تحتل الطائرات المسيرة حيزاً مهماً في تسليح جيوش العالم اليوم، وأصبح الاعتماد عليها عنصراً من عناصر حسم المعارك وتحقيق النصر في الحروب، وتغيير موازين القوى الدولية.
وفي الوقت الذي تتسارع فيه التطورات التكنولوجية، وتتعدد فيه ساحات المعارك بشكل ملحوظ، باتت القوات العسكرية وأجهزتها الاستخباراتية تولي الطائرات المسيرة أهمية قصوى، لما يقدمه هذا السلاح الاستراتيجي من قدرة على أداء مهمات بالغة الحساسية ومعلومات عسكرية مهمة عن الخصوم، ونواياهم وإمكانياتهم العسكرية.
وساهم دخول الذكاء الاصطناعي في آلية عمل معظم أنظمة التسليح، في إحداث ثورة صناعية ودفاعية لا مثيل لها، خاصة في مجال الطائرات المسيرة، إذ نتجت عنها طُرز متطورة باتت تلبي مهام عسكرية وأمنية كانت تخصص لها في السابق مجموعة من الطائرات والجنود والأنظمة الدفاعية.
طائرة «إم كيو-4 سي تريتون» من «نورثروب جرومان»
قامت الطائرات المسيرة منذ ظهورها في سماء المعارك والحروب بتنفيذ العديد من المهمات الصعبة، ورسمت لمستخدميها طرق النصر والتفوق، وأعادت تشكيل أساليب خوض المعارك، ولعل أبرز هذه الطائرات المسيرة، والتي أدت دوراً مهماً في خدمة أقوى جيوش العالم، طائرة «إم كيو-4 سي تريتون» (MQ-4C Triton) الأمريكية التي تنتجها شركة «نورثروب جرومان» (Northrop Grumman).
وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية إحدى أكثر الدول ريادة في صناعة الطائرات المسيرة، وأصبح جيشها يعتمد بشكل كبير على هذه الطائرات في تنفيذ أعقد وأصعب المهام العسكرية بسبب إمكانياتها الكبيرة على التحمل ودقة عملها مقارنة بالمقاتلات والطائرات التقليدية.
وتصف العديد من التقارير والدراسات، الطائرة (MQ-4C Triton) بأنها الأفضل في العالم، وذلك بالنظر إلى سجلها الناصع من حيث الموثوقية التي تمثل سمة رئيسية لطائرات الدرون التي تحلِّق على ارتفاع عالٍ وتصمد لأوقات طويلة.
مسيرة المهام المتعددة
صممت الطائرة المسيرة العملاقة «إم كيو 4 سي ترايتون» لتكون طائرة استطلاع غير مأهولة، وبإمكانها التحليق في الجو لمدة طويلة تزيد على 24 ساعة متواصلة بنسبة 80% من الوقت الفعلي في المحطة (ETOS: Effective Time on Station)، وهي قادرة على استهداف وحدات بحرية في دائرة نصف قطرها 2000 ميل بحري، مع إمكانية وصولها إلى ارتفاعات تصل إلى 56.500 قدم، بنطاق تشغيلي يبلغ 8200 ميل بحري (15186 كم).
وتحلق الطائرة «إم كيو 4 سي» عالياً فوق ساحة العمليات، وتلتقط الصور والفيديوهات وترسلها في الوقت الحقيقي إلى القادة في جميع أنحاء العالم، كما يمكن لبعثات هذه الطائرة أن تغطي المنطقة المكافئة لجميع محيطات الكرة الأرضية 61 مرة في السنة.
طُورت الطائرة التي تعد النموذج الثاني من الطائرات المسيرة التابعة للبحرية الأمريكية، لتقديم المراقبة المباشرة وتأدية مهام الاستطلاع فوق المحيطات الواسعة والمناطق الساحلية، كذلك توفير المراقبة البحرية المستمرة والمساهمة بعمليات البحث والإنقاذ، ولتأدية العديد من الأنشطة والمهمات الاستخباراتية والتجسسية.
المواصفات والمميزات
يبلغ طول الطائرة 14.5 متر، بارتفاع 4.6 متر، ويصل طول جناحيها إلى 39.9 متر.
وتستطيع أن تستوعب حمولة داخلية بحد أقصى 1452 كجم، وحمولة خارجية تبلغ 1089 كجم، أما وزنها الإجمالي للإقلاع فيبلغ نحو 14628 كجم.
وتم بناء المسيرة «إم كيو-4 سي تريتون» من مواد تعزز تدريع هيكلها من جميع الجوانب، وتم تزويدها بأنظمة تحميها من الصواعق والجليد وتقلبات الطقس وضربات الطيور، مما يتيح لها إمكانية النزول خلال طبقات السُحب للحصول على رؤية أفضل للسفن والأهداف الأخرى في البحر عند الحاجة.
وتم تجهيز Triton بمجموعة فريدة وقوية من المستشعرات لتوفير تغطية ورؤية بـ 360 درجة على جميع الأجهزة، مما يوفر وعياً غير مسبوق بالمجال البحري يتيح للمسيرة تتبع السفن وتحديد سرعتها وفئتها وموقعها.
ويتم تشغيل المسيرة من محطات أرضية يديرها طاقم يجمع المعلومات ويحللها، مثل: الطاقم الجوي، والاستخبارات، وضباط العمليات والإدارة، والطواقم الهندسية واللوجستية.
إنفوجرافيك
إعداد: إكرام بندلة (باحثة متخصصة في الشؤون العسكرية)