حقب حرب الاستقلال من الاحتلال البريطاني التي استمرت ما بين عام 1775 و1783، لكن عملية التوثيق الرسمية لمشاركة الكلاب المقاتلة في المواجهات المسلحة بالجيش الأمريكي بدأت مع الحرب العالمية الثانية ما بين عام 1939-1945.
وتحظى الكلاب العسكرية بتاريخ حافل من التعاون مع أفواد قوات الجيش الأمريكي حيث شاركت ومازالت تشارك في العديد من الحروب، إذ تمتلك الولايات المتحدة ضمن قواتها المسلحة نحو 2500 كلب مقاتل في الخدمة، من بينها نحو 700 كلب مقاتل مجهز للخدمة خارج الأراضي الأمريكية على مدار الساعة للعمليات الخاصة، وتنحدر 85% من هذه الكلاب من فصائل ألمانية وهولندية، وذلك حسب تقارير أمريكية.
ويتم اختيار الكلاب العسكرية من حظائر تدريب مخصصة لتربية الكلاب على النزعة القتالية منذ الصغر، وتتلقى تدريبات تجعلها قادرة على القفز من الطائرات المروحية وطائرات حمل الأفراد من ارتفاعات تصل إلى آلاف الكيلومترات، وعلى الرغم من ذلك تنجح نحو 50% من هذه الكلاب فقط في اجتياز اختبارات الكفاءة للانضمام إلى القوات المسلحة والمشاركة في المهام القتالية، وذلك بناء على قدراتها الخاصة بالشم وضبط النفس والاستجابة للأوامر .
وتشير التقارير أيضاً إلى أن فترة خدمة الكلاب بالجيش الأمريكي تتراوح ما بين 8 و 9 أعوام، ويتم تبنيها بعد تقاعدها عن العمل من قبل الجنود الذين كانوا مسؤولين عن توجيهها في المهمات القتالية خلال فترة الخدمة، أو إلحاقها بقوات الشرطة الأمريكية، لمنع إعدامها.