604 Web File Cover

القدرات القتالية للقوات البحرية

على‭ ‬مر‭ ‬التاريخ‭ ‬كانت‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬أو‭ ‬حرية‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬البحر،‭ ‬تعتبر‭ ‬الرهان‭ ‬الرئيسي‭ ‬للأمم‭ ‬والشعوب،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬الفوز‭ ‬بهذا‭ ‬الرهان،‭ ‬تم‭ ‬بناء‭ ‬السفن‭ ‬القتالية،‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬استخدامها‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬المحدد‭ ‬من‭ ‬استراتيجية‭ ‬الحرب‭ ‬البحرية،‭ ‬ومن‭ ‬مهمة‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الحرب،‭ ‬الهجوم‭ ‬أو‭ ‬الدفاع‭ ‬ضد‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬للعدو،‭ ‬وفي‭ ‬زمن‭ ‬السلم،‭ ‬الاستعداد‭ ‬القتالي‭ ‬الذي‭ ‬يتضمن‭ ‬بناء‭ ‬السفن‭ ‬والقواعد‭ ‬البحرية‭ ‬والتدريب‭. ‬

يقول‭ ‬الفيلسوف‭ ‬فرانسيس‭ ‬بيكون‭: ‬‮«‬سيد‭ ‬البحر‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يتمتع‭ ‬بحرية‭ ‬الفعل‭ ‬كاملة،‭ ‬بحيث‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬قدر‭ ‬استطاعته‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬والتر‭ ‬رالي‭ ‬أحد‭ ‬مهندسي‭ ‬الانتصار‭ ‬الإنجليزي‭ ‬على‭ ‬الأسطول‭ ‬البحري‭ ‬الإسباني‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1588‭: ‬‮«‬من‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬يتحكم‭ ‬بالتجارة‭ ‬ومن‭ ‬يتحكم‭ ‬بالتجارة‭ ‬العالمية‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬ثروة‭ ‬العالم‮»‬‭. ‬ويقول‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الثالث‭ ‬توماس‭ ‬جيفرسون‭ ‬واصفاً‭ ‬أهمية‭ ‬وجود‭ ‬قوات‭ ‬بحرية‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تجارتنا،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نؤسس‭ ‬قوة‭ ‬بحرية‭ ‬قوية‮»‬‭. ‬

سلاح‭ ‬البحرية‭ ‬أو‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬القوات‭ ‬المنوط‭ ‬بها‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬شواطئ‭ ‬وسواحل‭ ‬الوطن‭ ‬والقتال‭ ‬داخل‭ ‬البحر‭ ‬لحماية‭ ‬الطرق‭ ‬البحرية‭ ‬ومهاجمة‭ ‬سفن‭ ‬وشواطئ‭ ‬العدو‭. ‬وتشمل‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬عدة‭ ‬أسلحة،‭ ‬منها‭ ‬المدمرات‭ ‬والبوارج‭ ‬والقوارب‭ ‬والغواصات‭ ‬وحاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬وتشكيلها‭ ‬معاً‭ ‬بصورة‭ ‬مكتملة‭ ‬تعرف‭ ‬باسم‭ ‬أسطول‭. ‬ويمكن‭ ‬للقوات‭ ‬البحرية‭ ‬أن‭ ‬تتشكل‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬أساطيل‭.‬

البحرية‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ

لقد‭ ‬عرفت‭ ‬استراتيجية‭ ‬الحرب‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬أثينا‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬إذ‭ ‬أقنع‭ ‬القائد‭ ‬ثيميستوكليس‭ ‬مواطنيه‭ ‬بتصميم‭ ‬أسطول‭ ‬يضم‭ ‬مئتي‭ ‬سفينة،‭ ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬سيجعلهم‭ ‬أقوى‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وفعلاً‭ ‬بعد‭ ‬3‭ ‬سنوات،‭ ‬عندما‭ ‬تقدم‭ ‬الجيش‭ ‬الفارسي‭ ‬الهائل‭ ‬ومعه‭ ‬أسطول‭ ‬بحري‭ ‬للإمداد‭ ‬اللوجستي‭ ‬نحو‭ ‬أثينا،‭ ‬كانت‭ ‬فرصة‭ ‬دحره‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬برية‭ ‬صعبة‭ ‬جداً،‭ ‬ولذلك‭ ‬نظم‭ ‬ثيميستوكليس‭ ‬سفنه،‭ ‬وقام‭ ‬بإبادة‭ ‬السفن‭ ‬الفارسية،‭ ‬مما‭ ‬أجبر‭ ‬جيش‭ ‬العدو‭ ‬على‭ ‬التراجع‭ ‬وتحقيق‭ ‬هيبة‭ ‬أثينا‭. ‬

ظلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬سلاح‭ ‬بحرية‭ ‬لمدة‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وبسبب‭ ‬الهجمات‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القراصنة‭ ‬البربر،‭ ‬كان‭ ‬الحل‭ ‬وجود‭ ‬قوة‭ ‬بحرية‭ ‬مسلحة‭ ‬لحماية‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وتم‭ ‬إطلاق‭ ‬أول‭ ‬سفينة‭ ‬حربية‭ ‬للبحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1797‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الحماية‭ ‬الجيدة‭ ‬التي‭ ‬وفرتها‭ ‬تلك‭ ‬السفينة‭ ‬للتجارة،‭ ‬اقترح‭ ‬القادة‭ ‬الأمريكان‭ ‬إضافة‭ ‬سفن‭ ‬أخرى‭ ‬وتوسيع‭ ‬قدرة‭ ‬البحرية‭. ‬وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬الحرب‭ ‬مع‭ ‬فرنسا،‭ ‬وضعت‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬كبيرة‭ ‬للقيام‭ ‬بحروب‭ ‬ضد‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬لطرد‭ ‬قواتهما‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الأمريكية‭ ‬عام‭ ‬1812،‭ ‬حيث‭ ‬طردت‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬سفناً‭ ‬عديدة‭ ‬تابعة‭ ‬إلى‭ ‬البحرية‭ ‬الملكية‭ ‬البريطانية،‭ ‬ودفعت‭ ‬جميع‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬بحيرة‭ ‬إري‭ ‬وبحيرة‭ ‬شامبلين‭. ‬في‭ ‬26‭ ‬يونيو‭ ‬1897،‭ ‬أجرت‭ ‬البحرية‭ ‬الملكية‭ ‬البريطانية‭ ‬مراجعة‭ ‬على‭ ‬شرف‭ ‬اليوبيل‭ ‬الماسي‭ ‬للملكة‭ ‬فيكتوريا،‭ ‬تمثل‭ ‬المراجعة‭ ‬أكبر‭ ‬عرض‭ ‬للبوارج‭ ‬التابعة‭ ‬للقوة‭ ‬البحرية‭ ‬شهده‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

ساهم‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الحديد‭ ‬والصلب‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬في‭ ‬التوسع‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1907‭ ‬تم‭ ‬صناعة‭ ‬أسطول‭ ‬سفن‭ ‬أمريكية،‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬الأسطول‭ ‬الأبيض‭ ‬العظيم،‭ ‬قام‭ ‬بالطواف‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬خلال‭ ‬14‭ ‬شهراً،‭ ‬بأمر‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬ثيودور‭ ‬روزفلت،‭ ‬في‭ ‬مهمة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬إظهار‭ ‬قدرة‭ ‬القوات‭ ‬البحرية،‭ ‬لتمتد‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭ ‬العالمي‭. ‬وبحلول‭ ‬عام‭ ‬1911،‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬ببناء‭ ‬أسطول‭ ‬من‭ ‬البوارج‭ ‬البحرية‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ (‬سوبر‭ ‬دريدنوت‭) ‬لتصبح‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬منافسة‭ ‬بريطانيا‭.‬

بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬شاركت‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالحرب‭ ‬الكورية‭ ‬وحرب‭ ‬فيتنام،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬العمليات‭ ‬المركزة‭ ‬للبحرية‭ ‬هي‭ ‬على‭ ‬السواحل،‭ ‬وتقوم‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬حاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬لضرب‭ ‬العدو‭ ‬ومحاولة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬المدن‭ ‬الساحلية‭ ‬ونقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬والمعدات‭ ‬والمروحيات‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬والقوة‭ ‬الجوية‭ ‬إلى‭ ‬الداخل‭ ‬الفيتنامي‭.‬

دفعت‭ ‬احتمالات‭ ‬الصراع‭ ‬المسلح‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لمواصلة‭ ‬تقدمها‭ ‬التكنولوجي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬نظم‭ ‬أسلحة‭ ‬جديدة،‭ ‬وسفنها،‭ ‬وطائراتها‭. ‬تغيرت‭ ‬استراتيجية‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الانتشار‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬حلفاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬صنع‭ ‬وتطوير‭ ‬مجموعات‭ ‬من‭ ‬حاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬المقاتلة‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬انضمت‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وقوات‭ ‬حرس‭ ‬السواحل‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لاعتماد‭ ‬استراتيجية‭ ‬جديدة‭ ‬تسمى‭ ‬البحرية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التعاونية‭. ‬كما‭ ‬وضعت‭ ‬قيادة‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬قانوناً‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬11‭ ‬حاملة‭ ‬طائرات‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬الخدمة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭. ‬وتنتشر‭ ‬عادة‭ ‬حاملة‭ ‬الطائرات‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬سفن‭ ‬إضافية،‭ ‬تُشكل‭ ‬مجموعة‭ ‬هجومية‭ ‬للحاملة،‭ ‬مدعومة‭ ‬بطرادات‭ ‬ومدمرات‭ ‬وفرقاطة‭ ‬وغواصة،‭ ‬مع‭ ‬توفير‭ ‬الدفاع‭ ‬ضد‭ ‬الجو،‭ ‬والتهديدات‭ ‬تحت‭ ‬سطح‭ ‬البحر،‭ ‬كما‭ ‬يتم‭ ‬توفير‭ ‬الدعم‭ ‬اللوجستي‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬سفينة‭ ‬امدادات‭ ‬وذخائر‭. ‬

الاستراتيجية‭ ‬البحرية

على‭ ‬الأرض‭ ‬تتحرك‭ ‬الجيوش‭ ‬مقارنة‭ ‬بالبحر‭ ‬في‭ ‬مسارح‭ ‬العمليات‭ ‬الصغيرة‭ ‬نسبياً‭ ‬بأراض‭ ‬تابعة‭ ‬للمتحاربين‭ ‬الذين‭ ‬يضطرون‭ ‬إلى‭ ‬اتباع‭ ‬الطرق‭ ‬الطبيعية‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬المناطق‭ ‬المأهولة‭ ‬بالسكان‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬لذلك‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬السهولة‭ ‬اكتشاف‭ ‬أهدافها،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يعد‭ ‬اكتشاف‭ ‬وحدات‭ ‬قوات‭ ‬العدو‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬أعالي‭ ‬البحار‭ ‬كالبحث‭ ‬عن‭ ‬إبرة‭ ‬في‭ ‬كومة‭ ‬قش‭. ‬وقد‭ ‬ينجم‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬ضعف‭ ‬الدفاع‭ ‬في‭ ‬استراتيجية‭ ‬الحرب‭ ‬البحرية،‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬معرفة‭ ‬مكان‭ ‬وحدات‭ ‬قوات‭ ‬العدو‭ ‬البحرية،‭ ‬أما‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬فيكفي‭ ‬أن‭ ‬نلاحظ‭ ‬تقدم‭ ‬جيش‭ ‬العدو‭ ‬لاكتشاف‭ ‬أهدافه‭ ‬واتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬معين‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الموقف‭ ‬بفعالية‭. ‬يأتي‭ ‬أيضاً‭ ‬الضعف‭ ‬الدفاعي‭ ‬ليصيب‭ ‬التكتيكات‭ ‬البحرية،‭ ‬فعلى‭ ‬الأرض‭ ‬يمكن‭ ‬للجيش‭ ‬تعويض‭ ‬الضعف‭ ‬العددي‭ ‬باللجوء‭ ‬لقمم‭ ‬الجبال‭ ‬والغابات‭ ‬والقرى،‭ ‬بينما‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬البحر‭. ‬كما‭ ‬يعد‭ ‬البحر‭ ‬منطقة‭ ‬عبور‭ ‬دولية‭ ‬فيها‭ ‬تختلط‭ ‬مصالح‭ ‬المتحاربين‭ ‬وجهات‭ ‬خارجية‭ ‬أخرى،‭ ‬وعندما‭ ‬يتجاوز‭ ‬الفعل‭ ‬البحري‭ ‬مصالح‭ ‬الأطراف‭ ‬المحايدة،‭ ‬فإن‭ ‬العواقب‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كارثية،‭ ‬وأكبر‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬عام‭ ‬1915‭ ‬عندما‭ ‬أصابت‭ ‬غواصة‭ ‬ألمانية‭ ‬السفينة‭ ‬العملاقة‭ ‬الإنجليزية‭ (‬لستونيا‭) ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬الى‭ ‬مقتل‭ ‬128‭ ‬أمريكياً،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬خط‭ ‬المواجهة‭ ‬مع‭ ‬ألمانيا‭. ‬خلال‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر،‭ ‬حلَّ‭ ‬البخار‭ ‬محل‭ ‬الشراع،‭ ‬كما‭ ‬حلت‭ ‬البوارج‭ ‬والطرادات‭ ‬محل‭ ‬السفن‭ ‬والفرقاطات‭ ‬القديمة،‭ ‬والزوارق‭ ‬الحربية‭ ‬والطوربيدات‭ ‬محل‭ ‬سفن‭ ‬القذف‭ ‬وسفن‭ ‬الحرق‭. ‬في‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭.‬

اعتمدت‭ ‬البحرية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬حاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬والتي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجيات‭ ‬جديدة‭ ‬وأسطول‭ ‬مختلف‭ ‬تماماً‭. ‬وبحلول‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬حلت‭ ‬حاملة‭ ‬الطائرات‭ ‬محل‭ ‬السفينة‭ ‬الحربية‭ ‬باعتبارها‭ ‬السفينة‭ ‬الرئيسية‭ ‬للأسطول‭ ‬البحري‭. ‬كما‭ ‬أدى‭ ‬التقدم‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الطيران‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬الحاملة‭ ‬من‭ ‬سفينة‭ ‬توفر‭ ‬الطائرات‭ ‬لاستكشاف‭ ‬أسطول‭ ‬العدو‭ ‬وتوفير‭ ‬إمكانية‭ ‬تعديل‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬للبوارج‭ ‬إلى‭ ‬منصة‭ ‬هجوم‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭. ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬لحاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬الآن‭ ‬شن‭ ‬ضربات‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬مئات‭ ‬الأميال‭ ‬من‭ ‬أهدافها،‭ ‬بالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬السفن‭ ‬الحربية‭ ‬التي‭ ‬تستطيع‭ ‬إطلاق‭ ‬قذائفها‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬بضعة‭ ‬أميال‭ ‬فقط‭. ‬

تهديدات‭ ‬متزايدة

يهدد‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬اليوم،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬انتشار‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬العسكرية‭ ‬المتقدمة،‭ ‬بجعل‭ ‬حاملات‭ ‬الطائرات،‭ ‬وأطقمها‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬الآلاف،‭ ‬عرضة‭ ‬للهجوم‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬متزايد‭. ‬ولمواجهة‭ ‬ذلك‭ ‬تخطط‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لإنفاق‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬على‭ ‬حاملة‭ ‬طائرات‭ ‬خارقة‭ ‬جديدة،‭ ‬وتختبر‭ ‬أنظمة‭ ‬صاروخية‭ ‬جديدة‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن،‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬مجموعات‭ ‬حاملاتها‭ ‬القتالية‭. ‬إن‭ ‬التقدم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الذي‭ ‬يُعَرِّض‭ ‬حاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬للخطر‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يمهد‭ ‬الطريق‭ ‬لبعث‭ ‬السفينة‭ ‬الحربية،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬كفاءة‭ ‬وفتكاً‭ ‬ومختلفاً‭. ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬يقوم‭ ‬عدد‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬أعداء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬المحتملين‭ ‬بتطوير‭ ‬أو‭ ‬شراء‭ ‬قدرات‭ ‬عسكرية‭ ‬واستخباراتية،‭ ‬قد‭ ‬تسمح‭ ‬لهم‭ ‬قريباً‭ ‬بتشكيل‭ ‬تهديد‭ ‬خطير‭ ‬لحاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬الأمريكية‭. ‬تتضمن‭ ‬هذه‭ ‬القدرات‭ ‬ما‭ ‬يلي‭: 

قدرات‭ ‬الاستطلاع‭ ‬والقصف‭ ‬بعيد‭ ‬المدى

بالرغم‭ ‬من‭ ‬حجمها،‭ ‬فإنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬حاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬في‭ ‬البحر،‭ ‬وفي‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬تمتع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬بإمكانية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أقمار‭ ‬المراقبة‭ ‬الصناعية،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬جمع‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخبارية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تسمح‭ ‬لها‭ ‬بمراقبة‭ ‬حاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬من‭ ‬الفضاء،‭ ‬وربما‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬اقتراب‭ ‬حاملة‭ ‬الطائرات،‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لقصف‭ ‬أهدافها‭. ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬شهدت‭ ‬عمليات‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬استخدام‭ ‬حاملة‭ ‬الطائرات‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬أعالي‭ ‬البحار،‭ ‬وبالتالي‭ ‬إبقاء‭ ‬الممرات‭ ‬البحرية‭ ‬مفتوحة‭. ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬أدى‭ ‬القلق‭ ‬بشأن‭ ‬التهديدات‭ ‬الإقليمية‭ ‬مثل‭ ‬إيران‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬البحرية‭ ‬بالتركيز‭ ‬على‭ ‬العمليات‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الساحلية،‭ ‬لتقديم‭ ‬دعم‭ ‬أفضل‭ ‬للعمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬الشواطئ‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حدوث‭ ‬هجوم‭. ‬وتمتلك‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬أيضاً‭ ‬الوسائل‭ ‬اللازمة‭ ‬والصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬لضرب‭ ‬أهداف‭ ‬على‭ ‬مسافات‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬وبدقة‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭.. ‬وليس‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬معلومات‭ ‬الاستهداف‭ ‬بسرعة‭ ‬كافية‭ ‬للقيام‭ ‬بضربات‭ ‬ناجحة‭ ‬ضد‭ ‬الحاملات،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬ستكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬اختراق‭ ‬الدفاعات‭ ‬الصاروخية‭ ‬للأسطول‭ ‬الأمريكي‭. ‬لكن‭ ‬التهديد‭ ‬خطير‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬البحرية‭ ‬تنفق‭ ‬موارد‭ ‬كبيرة‭ ‬لحماية‭ ‬الحاملات‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭.‬

صواريخ‭ ‬كروز‭ ‬المضادة‭ ‬للسفن

‭ ‬تمتلك‭ ‬بعض‭ ‬الجيوش‭ ‬الآن‭ ‬صواريخ‭ ‬كروز‭ ‬مضادة‭ ‬للسفن،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬إطلاقها‭ ‬من‭ ‬الشواطئ‭ ‬أو‭ ‬الطائرات‭ ‬أو‭ ‬السفن‭ ‬أو‭ ‬الغواصات‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الصواريخ‭ ‬ليست‭ ‬رخيصة‭ ‬الثمن،‭ ‬فإنها‭ ‬استخدمت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬ومدمر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭. ‬خلال‭ ‬حرب‭ ‬الفوكلاند‭ ‬عام‭ ‬1982،‭ ‬ألحقت‭ ‬صواريخ‭ ‬إكسوسيت‭ ‬الأرجنتينية‭ ‬أضراراً‭ ‬جسيمة‭ ‬بالبحرية‭ ‬الملكية‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬1987،‭ ‬أثناء‭ ‬مرافقة‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لناقلات‭ ‬النفط‭ ‬الكويتية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬الحرب‭ ‬الإيرانية‭ ‬العراقية،‭ ‬أطلق‭ ‬العراق‭ ‬صاروخاً‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬إكسوسيت‭ ‬ألحق‭ ‬أضراراً‭ ‬بالغة‭ ‬بالسفينة‭ ‬يو‭ ‬إس‭ ‬إس‭ ‬ستارك،‭ ‬مما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬37‭ ‬من‭ ‬طاقمها‭. ‬أعرب‭ ‬قائد‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬عن‭ ‬قلقه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬حصول‭ ‬بعض‭ ‬الدول،‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت،‭ ‬على‭ ‬مخزون‭ ‬متزايد‭ ‬القدرة‭ ‬من‭ ‬صواريخ‭ ‬كروز‭ ‬المضادة‭ ‬للسفن،‭ ‬عند‭ ‬دمجها‭ ‬مع‭ ‬غواصاتها‭ ‬الهجومية،‭ ‬والصواريخ‭ ‬الباليستية،‭ ‬والألغام‭ ‬المضادة‭ ‬للسفن،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬مهمة‭ ‬الأسطول‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة‭ ‬بكثير‭. ‬

الألغام‭ ‬المضادة‭ ‬للسفن

طالما‭ ‬شكلت‭ ‬الألغام‭ ‬تحدياً‭ ‬محيراً‭ ‬للبحرية،‭ ‬إذ‭ ‬تشير‭ ‬الإحصائيات‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1950‭ ‬تعرضت‭ ‬14‭ ‬سفينة‭ ‬للألغام،‭ ‬وأصيبت‭ ‬بأضرار‭ ‬جسيمة‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬18‭ ‬سفينة‭ ‬تابعة‭ ‬للبحرية‭ ‬الأمريكية‭. ‬خلال‭ ‬حرب‭ ‬الخليج،‭ ‬تعرض‭ ‬الطراد‭ ‬يو‭ ‬إس‭ ‬إس‭ ‬برينستون‭ ‬وسفينة‭ ‬يو‭ ‬إس‭ ‬إس‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الألغام‭ ‬لأضرار‭ ‬بسبب‭ ‬الألغام‭. ‬وبعد‭ ‬حرب‭ ‬الخليج،‭ ‬وصف‭ ‬الجنرال‭ ‬شوارتزكوف‭ ‬قوة‭ ‬كاسحة‭ ‬الألغام‭ ‬التابعة‭ ‬للبحرية‭ ‬بأنها‭ (‬قديمة،‭ ‬وبطيئة،‭ ‬وغير‭ ‬فعالة،‭ ‬وغير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بالمهمة‭). ‬

واليوم،‭ ‬هناك‭ ‬48‭ ‬قوة‭ ‬بحرية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬زرع‭ ‬الألغام‭. ‬وتقوم‭ ‬إحدى‭ ‬وثلاثون‭ ‬دولة‭ ‬بتصنيع‭ ‬الألغام،‭ ‬أي‭ ‬بزيادة‭ ‬تسع‭ ‬دول‭ ‬عما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1991‭. ‬وتقوم‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬دولة‭ ‬بتصدير‭ ‬الألغام‭. ‬وقد‭ ‬جعل‭ ‬رئيس‭ ‬العمليات‭ ‬البحرية‭ ‬السابق،‭ ‬الأدميرال‭ ‬جيريمي‭ ‬بوردا،‭ ‬تحسين‭ ‬قدرات‭ ‬الخدمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬أولوية‭ ‬قصوى‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬اعترف‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬طريقة‭ ‬سهلة‭ ‬للدفاع‭ ‬ضد‭ ‬الألغام‭. ‬وأضاف‭: ‬بمجرد‭ ‬نزول‭ ‬هذه‭ ‬الألغام‭ ‬إلى‭ ‬الماء،‭ ‬ستواجه‭ ‬البحرية‭ ‬مشكلة‭ ‬كبيرة‭. ‬

الغواصات

من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتضاعف‭ ‬مبيعات‭ ‬الغواصات‭ ‬التقليدية‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬المقبل،‭ ‬حيث‭ ‬سيتم‭ ‬شراء‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬50‭ ‬إلى‭ ‬60‭ ‬غواصة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حوالي‭ ‬20‭ ‬دولة‭. ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬البحرية‭ ‬إجراء‭ ‬عمليات‭ ‬حربية‭ ‬فعالة‭ ‬ضد‭ ‬الغواصات‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الساحلية،‭ ‬حيث‭ ‬تكون‭ ‬مستويات‭ ‬الضوضاء‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬المفتوح‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الشاطئ،‭ ‬ستجعل‭ ‬حاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬مهمة‭ ‬الغواصات‭ ‬أسهل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقليل‭ ‬منطقة‭ ‬البحث‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭. ‬يمكن‭ ‬موازنة‭ ‬هذه‭ ‬المشاكل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الصعوبة‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬أساطيل‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬أثناء‭ ‬محاولتها‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬ماهرة‭ ‬في‭ ‬تشغيل‭ ‬هذه‭ ‬القطع‭ ‬المعقدة‭ ‬من‭ ‬المعدات‭ ‬العسكرية‭. ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التأثير‭ ‬التراكمي‭ ‬لهذه‭ ‬التهديدات،‭ ‬وليس‭ ‬أياً‭ ‬منها،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تآكل‭ ‬فائدة‭ ‬الحاملة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يؤدي‭ ‬انفجار‭ ‬لغم‭ ‬واحد‭ ‬إلى‭ ‬إغراق‭ ‬حاملة‭ ‬طائرات،‭ ‬لكنه‭ ‬قد‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬سرعة‭ ‬الحاملة،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬هدفاً‭ ‬أسهل‭ ‬للصواريخ‭. ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تصب‭ ‬الحاملة‭ ‬بالألغام،‭ ‬إذا‭ ‬دخلت‭ ‬حقل‭ ‬ألغام‭ ‬فقد‭ ‬تضطر‭ ‬إلى‭ ‬تقليل‭ ‬سرعتها‭ ‬لتجنب‭ ‬الألغام‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الشاطئ،‭ ‬مع‭ ‬تقليل‭ ‬أوقات‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬الهجوم،‭ ‬قد‭ ‬تتعرض‭ ‬دفاعات‭ ‬الحاملة‭ ‬للضغط،‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬نوع‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الصواريخ،‭ ‬بل‭ ‬بسبب‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬منها‭.‬

البحرية‭ ‬على‭ ‬مفترق‭ ‬طرق

يمكن‭ ‬للبحرية‭ ‬أن‭ ‬تتبع‭ ‬المسار‭ ‬المألوف‭ ‬نحو‭ ‬المستقبل،‭ ‬بالاعتماد‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬القدرات‭ ‬المجربة‭ ‬والحقيقية‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬قيمتها‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬نصف‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬أو‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تقلل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬اعتمادها‭ ‬على‭ ‬القوى‭ ‬التقليدية،‭ ‬بينما‭ ‬تستغل‭ ‬التقنيات‭ ‬الناشئة‭ ‬بسرعة‭ ‬لإنشاء‭ ‬أسطول‭ ‬مختلف‭ ‬تماماً‭ ‬لمواجهة‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬تحديات‭ ‬مستقبلية‭ ‬مختلفة‭ ‬تماماً‭. ‬باختصار،‭ ‬إذا‭ ‬أرادت‭ ‬البحرية‭ ‬القفز‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬أسطول‭ ‬أصغر‭ ‬ولكنه‭ ‬مختلف‭ ‬تماماً،‭ ‬فمن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬البحرية‭ ‬نفسها‭ ‬تحتضن‭ ‬رمزاً‭ ‬مألوفاً‭ ‬لماضيها،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬السفينة‭ ‬الحربية‭. ‬هل‭ ‬ستستغل‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬التقنيات‭ ‬الناشئة‭ ‬بسرعة‭ ‬لبناء‭ ‬هذا‭ ‬الأسطول‭ ‬المختلف‭ ‬تماماً،‭ ‬وربما‭ ‬الأكثر‭ ‬فعالية،‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬ستستخدم‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬لتحسين‭ ‬القدرات‭ ‬الحالية‭ ‬على‭ ‬الهامش؟‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر،‭ ‬الجواب‭ ‬غير‭ ‬واضح‭.‬

إن‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الصواريخ‭ ‬والتوجيه‭ ‬الدقيق،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الاستطلاع‭ ‬والاستهداف‭ ‬بعيد‭ ‬المدى،‭ ‬يمنح‭ ‬السفن‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬مدى‭ ‬الطائرات‭ ‬الحاملة‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بعمليات‭ ‬الهجوم‭. ‬بالنسبة‭ ‬للبحرية‭ ‬التي‭ ‬تشعر‭ ‬بالقلق‭ ‬إزاء‭ ‬الميزانيات‭ ‬المحدودة،‭ ‬فمن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬شراء‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السفن‭ ‬وتشغيلها‭ ‬بتكلفة‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬حاملات‭ ‬الطائرات،‭ ‬مع‭ ‬تعريض‭ ‬عدد‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬البحارة‭ ‬للخطر‭. ‬تَعِدُ‭ ‬القدرات‭ ‬الهجومية‭ ‬الناشئة‭ ‬لهذه‭ ‬‮«‬البوارج‮»‬‭ ‬الجديدة‭ ‬بتغيير‭ ‬الدور‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لحاملة‭ ‬الطائرات‭.‬

وكما‭ ‬حولت‭ ‬ثورة‭ ‬المعلومات‭ ‬عالم‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬المركزي‭ ‬إلى‭ ‬شبكة‭ ‬موزعة‭ ‬من‭ ‬الحاسبات‭ ‬المركزية‭ ‬وأجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬الشخصية،‭ ‬كذلك‭ ‬يمكنها‭ ‬تحويل‭ ‬البحرية‭ ‬المستقبلية‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬تركز‭ ‬الأساطيل‭ ‬الحالية‭ ‬على‭ ‬حاملة‭ ‬الطائرات‭ ‬باعتبارها‭ ‬محور‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الضربة‭ ‬البحرية‭ ‬وتكرس‭ ‬مواردها‭ ‬للدفاع‭ ‬عنها،‭ ‬فإن‭ ‬أسطول‭ ‬المستقبل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يوزع‭ ‬قدراته‭ ‬الهجومية‭ ‬بين‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬السفن‭ ‬المرتبطة‭ ‬بشبكة‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬الأنظمة،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬الأنظمة‮»‬‭. ‬ستشكل‭ ‬السفينة‭ ‬الموزعة‭ ‬الجديدة‭ ‬كوكبة‭ ‬من‭ ‬منصات‭ ‬الضربات‭ ‬ضمن‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬أنظمة‭ ‬المراقبة‭ ‬والاستطلاع‭ ‬وإدارة‭ ‬المعارك‭.‬

ستكون‭ ‬العقدة‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬هي‭ ‬الشكل‭ ‬الجديد‭ ‬للسفينة‭ ‬الحربية‭. ‬البحرية‭ ‬لديها‭ ‬بالفعل‭ ‬اسم‭ ‬لها‭: ‬سفينة‭ ‬الترسانة‭. ‬يعود‭ ‬مفهوم‭ ‬سفينة‭ ‬الترسانة‭ ‬إلى‭ ‬أواخر‭ ‬الثمانينات‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬سفينة‭ ‬الترسانة‭ ‬المظهر‭ ‬المهيب‭ ‬للبوارج‭ ‬التقليدية‭ ‬أو‭ ‬الحاملات‭ ‬الفائقة‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬إنها‭ ‬تبدو‭ ‬أشبه‭ ‬بالحاملة‭. ‬ستكون‭ ‬السفينة‭ ‬آلية‭ ‬للغاية‭ ‬بطاقم‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬100‭ ‬فرد‭. ‬ولتعزيز‭ ‬الحماية،‭ ‬ستكون‭ ‬شبه‭ ‬غاطسة‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬منخفض‭ ‬للغاية،‭ ‬وسيتضمن‭ ‬تصميمها‭ ‬تقنيات‭ ‬التخفي،‭ ‬وستكون‭ ‬مجهزة‭ ‬أيضاً‭ ‬بدفاعات‭ ‬نقطة‭ ‬نشطة‭ ‬للحماية‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬الصاروخية‭ ‬وتصميم‭ ‬مزدوج‭ ‬الهيكل،‭ ‬مما‭ ‬يوفر‭ ‬حماية‭ ‬جيدة‭ ‬ضد‭ ‬الألغام‭ ‬أو‭ ‬الطوربيدات‭. ‬سيتضمن‭ ‬السطح‭ ‬الطويل‭ ‬لسفينة‭ ‬الترسانة‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬أنظمة‭ ‬إطلاق‭ ‬عمودي،‭ ‬أو‭ ‬أنابيب‭ ‬صواريخ،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الذخائر‭ ‬الدقيقة‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬مثل‭ ‬صاروخ‭ ‬توماهوك‭ ‬أو‭ ‬كروز،‭ ‬يمكن‭ ‬للأنابيب‭ ‬إطلاق‭ ‬صواريخ‭ ‬مضادة‭ ‬للصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬وطائرات‭ ‬مسيرة‭ ‬يتم‭ ‬توجيهها‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬والتي‭ ‬تجمع‭ ‬البيانات‭ ‬وتنقلها‭ ‬أيضاً‭.‬

‮»‬‭ ‬العقيد‭ ‬المتقاعد‭ ‬المهندس‭ ‬خالد‭ ‬العنانزة
‭)‬مستشار‭ ‬ومدرب‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬والسلامة‭ ‬المهنية)

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض