قامت شركة «ريثيون ميسلز آند ديفينس» التابعة لشركة «ريثيون تكنولوجيز» مؤخراً، بتسمية الطراز الجديد من رادارات الدفاع الجوي والصاروخي المتقدمة، وهي سلسلة من الرادارات المزودة بأجهزة استشعار معززة الأداء والموثوقية تساهم في تعزيز قدرتها الدفاعية ومواكبة تطور وتوسع نطاق التهديدات الحديثة اليوم ومستقبلاً.
يستحق هذا الطراز من الرادارات فائقة التطور تسمية تليق به، إذ جعل القوة والأداء ميزة حاسمة، فبات حارساً ومدافعاً يمتلك القدرة على مسح الأفق لكشف التهديدات غير المرئية، من مسافات بعيدة، وبسرعة فائقة، ومن كافة الجهات. وقد أطلقت ريثيون مسمى (GhostEye®) على هذا الطراز من الرادارات. ويسمى الرادار الذي تطوره «ريثيون ميسلز آند ديفينس» لصالح الجيش الأمريكي مستشعر الدفاع الجوي والصاروخي ذا المستوى الأدنى (LTAMDS) وهو الأول من هذا الطراز في مجموعة رادارات (GhostEye). سيستند الرادار الثاني من هذا الطراز على تطويرات مستشعر الدفاع الجوي والصاروخي ذي المستوى الأدنى في الجيش الأمريكي، حيث قامت «ريثيون ميسلز آند ديفينس» بتطويره بشكل منفصل ومتزامن، تحت اسم (GhostEye MR)، وهو رادار متوسط المدى يعزز قدرات نظام الصواريخ الوطني أرض جو المتقدم المعروف باسم (NASAMS).
بهذا يرسي رادار (GhostEye) هوية الطراز الجديد من المستشعرات الشاملة، مدعومةً بتكنولوجيا «نيتريد الغاليوم» (Gallium nitride) وقادرة على كشف التهديدات غير المرئية، من مسافات بعيدة، وبسرعات فائقة، ومن كافة الجهات.
ومع تسليم أول مستشعر دفاع جوي وصاروخي ذي المستوى الأدنى للجيش الأمريكي بحلول عام 2022، سيكون بمثابة الجيل الأحدث من رادارات الدفاع الجوي والصاروخي التي توفر إمكانات متميزة ضد التهديدات التي تتنامى أعدادها وأخطارها، مثل الصواريخ الأسرع من الصوت.
حماية من جميع الجهات
توفر هذه الرادارات تغطية بزاوية 360 درجة وتستخدم تقنيتي مصفوفة المسح الإلكتروني النشط (AESA)، و«نيتريد الغاليوم». ويجري استخدام الدارة الكهربائية المصنوعة من «نيتريد الغاليوم» تجارياً على نطاق واسع في كل شيء بدءاً من مصابيح LED وحتى الهواتف الذكية، إلا أن «ريثيون ميسلز آند ديفينس» تمتلك ورشة سبك في ماساتشوستس متخصصة في إنتاج هذه المادة لأغراض عسكرية.
وأطلقت الشركة استثمارات مهمة خلال العشرين عاماً الماضية في مادة «نيتريد الغاليوم» إلى جانب تقنية AESA والتصنيع المتطور. وتساعد تقنية «نيتريد الغاليوم» في تقوية إشارة الرادار وتحسين حساسيته لمدى أبعد ودقة أكبر مع تعزيز قدراته.
تطوير متواصل
دخل أول رادار في دائرة تركيز «ريثيون» عندما طلب الجيش الأمريكي راداراً جديداً متطوراً. وفي صيف عام 2019، أنتجت «ريثيون ميسلز آند ديفينس» رادار LTAMDS للمشاركة في مسابقة «سينس أوف» (Sense Off) التي أطلقها الجيش الأمريكي، حيث تضمن الاختبار في منطقة «وايت ساندس ميسل رينج» في نيوميكسيكو سيناريوهات واقعية ضد أهداف حقيقية وأخرى مزيفة.
ونجحت الشركة بفضل تصميمها المبتكر من التفوق على متطلبات الجيش الأمريكي وفازت بالعقد الحكومي في شهر أكتوبر من العام نفسه. وبعد أقل من خمسة أشهر من الفوز بالعقد، طورت الشركة أول مصفوفة هوائيات رادار وأكملت التجريب الداخلي لأول هوائي رادار مستخدم جزئياً لمنصة (LTAMDS). وخلال العام الأول من الاختبارات بدأ الرادار في كشف الأجسام. وقال «بيل باترسون» (Bill Patterson)، مدير برنامج LTAMDS: «وضع الجيش جدولاً صارماً وإلزامياً لأن التهديدات تتطور وتتزايد بوتيرة سريعة، كما طلبوا راداراً متطوراً وبدورنا نؤكد لهم أن العمل يسير وفق الجدول الزمني المحدد».
ومنذ الفوز بالعقد في أكتوبر 2019، تواصل «ريثيون» إحراز التقدم عبر التطوير المستمر وتحقيق إنجازات مبهرة لهذا الرادار. ومن المقرر وضع الرادارات الأولى قيد التشغيل بحلول الربع الأخير من عام 2022، مما يعني تشغيل 6 رادارات في غضون 3 سنوات من الفوز بالعقد.
التعاون مع المستخدم النهائي
لطالما شكلت مساهمات الأفراد الذين سيشغّلون الرادار جزءاً جوهرياً من عملية تطوير مستشعر الدفاع. وفي هذا السياق، استضافت «ريثيون ميسلز آند ديفينس» لقاء «سولجر تتش بوينتس» – وهو سلسلة اجتماعات تنعقد في منشآت الشركة وموقع الاختبار، حيث يشاهد الجنود ويتعاملون مع الرادار ويتبادلون الآراء مع المصممين والمهندسين ويناقشون نواحي التصميم والتطوير والمزايا لضمان مواكبة النظام لتوقعات المستخدمين. وتم تنظيم 4 مجموعات عمل من القطاع الحكومي والصناعي منذ سبتمبر 2020.
وقال بوب كيلي (Bob Kelley)، مدير قسم المتطلبات والإمكانات الأمريكية في الشركة: «توفر اجتماعات سولجر تتش بوينتس فرصة غير مسبوقة لشركة ريثيون ميسلز آند ديفينس لإشراك المستخدم النهائي.» وقد أعطت هذه اللقاءات الفرصة لأفراد الجيش الأمريكي من رؤية رادار LTAMDS عن قرب.
من جانبه، قال «إريك ماول» (Eric Maule)، مدير مشارك في قسم المتطلبات والإمكانات الأمريكية بالشركة: «منحنا استكشاف آراء الجنود باكراً خلال مرحلة تصميم المنظومة قدرة غير مسبوقة على تزويد الجيش الأمريكي بالإمكانات المناسبة في الوقت المناسب». وحرص الجيش على استثمار هذا النجاح، فخلال أحد الاجتماعات في أواخر عام 2020، أرسل الجيش فريقاً ضم موظفين من كتيبة اختبار الدفاع الجوي والصاروخي، وإدارة قدرات الجيش، والقيادة المستقبلية للجيش، والمكتب التنفيذي لبرنامج الصواريخ والطيران.
وأضاف «ماول»: «كان الفريق متشوقاً للمساعدة في توضيح مفاهيم العمليات التشغيلية ومتطلبات التشغيل لدى المستخدمين». وبدأت المناقشات حول الرادار وشملت مواضيع عديدة، بما في ذلك النشر التكتيكي، وجاهزية المعدات وتركيبها، إلى جانب استبدال الأجزاء وإزالتها. وفي حال ظهور أي تحديات مع استخدام هذا الرادار، يكون أفراد الجيش الأمريكي قادرين على التعامل معها بفضل انخراطهم في الفرق التكنولوجية والإنتاجية للرادار منذ البداية.
ويعتبر هذا العمل الجماعي عاملاً رئيسياً في نجاح الرادار. وقال «كيلي»: «تفكر «ريثيون ميسلز آند ديفينس» بطريقة تعاونية؛ مثل «يداً بيد ننجز العمل» و«نتعاون مع الجيش» مما يعني تعاوناً على كافة المستويات».
بعد نحو عامين من الفوز بالعقد، تم نقل رادار LTAMDS إلى منطقة «وايت ساندس» للاختبارات الميدانية
في أبريل 2022، وصلت أولى رادارات LTAMDS إلى منطقة «وايت ساندس ميسل رينج» التابعة للجيش الأمريكي. وهذا هو الرادار الأول من بين 6 رادارات مخطط تسليمها للجيش في عام 2022 مما يمثل بداية سلسلة من الاختبارات المكثفة لإثبات أداء ووظائف LTAMDS في بيئة تشغيلية.
في هذا الإطار، قال توم لاليبرتي (Tom Laliberty)، رئيس وحدة أعمال الحرب البرية والدفاع الجوي التابعة لشركة «ريثيون ميسلز آند ديفينس»: «بالتعاون مع الجيش، شرعنا في بناء رادار يمكنه كشف التهديدات المعقدة والمتطورة والدفاع ضدها مع تقليل عبء العمل على المشغلين - وقد قمنا بذلك باستخدام LTAMDS. يوفر الرادار أداءً أكبر ضد مجموعة واسعة من التهديدات بما في ذلك الطائرات المأهولة وغير المأهولة وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية. وقد ازداد اهتمام قوات الدفاع الجوي في جميع أنحاء العالم بنظام LTAMDS، حيث أبدت أكثر من 12 دولة اهتمامًا رسميًا بالحصول على الرادار.» وفي مايو من العام نفسه، أعلن وزير الدفاع البولندي ماريوس باشاكزاك، عن خططه للمرحلة الثانية من برنامج WISLA – من خلال توقيع خطاب طلب يشمل رادار (LTAMDS) الذي يوفر تغطية بزاوية 360 درجة. وأضاف لاليبرتي: «بات الاهتمام العالمي برادار (LTAMDS) كبيراً حيث خطت بولندا خطوة أولى مهمة لتصبح إحدى أوائل الزبائن الدوليين. ولن يوفر الرادار قدرة استثنائية لاكتشاف التهديدات المعقدة والمتطورة للدول الحليفة فحسب، بل إن قاعدة عملائنا لهذا الرادار ستستفيد من مزايا العوامل المشتركة وادخار التكاليف.»
ويعتبر الرادار أحدث مستشعر للدفاع الجوي والصاروخي للجيش الأمريكي، ويوفر بشكل ملحوظ قدرة أكبر على مواجهة مجموعة واسعة من التهديدات المتطورة لقوات الدفاع الجوي في جميع أنحاء العالم.