أولت الولايات المتحدة الأمريكية منذ زمن بعيد اهتماماً بالغاً بقواتها البرية والبحرية والجوية، وأصبح جيشها صاحب لقب أقوى جيش في العالم، حيث تخصص له واشنطن سنوياً ميزانية دفاعية بمئات المليارات من الدولارات للمحافظة على قوته وهيمنته، مما يرجح كفته في أي صراع.
وقد استطاعت واشنطن لعقود طويلة المحافظة على استراتيجياتها العسكرية وتنفيذها بحرفية عالية لتأمين مصالحها ومصالح حلفائها، فميادين عمل القوات الأمريكية كثيرة ومتعددة، ولعل من أهمها ميدان عمل القوات البحرية، حيث تغطي المياه ثلاثة أرباع الكرة الأرضية، مما يسمح لأفرادها القيام بمهام عسكرية قد تعجز عنها القوات البرية والجوية ويتيح لها أيضاً الوصول إلى الأهداف بسهولة ويسر.
وللولايات المتحدة الأمريكية قوة بحرية عظمى، ولديها أسلحة وأنظمة دفاعية متطورة، يمكنها أن تسافر لآلاف الأميال في أيام وجيزة، وتبقى حول الأهداف والمصالح استعداداً للاستجابة الطارئة في الأزمات والصراعات، دون أن تنتهك سيادة الدول الأخرى.
قلعة وقاعدةعسكرية عائمة
لتحقيق استراتيجياتها ومصالحها العسكرية بحرياً، تعتمد واشنطن في تمثيل سلطتها وقوتها الردعية العسكرية على عدد كبير ومتنوع من حاملات الطائرات التي تجوب محيطات العالم، كحاملة الطائرات الشهيرة «يو إس إس نيميتز» التي توصف بأنها قلعة وقاعدة عسكرية عائمة وصمام أمان في وجه أي تهديد.
تعد حاملة الطائرات «يو إس إس نيميتز» من أهم حاملات الطائرات الأمريكية العملاقة، وواحدة من أضخم الحاملات العسكرية الحربية في العالم، حيث كانت تعد أضخم سفينة حربية في العالم حتى عام 2017، عندما بدأ تشغيل حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد فورد”، التي حصلت على هذا اللقب.
وتعتبر الحاملة «نيميتز» التي يتوفر منها 10 طرازات أداة عسكرية مهمة لجأت إليها الولايات المتحدة منذ سبعينيات القرن الماضي، في حل النزاعات في مختلف أنحاء العالم، لذلك نجدها تمثل حجر الزاوية في الوجود البحري الأمريكي العالمي، لردع الهجمات والاستجابة للأزمات والقتال.
تتألف مجموعة «نيميتز» من حاملة طائرات وقطع مدمرات وإنزال وتدخل، وتُستخدم الطائرات التي تقلع منها في شن الضربات، ودعم المعارك البرية، وحماية المقاتلين، وفرض الحصار سواء كان بحرياً أو جوياً.
ويوفر جناح الحاملة الجوي حضوراً مرئياً لإظهار القوة الأمريكية وحل الأزمات.
التسمية والتاريخ
سميت الحاملة «نيميتز» على اسم قائد الأسطول الأمريكي في المحيط الهادئ إبان الحرب العالمية الثانية، الأدميرال «تشيستر نيميتز».
ويعود تاريخ بنائها إلى العام 1968، وتم عرضها في 3 مايو 1975، ووصلت تكلفتها في ذلك الحين إلى مليار دولار، وصممت بطريقة مستحدثة في 30 يونيو 1975 كجزء من إعادة تنظيم الأسطول الأمريكي، وتم عرضها ونشرها لأول مرة باسمها (CVAN 68) في 7 يوليو 1976 عندما غادرت «نورفولك» إلى البحر المتوسط، ثم عادت إلى مرساها في «فرجينيا» بالولايات المتحدة.
الطلعات والمهام
نقلت الحاملة العملاقة مرات عديدة من موانئ الولايات المتحدة الأمريكية، إذ رست في ميناء «نورفولك» بولاية «فرجينيا» حتى عام 1987، ثم نقلت إلى محطة البحرية «بريميرتون» في ولاية واشنطن، ثم إلى المحطة الجوية البحرية في «سان دييغو».
وخارجياً، أبحرت «نيميتز» نحو البحر الأبيض المتوسط في 1 ديسمبر 1977، ومع تصاعد التوترات مع إيران بعد أن احتجزت 52 رهينة أمريكية تم إرسال الحاملة إلى المحيط الهندي في 10 سبتمبر 1979.
وفي 1 فبراير 1993تم إرسال الحاملة مرة أخرى إلى الخليج العربي، وفي الأول من سبتمبر 1997، انطلقت «نيميتز» في رحلة بحرية حول العالم، وخلال إبحارها، أمرت بالدخول إلى الخليج العربي لدعم عملية المراقبة الجنوبية ومختلف مبادرات الأمم المتحدة.
ووصلت «نيميتز» إلى موطنها الجديد في «سان دييغو» في 13 نوفمبر 2001، وفي عام 2003، تم نشر «نيميتز» ضمن عمليات «الحرية الدائمة» في العراق، وهو الاسم الرسمي الذي استخدمته حكومة الولايات المتحدة في عملياتها ضمن الحرب العالمية على الإرهاب.
وفي مايو 2005، شرعت «نيميتز» في الإبحار مجدداً لمدة ستة أشهر لدعم الحرب العالمية على الإرهاب.
وبعد مغادرة الخليج، شاركت المجموعة الضاربة التابعة لها في تمارين مشتركة مع القوات الهندية في «مالابار» عام 2005.
وفي عامي 2007 و2008، تم إرسالها لدعم التزام الولايات المتحدة بالسلام والاستقرار في المنطقة.
بعدها غادرت «نيميتز» إلى الخليج لمدة ثمانية أشهر في 31 يوليو 2009 لدعم «عمليات الحرية الدائمة».
عادت «نيميتز» إلى ميناء «إيفريت»، في ولاية «واشنطن» في مارس 2012.
وفي يناير 2015، قامت «نيميتز» بتغيير الميناء الرئيسي من «إيفريت» إلى شبه جزيرة «كيتساب» البحرية في ولاية «واشنطن».
بعد ذلك خضعت لإعادة تأهيل تقني مدة 20 شهراً، ثم أعيدت إلى العمل في 10 أكتوبر 2016.
وفي نوفمبر سنة 2020 عادت الحاملة الأكثر شهرة في الولايات المتحدة إلى الواجهة، بعد أن صعدت إيران من تهديداتها للمصالح الأمريكية مع اقتراب الذكرى الأولى لمقتل قاسم سليماني قائد فليق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الذي كان مدرجاً في قائمة الإرهاب الأمريكية منذ سنوات.
الطاقة الاستيعابية
تعتبر حاملة الطائرات الأمريكية «نيميتز» مطاراً عائماً، فلديها4 ممرات إقلاع قصير تمكنها من إطلاق ما يصل إلى أربع طائرات في الدقيقة، بالإضافة إلى وسائل هبوط متعددة.
تم تصنيع هذه القطعة البحرية العملاقة لتحمل طائرات حربية متعددة الطرازات بمجموع يصل إلى أكثر من 90 طائرة، ويوجد بداخلها حظائر خاصة بالطائرات لحمايتها من أي هجوم خارجي، كما أنها تحتوي على 4 مصاعد للطائرات تحملها إلى طابق سفلي من أجل الصيانة وإصلاح الأعطال.
وتستوعب الحاملة الأمريكية أكثر من 5 آلاف فرد ضمن طاقمها، بمن فيهم طواقم الطائرات الحربية المختلفة، كما يمكن لأطقمها البشرية أن تبقى في عرض البحر لمدة تتراوح بين 70 إلى 90 يوماً دون الحاجة إلى أي إمدادات خارجية معتمدة في ذلك على مخزوناتها من الأغذية المجففة.
المميزات
من أهم المميزات المثيرة في حاملة الطائرات الأمريكية «نيميتز» التي تعمل بأربع محركات، أنها تحتوي على مفاعلين نوويين لديهما القدرة على تشغيلها لنحو 20 عاماً دون التزود بالوقود.
وفي هذا السياق، تقول البحرية الأمريكية إن عمل الحاملة بالطاقة النووية يزيد سعتها من الذخائر بنسبة 50 بالمئة، كما يسمح لها بمضاعفة سعة خزانات الوقود الخاصة بالطائرات على متنها إلى الضعف.
كما تجدر الإشارة إلى أن حاملة الطائرات «نيميتز» لديها القدرة على حمل أكثر من 3,5 مليون جالون من الوقود.
المواصفات
يبلغ عرض سطح الطيران في هذه الحاملة نحو76,8 متر، فيما يصل عرضها عند سطح الماء نحو 40,8 متر، أما بالنسبة إلى طولها فيصل إلى 332,8 متر.
كما يبلع ارتفاع الحاملة من العارضة إلى أعلى السارية ما يعادل 23 طابقاً.
وتشير المصادر إلى أن مساحة سطح حاملة الطائرات “نيميتز” تتجاوز الـ18 ألف متر مربع، فيما يقدر وزنها بأكثر من 100 ألف طن أثناء حمولتها الكاملة، كما يقدر وزن هيكلها الفولاذي بنحو 60 ألف طن، ووزن مرساتها بنحو 30 طناً.
وتعتبر الحاملة الأمريكية العملاقة سريعة مقارنة بحجم القطع البحرية، حيث إن سرعتها تتجاوز الـ30 عقدة بحرية أي ما يعادل58,8 كيلومتر في الساعة.
الحماية والتسليح
تم تجهيز حاملة الطائرات الأمريكية بوسائل حرب إلكترونية وتزويدها بأسلحة دفاعية متطورة لحمايتها، بالإضافة إلى سفن حربية أخرى وغواصات لمرافقتها وتأمينها، كما أنها مزودة بترسانة متنوعة من الأسلحة التقليدية أبرزها الصواريخ الموجهة والصواريخ المضادة للرادارات.
التكلفة
تشير المصادر إلى أن تكلفة بناء هذه الحاملة تجاوزت الـ6 مليارات دولار فيما يقدر أن يكلف بناء واحدة منها اليوم بأكثر من 8 مليارات دولار وذلك حسب المواصفات والمميزات.
المصادر والمراجع:
https://www.nimitz.navy.mil/images/nimitzfacts3.pdf
https://www.naval-technology.com/projects/nimitz/
https://fas.org/man/dod-101/sys/ship/cvn-68.htm
https://en.wikipedia.org/wiki/USS_Nimitz
إكرام بندلة (باحثة في الشؤون العسكرية)