الاستخبارات الطبية copy

الاستخبارات الطبية تداخل الأمن وقضايا الصحة العالمية

تمثل‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬قدرة‭ ‬استخباراتية‭ ‬حاسمة‭ ‬لرصد‭ ‬وتقييم‭ ‬المخاطر‭ ‬على‭ ‬الصحة،‭ ‬ضمن‭ ‬أطر‭ ‬تعطي‭ ‬الأولوية‭ ‬للاعتبارات‭ ‬العسكرية،‭ ‬أو‭ ‬تشكل‭ ‬مكوناً‭ ‬مهماً‭ ‬لمصلحة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي،‭ ‬وعلى‭ ‬مر‭ ‬السنين،‭ ‬تداخلت‭ ‬مجالات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬والأمن‭ ‬والصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬ولها‭ ‬تاريخ‭ ‬طويل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬المتنامي،‭ ‬بعد‭ ‬دخول‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬واللقاحات‭ ‬والتهديدات‭ ‬البيئية‭ ‬والأمراض‭ ‬الحيوانية‭ ‬والأدوية‭ ‬والمختبرات‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬جداول‭ ‬قضايا‭ ‬الأمن‭ ‬العالمي‭.‬

إن‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والأمن‭ ‬والصحة‭ ‬العالمية‭ ‬هي‭ ‬مجالات‭ ‬تفاهمية‭ ‬متميزة،‭ ‬ولها‭ ‬تاريخ‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬الأولويات‭ ‬المتداخلة،‭ ‬وفي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬المصالح‭ ‬المتضاربة‭. ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬كانت‭ ‬واجهات‭ ‬هذه‭ ‬القطاعات‭ ‬بارزة‭ ‬جداً‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬المرض‭ ‬وانعدام‭ ‬الأمن‭ ‬متشابكين‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد،‭ ‬نتيجة‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد،‭ ‬وما‭ ‬فرضه‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬وتهديدات‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭. ‬

كان‭ ‬دور‭ ‬قطاع‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬إضفاء‭ ‬الطابع‭ ‬الأمني‭ ‬على‭ ‬الأمراض‭ ‬والأوبئة‭ ‬بارزاً‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬نظراً‭ ‬لخصائص‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬في‭ ‬إثارة‭ ‬تفشي‭ ‬الأمراض‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬وعلى‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬أو‭ ‬السياسيات‭ ‬للمجتمعات‭ ‬والبلدان‭ ‬التي‭ ‬تكمن‭ ‬فيها‭. ‬إن‭ ‬الفكرة‭ ‬الجديدة‭ ‬نسبياً‭ ‬بأن‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تديم‭ ‬الصراع‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬وتُعجِّله‭ ‬أيضاً،‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬يتعامل‭ ‬بها‭ ‬صُناع‭ ‬القرار‭ ‬باعتبار‭ ‬الصحة‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬الأجندات‭ ‬الأمنية‭. ‬استندت‭ ‬دوافع‭ ‬أمننة‭ ‬المرض‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬تفشي‭ ‬الأمراض‭ ‬والمساس‭ ‬بالقوة‭ ‬النسبية‭ ‬للدولة،‭ ‬خاصة‭ ‬خلال‭ ‬فترات‭ ‬الصراع،‭ ‬وأدرك‭ ‬صُناع‭ ‬القرار‭ ‬التهديد‭ ‬المزعزع‭ ‬للاستقرار‭ ‬الذي‭ ‬تشكله‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية،‭ ‬وتأثير‭ ‬فشل‭ ‬النظام‭ ‬الصحي‭ ‬على‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬العالمي‭. ‬يضيف‭ ‬هذا‭ ‬الدافع‭ ‬طبقة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬التعقيد‭ ‬إلى‭ ‬التعريفات‭ ‬المعيارية‭ ‬للأمن‭ ‬كشكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬القوة‭ ‬الذي‭ ‬يتماشى‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬تعريفات‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬وفقاً‭ ‬لهذا‭ ‬التعريف،‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬اعتلال‭ ‬الصحة‭ ‬تقريباً‭ ‬أن‭ ‬تبرر‭ ‬أمننة‭ ‬المرض‭ ‬بسبب‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬إضعاف‭ ‬القدرات‭ ‬البشرية،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬المخاطر‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬شخص‭ ‬واحد‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تصبح‭ ‬مخاطر‭ ‬صحية‭ ‬على‭ ‬مجموعات‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬بأكملها،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬في‭ ‬الممارسة‭ ‬العملية‭ ‬لم‭ ‬يركز‭ ‬الأساس‭ ‬المنطقي‭ ‬للأمن‭ ‬على‭ ‬المجتمعات‭ ‬المتأثرة‭ ‬بالأمراض،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬تهديده‭ ‬المتصور‭ ‬للمجتمع‭ ‬العالمي‭ ‬والجغرافيا‭ ‬السياسية‭ ‬والأمن‭ ‬القومي‭. ‬وهذا‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬تعريف‭ ‬مدرسة‭ ‬كوبنهاجن‭ ‬للتهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬بأنها‭ ‬تحديد‭ ‬التهديد‭ ‬الوجودي‭ ‬لكائن‭ ‬مرجعي‭ ‬مثل‭ ‬الدول‭ ‬أو‭ ‬السكان‭ ‬أو‭ ‬شبكات‭ ‬القوة‭ ‬العالمية‭. ‬

يمكن‭ ‬استعارة‭ ‬مصطلح‭ ‬مفيد‭ ‬لتحديد‭ ‬التهديدات‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬دمجها‭ ‬في‭ ‬البعد‭ ‬الأمني‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬حيث‭ ‬تشير‭ ‬الطارئة‭ ‬الصحية‭ ‬العمومية‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬قلقاً‭ ‬دولياً‭ ‬إلى‭ ‬حدث‭ ‬استثنائي‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬عادي‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬متوقع،‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬خطير‭ ‬ومحتمل‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬العمومية‭ ‬الدولية‭. ‬يسمح‭ ‬هذا‭ ‬التعريف‭ ‬بتجاهل‭ ‬الأمراض‭ ‬الشائعة‭ ‬والمتوقعة،‭ ‬ويركز‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الأمراض‭ ‬الفتاكة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسبب‭ ‬ضرراً‭ ‬جماعياً‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي‭.‬

مفهوم‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬

يمكن‭ ‬تعريف‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬بأنها‭ ‬صنف‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬جمع‭ ‬وتقييم‭ ‬وتحليل‭ ‬وتفسير‭ ‬المعلومات‭ ‬الطبية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬والبيئية‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬التخطيط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬والتخطيط‭ ‬الطبي‭ ‬العسكري‭ ‬والعمليات‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الجاهزية‭ ‬القتالية‭ ‬للقوات‭ ‬الصديقة،‭ ‬وتشكيل‭ ‬تقييمات‭ ‬للقدرات‭ ‬الطبية‭ ‬للعدو‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬القطاعين‭ ‬العسكري‭ ‬والمدني‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬تعتبر‭ ‬استخبارات‭ ‬الأمراض‭ ‬والأوبئة‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬الاستخبارات،‭ ‬لذلك‭ ‬تضع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مركزها‭ ‬الوطني‭ ‬للاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬داخل‭ ‬وكالة‭ ‬استخبارات‭ ‬الدفاع‭ ‬التابعة‭ ‬لها،‭ ‬وتكون‭ ‬أنشطة‭ ‬مراقبة‭ ‬الأمراض‭ ‬بقوة،‭ ‬ضمن‭ ‬اختصاص‭ ‬المنظمات‭ ‬العسكرية،‭ ‬وهذا‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬تعريف‭ ‬الناتو‭ ‬للاستخبارات‭ ‬الطبية،‭ ‬فهو‭ ‬يعرفها‭ ‬بأنها‭ ‬وظيفة‭ ‬استخباراتية‭ ‬وليست‭ ‬طبية،‭ ‬ويمكن‭ ‬تفعيلها‭ ‬لصالح‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية،‭ ‬ويركز‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬تقييم‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الصحية‭. ‬وكمجال‭ ‬هو‭ ‬صغير‭ ‬نسبياً‭ ‬داخل‭ ‬هياكل‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الوطنية،‭ ‬ولكنه‭ ‬مهم‭ ‬لدوره‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬المراقبة‭ ‬العالمية،‭ ‬إنه‭ ‬قطاع‭ ‬ينخرط‭ ‬في‭ ‬أنشطة‭ ‬ذات‭ ‬صلة‭ ‬مباشرة‭ ‬بالصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬لكنه‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬أولويات‭ ‬ثابتة‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬المصالح‭ ‬الأمنية‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬وهذا‭ ‬يعزز‭ ‬دور‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬المكتسبة‭ ‬من‭ ‬دراسة‭ ‬كل‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬البيئات‭ ‬الطبيعية‭ ‬الخارجية‭ ‬والبيئات‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬الإنسان،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية،‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬للتنبؤ‭ ‬بنقاط‭ ‬الضعف‭ ‬الطبية‭ ‬للعدو،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضاً‭ ‬لتزويد‭ ‬القوات‭ ‬الصديقة‭ ‬بالحماية‭ ‬الطبية‭ ‬الكافية‭. ‬وتشمل‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬التهديدات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تطبيقها‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬المدنية،‭ ‬كما‭ ‬تتضمن‭ ‬معلومات‭ ‬تطبق‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬وتوصيف‭ ‬وإدارة‭ ‬الخطر‭ ‬المطبق‭ ‬على‭ ‬التدابير‭ ‬المضادة‭ ‬في‭ ‬القطاعين‭ ‬المدني‭ ‬والعسكري‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب‭ ‬البيولوجي‭.‬

تتضمن‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬معلومات‭ ‬تتعلق‭ ‬باكتشاف‭ ‬التهديدات‭ ‬وتحديدها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬السياق‭ ‬التشغيلي‭ ‬والخصائص‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬العمليات،‭ ‬وأي‭ ‬تفاصيل‭ ‬تشغيلية‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تمكين‭ ‬القائد‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬المهمة‭ ‬بنجاح‭. ‬تعد‭ ‬المعلومات‭ ‬المفيدة‭ ‬للتدابير‭ ‬المضادة،‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬التهديدات،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬القوة‭ ‬من‭ ‬الأولويات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬العالية‭. ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تستمد‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬تقييمات‭ ‬المخاطر‭ ‬المختلفة‭ (‬البيئية‭ ‬والصناعية‭ ‬والصحية‭ ‬والأمراض‭ ‬المعدية‭) ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬مصنفة‭ ‬ومفتوحة‭ ‬ومراكز‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‭ ‬وتقارير‭ ‬المراقبة‭ ‬الطبية‭ ‬والمنشورات‭.‬

قد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬المعلومات‭ ‬الطبية‭ ‬والاستخبارات‭ ‬الطبية،‭ ‬وقد‭ ‬يصنف‭ ‬التعبيران‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬نفس‭ ‬الشيء‭. ‬لكن‭ ‬تميل‭ ‬المعلومات‭ ‬الطبية‭ ‬إلى‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بدرجة‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬اليقين‭ ‬وتكون‭ ‬أكثر‭ ‬رسوخاً‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬معلومات‭ ‬نوع‭ ‬السلطات‭ ‬الصحية‭ ‬والمستشارين‭ ‬الطبيين‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭. ‬بينما‭ ‬تشير‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬إلى‭ ‬معلومات‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬اليقين،‭ ‬وهي‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬تنبؤية‭ ‬أكثر،‭ ‬ويتم‭ ‬صياغتها‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬محددة‭ ‬السياق،‭ ‬لتقييم‭ ‬الآثار‭ ‬التشغيلية‭ ‬المحتملة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مساعدة‭ ‬القادة‭ ‬وصناع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬قراراتهم‭ ‬وتجنب‭ ‬المعاضل،‭ ‬وكلما‭ ‬ثبت‭ ‬صحة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬فإنها‭ ‬تتحول‭ ‬بسرعة‭ ‬إلى‭ ‬معلومات‭.‬

الحرب‭ ‬والأوبئة

استنزفت‭ ‬الأوبئة‭ ‬ودمرت‭ ‬قدرة‭ ‬الجيوش‭ ‬على‭ ‬القتال،‭ ‬وأوقفت‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية،‭ ‬وجلبت‭ ‬الموت‭ ‬والكوارث‭ ‬للسكان‭ ‬المدنيين‭ ‬من‭ ‬الفصائل‭ ‬المتحاربة،‭ ‬وكذلك‭ ‬الدول‭ ‬غير‭ ‬المتحاربة‭. ‬يثير‭ ‬الحدوث‭ ‬التاريخي‭ ‬والانتشار‭ ‬الجغرافي‭ ‬للأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالحروب‭ ‬مسألة‭ ‬كيفية‭ ‬تأثر‭ ‬توزيع‭ ‬الأمراض‭ ‬في‭ ‬الأوبئة‭ ‬بالعمليات‭ ‬العسكرية‭. ‬تاريخياً،‭ ‬ارتبطت‭ ‬الأوبئة‭ ‬بالانتشار‭ ‬العسكري،‭ ‬كان‭ ‬للأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬سير‭ ‬العمليات،‭ ‬وهاجمت‭ ‬الأوبئة‭ ‬البشرية‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الحرب،‭ ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬430‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬تدور‭ ‬المعارك‭ ‬بين‭ ‬سبارتا‭ ‬وأثينا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سيادة‭ ‬اليونان،‭ ‬حاربت‭ ‬أثينا‭ ‬الطاعون‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬سبارتا‭. ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى،‭ ‬ساهم‭ ‬المرض‭ ‬في‭ ‬سقوط‭ ‬إمبراطورية‭ ‬البندقية،‭ ‬خلال‭ ‬حروب‭ ‬نابليون،‭ ‬مات‭ ‬ثمانية‭ ‬أضعاف‭ ‬عدد‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬البريطاني‭ ‬بسبب‭ ‬المرض‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬جروح‭ ‬المعركة‭. ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬كان‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلثي‭ ‬القتلى‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬بسبب‭ ‬الالتهاب‭ ‬الرئوي‭ ‬والتيفوئيد‭ ‬والدوسنتاريا‭ ‬والملاريا‭. ‬قتل‭ ‬وباء‭ ‬الإنفلونزا‭ ‬الإسبانية‭ ‬في‭ ‬1918‭-‬1919‭ ‬عدداً‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬مقارنة‭ ‬بالحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭ ‬مع‭ ‬رقم‭ ‬يقدر‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬و40‭ ‬مليون‭ ‬شخص،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬أعلى‭ ‬معدل‭ ‬وفيات‭ ‬مسجل‭ ‬لأي‭ ‬وباء‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬القتلى‭ ‬ستمائة‭ ‬وخمسة‭ ‬وسبعون‭ ‬ألف‭ ‬جندي‭ ‬أمريكي‭ ‬تم‭ ‬وضعهم‭ ‬في‭ ‬خنادق‭ ‬مكتظة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬الغربية،‭ ‬ومع‭ ‬عودة‭ ‬المقاتلين‭ ‬المرضى،‭ ‬انتشر‭ ‬الوباء‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وأصاب‭ ‬ربع‭ ‬السكان‭.‬

على‭ ‬الجبهة‭ ‬الشرقية،‭ ‬تسبب‭ ‬التيفوس‭ ‬في‭ ‬وفاة‭ ‬ثلاثة‭ ‬ملايين‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬وبولندا‭ ‬ورومانيا‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1918‭ ‬و1922‭. ‬كان‭ ‬التيفوس‭ ‬قاتلاً‭ ‬بنفس‭ ‬القدر‭ ‬لمقدمي‭ ‬الرعاية‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة،‭ ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬مات‭ ‬عدد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬بسبب‭ ‬الأوبئة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬العدو‭. ‬

وقد‭ ‬شاركت‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تقييم‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬والصحي‭ ‬المتدهور‭ ‬بسرعة‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬تفشي‭ ‬الإيبولا‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭. ‬كان‭ ‬دور‭ ‬هياكل‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬هو‭ ‬تقييم‭ ‬مدى‭ ‬احتمال‭ ‬انتشار‭ ‬الفيروس،‭ ‬وكيف‭ ‬سيبدو‭ ‬نمط‭ ‬الانتشار‭ ‬هذا،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬التهديدات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المرتبطة‭ ‬به،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬الاستجابة‭ ‬المناسبة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تنطوي‭ ‬عليها‭. ‬وقد‭ ‬شارك‭ ‬فرع‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ (‬مراقبة‭ ‬المراقبة‭ ‬الصحية‭) ‬التابع‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النشاط،‭ ‬ودعا‭ ‬إلى‭ ‬دمج‭ ‬التهديدات‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬وغير‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬عقيدة‭ ‬الدفاع‭ ‬الجماعي‭ ‬الخاصة‭ ‬به،‭ ‬وتحديداً‭ ‬استجابة‭ ‬لحالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الإيبولا‭ ‬التي‭ ‬تتكشف‭. ‬سيكون‭ ‬هذا‭ ‬تدبيراً‭ ‬مهماً‭ ‬لأنه‭ ‬سيضفي‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬‮«‬الاستجابة‭ ‬الجماعية‮»‬‭ ‬للناتو‭ ‬التي‭ ‬تبدأ‭ ‬عادة‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬تهديدات‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬المحددة‭ ‬لدعم‭ ‬تدخلات‭ ‬قوات‭ ‬الناتو‭.‬

مجال‭ ‬صغير‭ ‬وأثر‭ ‬كبير‭ ‬

أصبحت‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الحكومية‭ ‬تتقبل‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬مفهوم‭ ‬أمننة‭ ‬الأمراض،‭ ‬وهذا‭ ‬شجع‭ ‬تطوير‭ ‬وتأسيس‭ ‬الهيئات‭ ‬الوطنية‭ ‬للاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬داخل‭ ‬المنظمات‭ ‬العسكرية‭ ‬والمدنية‭. ‬فمثلاً،‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬تحديد‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬تم‭ ‬تقديم‭ ‬اقتراح‭ ‬لهدف‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأمن‭ ‬الصحي‭ ‬العالمي‭. ‬تمت‭ ‬صياغة‭ ‬الهدف‭ ‬المقترح‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭: ‬‮«‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬المناسبة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬تعرض‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬للمخاطر‭ ‬الجديدة‭ ‬أو‭ ‬الحادة‭ ‬أو‭ ‬سريعة‭ ‬الانتشار‭ ‬على‭ ‬الصحة،‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬بعبور‭ ‬الحدود‭ ‬الدولية،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬اعتماد‭ ‬هذا‭ ‬الاقتراح،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الأجندة‭ ‬المتنامية‭ ‬لدمج‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬المفاهيم‭ ‬الحديثة‭ ‬للصحة‮»‬‭. ‬يشمل‭ ‬عمل‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬الأمراض‭ ‬الوبائية‭ ‬والصحة‭ ‬البيئية‭ ‬وأنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬والعلوم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الطبية‭ ‬والإمكانيات‭ ‬والقدرات‭ ‬الصحية،‭ ‬ضمن‭ ‬أربعة‭ ‬مجالات‭ ‬أساسية‭: ‬

‭ ‬الصحة‭ ‬البيئية

•‭ ‬تحديد‭ ‬وتقييم‭ ‬المخاطر‭ ‬البيئية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تدهور‭ ‬صحة‭ ‬القوة‭ ‬أو‭ ‬فعاليتها‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التلوث‭ ‬الكيميائي‭ ‬والميكروبي‭ ‬للبيئة،‭ ‬والحوادث‭ ‬الصناعية‭ ‬والكيميائية‭ ‬والإشعاعية‭ ‬السامة،‭ ‬والإرهاب‭/‬الحرب‭ ‬البيئية‭.‬

•‭ ‬تقييم‭ ‬تأثير‭ ‬قضايا‭ ‬واتجاهات‭ ‬الصحة‭ ‬البيئية‭ ‬الخارجية‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬البيئي‭ ‬والسياسة‭ ‬الوطنية‭.‬

‭ ‬علم‭ ‬الأوبئة

•‭ ‬تحديد‭ ‬وتقييم‭ ‬والإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬مخاطر‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تدهور‭ ‬فعالية‭ ‬مهمة‭ ‬القوات‭ ‬المنتشرة‭ ‬و‭/‬أو‭ ‬تسبب‭ ‬آثاراً‭ ‬صحية‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭.‬

•‭ ‬تنبيه‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين‭ ‬والسياسيين‭ ‬إلى‭ ‬تفشي‭ ‬الأمراض‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬آثار‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬وصياغة‭ ‬السياسات،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الوطن‭ ‬وإدخالها‭ ‬عمداً‭ ‬مقابل‭ ‬تفشي‭ ‬الأمراض‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬بشكل‭ ‬طبيعي‭.‬

‭ ‬علوم‭ ‬الحياة‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الحيوية

•‭ ‬تقييم‭ ‬التطورات‭ ‬الطبية‭ ‬الحيوية‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الحيوية‭ ‬الخارجية‭ ‬الأساسية‭ ‬والتطبيقية‭ ‬ذات‭ ‬الأهمية‭ ‬الطبية‭ ‬العسكرية‭.‬

•‭ ‬تقييم‭ ‬قدرات‭ ‬صناعة‭ ‬الأدوية‭ ‬المدنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬الخارجية‭.‬

•‭ ‬تقييم‭ ‬التقدم‭ ‬الطبي‭ ‬العلمي‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬الخارجي‭ ‬للدفاع‭ ‬ضد‭ ‬الحرب‭ ‬النووية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬والكيميائية‭.‬

•‭ ‬منع‭ ‬المفاجأة‭ ‬التكنولوجية‭.‬

•‭ ‬منع‭ ‬انتشار‭ ‬المعدات‭ ‬والمعارف‭ ‬ذات‭ ‬الاستخدام‭ ‬المزدوج‭.‬

‭ ‬القدرات‭ ‬الطبية

•‭ ‬تقييم‭ ‬القدرات‭ ‬الطبية‭ ‬العسكرية‭ ‬والمدنية‭ ‬الأجنبية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مرافق‭ ‬العلاج،‭ ‬والعاملون‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الطبي،‭ ‬والاستجابة‭ ‬للطوارئ‭ ‬والكوارث،‭ ‬والخدمات‭ ‬اللوجستية،‭ ‬والصناعات‭ ‬الطبية‭/‬الدوائية

•‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬بيانات‭ ‬متكاملة‭ ‬وتحديثها‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬مرافق‭ ‬العلاج‭ ‬الطبي‭ ‬والتدريب‭ ‬والأدوية‭ ‬والبحث‭ ‬والإنتاج‭.‬

الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬الأمريكية‭ ‬

الساحة‭ ‬الصحية‭ ‬والطبية‭ ‬ليست‭ ‬شفافة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬المركز‭ ‬الوطني‭ ‬للاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية‭ ‬هو‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الواقع،‭ ‬وتمكين‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين‭ ‬وصانعي‭ ‬السياسات‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬المناسبة‭ ‬تماماً‭ ‬مثل‭ ‬المراكز‭ ‬التحليلية‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الدفاعية‭. ‬

ظهرت‭ ‬الحاجة‭ ‬للاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬عندما‭ ‬أنشأ‭ ‬الجراح‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬قسم‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬لدعم‭ ‬التخطيط‭ ‬لإدارة‭ ‬الشؤون‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الجديدة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬إرشادات‭ ‬مفصلة‭ ‬لظروف‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‭ ‬المدنية‭ ‬والصرف‭ ‬الصحي،‭ ‬وكانت‭ ‬منتجات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬التخطيط‭ ‬الرسمي‭ ‬للحرب‭ ‬مع‭ ‬دمج‭ ‬البيانات‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬المسوحات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لوزارة‭ ‬الدفاع‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬1956‭ ‬تحول‭ ‬قسم‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬إلى‭ ‬وكالة‭ ‬المعلومات‭ ‬والاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬للجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الدفاعية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1962‭. ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬فيتنام‭ ‬وخلال‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬تقلص‭ ‬دور‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬حتى‭ ‬عاد‭ ‬للظهور‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1992‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬وأصبح‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الدفاعية‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬أصدر‭ ‬مجلس‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الوطني‭ ‬الأمريكي‭ ‬تقريراً‭ ‬فريداً‭ ‬بعنوان‭ (‬تهديد‭ ‬الأمراض‭ ‬العالمي‭ ‬وآثاره‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬أعقبه‭ ‬سريعاً‭ ‬بيان‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬يعلن‭ ‬فيه‭ ‬فيروس‭ ‬نقص‭ ‬المناعة‭ ‬البشرية‭ ‬والأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬الناشئة‭ ‬والمتجددة‭ ‬تهديد‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬ثم‭ ‬تسمية‭  ‬أمراض‭ ‬مثل‭ ‬الإيبولا‭ ‬وفيروس‭ ‬نقص‭ ‬المناعة‭ ‬البشرية‭ ‬والسل‭ ‬المقاوم‭ ‬للأدوية‭ ‬المتعددة‭ ‬والمكورات‭ ‬العنقودية‭ ‬المقاومة‭ ‬للأدوية‭ ‬المتعددة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تهديدات‭ ‬مباشرة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬في‭ ‬2‭ ‬يوليو‭ ‬2008‭ ‬أصبحت‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬ضمن‭ ‬اختصاص‭ ‬المركز‭ ‬الوطني‭ ‬للاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬حيث‭ ‬يوفر‭ ‬المركز‭ ‬معلومات‭ ‬حول‭ ‬التهديدات‭ ‬والقدرات‭ ‬الصحية‭ ‬الخارجية‭ ‬وتشمل‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية،‭ ‬والتهديديات‭ ‬الكيميائية‭/‬الإشعاعية،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬الصحية،‭ ‬والعلوم‭ ‬والأنظمة‭ ‬الصحية،‭ ‬وعلوم‭ ‬الحياة،‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الحيوية‭ ‬والتدابير‭ ‬المضادة‭. ‬لا‭ ‬ينظر‭ ‬المركز‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬التهديدات‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬لمصالح‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضاً‭ ‬حيث‭ ‬توجد‭ ‬الفرص‭. ‬وخلال‭ ‬افتتاح‭ ‬المركز‭ ‬قال‭ ‬مديره‭ ‬مايكل‭ ‬مابلز‭ ‬‮«‬إن‭ ‬المركز‭ ‬الوطني‭ ‬للاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬هو‭ ‬الرابط‭ ‬الحاسم‭ ‬بين‭ ‬حماية‭ ‬قواتنا‭ ‬وحماية‭ ‬الصحة‭ ‬الداخلية‭ ‬الأوسع‭ ‬وهذا‭ ‬يوضح‭ ‬المساهمة‭ ‬الحيوية‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬لأمن‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‮»‬‭. ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2020،‭ ‬ذكرت‭ ‬ABC News‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬غير‭ ‬مؤكد‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬تحذير‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬من‭ ‬جائحة‭ ‬COVID-19‭ ‬الوشيكة‭ ‬في‭ ‬ووهان‭ (‬الصين‭) ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقرير‭ ‬المركز‭ ‬الوطني‭ ‬للاستخبارات‭ ‬الطبية‭. ‬وخلال‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة‭ ‬قامت‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬بسد‭ ‬فجوات‭ ‬المعرفة‭ ‬والسياسات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بـ‭ ‬COVID-19‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬وتقديم‭ ‬إحاطات‭ ‬استخباراتية‭ ‬يومية‭ ‬حول‭ ‬أربعة‭ ‬مجالات‭: ‬علم‭ ‬الأوبئة‭ ‬والأمراض‭ ‬المعدية،‭ ‬وقدرات‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬والسياسات‭ ‬واللوائح،‭ ‬والتشخيص‭ ‬والتدخلات‭ ‬العلاجية،‭ ‬وهذا‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬القيادي‭ ‬وتطوير‭ ‬السياسات‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬الاستجابة‭ ‬للجائحة‭. ‬وأثبت‭ ‬استخدام‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬استراتيجية‭ ‬الاستجابة‭ ‬للجائحة‭ ‬المستقبلية‭ ‬إلى‭ ‬التخفيف‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية‭ ‬من‭ ‬تهديدات‭ ‬الوباء‭ ‬وتحسين‭ ‬الحماية‭ ‬الصحية‭ ‬للقوات‭.‬

تضع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مركزها‭ ‬الوطني‭ ‬للاستخبارات‭ ‬الطبية‭ ‬ضمن‭ ‬وكالة‭ ‬استخبارات‭ ‬الدفاع‭ ‬التابعة‭ ‬لها،‭ ‬إن‭ ‬وضع‭ ‬أنشطة‭ ‬مراقبة‭ ‬الأمراض‭ ‬بقوة‭ ‬ضمن‭ ‬اختصاص‭ ‬المنظمات‭ ‬العسكرية،‭ ‬يثير‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬نحو‭ ‬العسكرة‭ ‬أسئلة‭ ‬تتحدى‭ ‬تشابك‭ ‬القضايا‭ ‬الطبية‭ ‬والأمنية‭ ‬والسياسة‭ ‬الخارجية‭.‬

‮»‬‭ ‬العقيد‭ ‬المتقاعد‭ ‬المهندس‭ ‬خالد‭ ‬العنانزة‭  ‬مستشار‭ ‬ومدرب‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬والسلامة‭ ‬المهنية‭

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض