تكتسب طائرات التدريب أهمية بالغة لدى القوات الجوية في مختلف جيوش العالم، حيث تلعب دوراً جوهرياً حاسماً في بناء قوة جوية متميزة وفعالة في التعامل مع تحديات الدفاع الجوي المختلفة، وتعد أداة حيوية أساسية من أدوات تدريب وتطوير الطيارين الجدد، وتجربة الأسلحة، وتطوير القدرات العسكرية.
وتوفر هذه الطائرات منخفضة التكاليف بيئة آمنة للتدريب والتعلم قبل أن يتمكن الطيارون من التحليق على طائرات حربية أكثر تعقيداً، حيث تتيح للطيارين اكتساب المهارات الأساسية في الطيران، مثل التحكم بالطائرة وتنفيذ المناورات واكتساب الثقة اللازمة للتعامل مع سيناريوهات القتال الجوي.
وتعمل طائرات التدريب أيضاً على تطوير واختبار مهارات الطيارين في مجال الدفاع الجوي العسكري، وتمكينهم من تعلم تقنيات التحليق العسكري المتقدمة وتكتيكات الهجوم والدفاع والقدرة على التعامل مع المخاطر في البيئات الجوية المعقدة.
كما يمكن استخدام طائرات التدريب لاختبار وتقييم الأنظمة والأسلحة الجوية الجديدة، فبدلاً من تعريض طائرات القتال الثمينة وطواقمها للمخاطر، يمكن استخدام طائرات التدريب لتجربة الأسلحة الجديدة وتقنيات القتال المتقدمة وتقييم كفاءتها وفعاليتها قبل استخدامها في المعارك الحقيقية.
وتستخدم طائرات التدريب في تدريب الفرق المتعددة، مثل فرق التحكم الجوي وفرق الصيانة والدعم الأرضي، مما يوفر بيئة تدريبية مشتركة لتعزيز التعاون والتنسيق بين الفرق المختلفة وتطوير مهاراتهم في التعامل مع الأنظمة الجوية المعقدة.
وتعتبر سويسرا واحدة من الدول الرائدة في مجال تصنيع طائرات التدريب العسكري، وقد نجحت كفاءة منتجات شركاتها في لفت أنظار القوات الجوية حول العالم للاستفادة من قدرات ومميزات طائرات التديريب التي باتت تشكل مطلباً أساسياً لتطوير قدرات الطيارين في القوات الجوية.
«بيلاتوس بي سي 21» Pilatus PC-21
ولعل أبرز الشركات السويسرية المتخصصة في مجال صناعة الطائرات، شركة «بيلاتوس» Pilatus التي تأسست في عام 1939، وذاع صيتها من خلال صناعة طائرة التدريب الفعالة الشهيرة «بيلاتوس بي سي 21» Pilatus PC-21.
وتعد طائرة التدريب العسكري المتقدمة «بيلاتوس بي سي 21» (Pilatus PC-21) أحد أهم وأكثر طائرات التدريب فعالية في العالم، حيث تتمتع بمميزات وتكنولوجيا حديثة، تجعلها خياراً مفضلاً منخفض التكاليف لتدريب الطيارين العسكريين وتطوير مهاراتهم، وتحسين قدراتهم القتالية، وتعزز من قدرات قواتهم الجوية، بما يسهم في بناء قوات جوية قوية ومؤهلة للتحديات العسكرية الحديثة.
تدريب تكتيكي واقعي متقدم
تعتبر «بيلاتوس بي سي 21» منصة تدريبية متطورة تسمح للطيارين الجدد بتعلم المهارات الأساسية والمتقدمة في الطيران والقتال الجوي وتكتيكاته المختلفة، إذ تمكن المتدربين من اكتساب الخبرة والتدرب على المهام والتحديات العسكرية قبل التحول إلى طائرات القتال الحقيقية.
كما تسمح محاكاة الرادار في هذه الطائرة، ونظام ربط البيانات المتكامل بتدريس تقنيات الرادار ومحاكاة نشر الأسلحة ضد الأهداف الوهمية والحقيقية.
ومن شأن هذا النوع من التدريب أن يقلل بشكل كبير أو يحل محل التدريب المكلف على الطائرات النفاثة.
ويمكن لطائرة «بيلاتوس بي سي 21»، محاكاة أي سلاح موجود في أحدث جيل من الطائرات المقاتلة، كما يمكن إجراء تدريب تكتيكي واقعي دون التكاليف الإضافية المرتبطة بأسلحة التدريب ونطاقات الأسلحة جو-أرض.
كما يمكن تدريب الطلاب على استخدام الصواريخ بعيدة المدى باستخدام محاكاة الرادار دون الحاجة إلى طائرات أخرى كهدف، ويمكن أيضاً استخدامها للتدريب على اعتراض الأهداف المرئية والاشتباكات متعددة الأهداف باستخدام أي طائرة مجهزة بشكل مشابه.
أما بالنسبة إلى التدريب على ضرب الأهداف الأرضية، فتوفر الطائرة قدرات مختلفة مثل تحديد نقطة الإطلاق والإصابة بالكمبيوتر، ورادار جو-أرض اصطناعي.
تطوير القدرات القتالية
توفر الطائرة السويسرية الفريدة تدريباً شاملاً يشمل التحليق والتدريب على التكتيكات القتالية والاستجابة للتهديدات الجوية، بما يعزز قدرات الطيارين في التعامل مع المواقف الصعبة واتخاذ القرارات السريعة في بيئة جوية تشبه الواقع.
كما تم تصميم «بيلاتوس بي سي 21» للتدريب على القدرات العسكرية المتعددة، بما في ذلك الهجوم والدفاع الجوي واستهداف الأهداف البرية والبحرية، وذلك بمستويات عالية من السلامة والأمان، بفضل نظام التحكم الإلكتروني المتقدم ونظام الاستشعار وتحذير التصادم الخاص بالطائرة.
تقليل التكاليف
دائماً ما تتعرض ميزانيات القوات الجوية في مختلف جيوش العالم لضغط مستمر، لذلك تعتبر «بيلاتوس بي سي 21» حلاً تدريبياً ذا كفاءة عالية وتكلفة منخفضة.
ويعتبر استخدام هذا النوع من طائرات التدريب بديلاً اقتصادياً فعالاً عن استخدام طائرات القتال الحقيقية، حيث إنها توفر على القوات الجوية التي تقتنيها تكاليف الصيانة والتشغيل فضلاً عن أن تكاليف قطع الغيار الخاصة بها منخفضة التكلفة، ومتاحة بسهولة مما يوفر مزيداً من الوقت والجهد لتدريب الطيارين.
تكنولوجيا متقدمة
زودت طائرة التدريب «بيلاتوس بي سي 21» بأحدث التقنيات والأنظمة الجوية المتطورة إذ تشتمل على نظام تحكم إلكتروني متقدم، وشاشات عرض رقمية، وأنظمة اتصال متطورة، مما يعزز تجربة التدريب ويسهم في تطوير مهارات الطيارين.
كما أن أنظمة تدريب هذه الطائرة متكاملة تماماً، وتوفر حلاً جاهزاً مثبت الفعالية لتوفير احتياجات الطيارين المتدربين اليوم، حيث يمكّن نظام التدريب المتكامل للطائرة المتدربين من الاطلاع على ملفات تعريف المهام وهو أمر لم يكن ممكناً من قبل سوى على الطائرات باهظة الثمن.
مواصفات ومميزات فريدة
تلقب طائرة التدريب «بيلاتوس بي سي 21» بأنها «طائرة التدرب المتقدم للقرن الحادي والعشرين»، وتم اعتمادها كنظام تدريب جديد يلبي احتياجات القوات الجوية الحديثة على مدار العقود الثلاثة القادمة، سواء من حيث القدرة أو تكلفة دورة الحياة.
وصممت هذه الطائرة بشكل جعلها تقتحم مجالاً كانت الطائرات النفاثة تحتكره.
الطائرة تعمل بمحرك دفع توربيني، وتتميز بأداء ديناميكي هوائي فائق مقارنة بأي طائرة تدريب ذات محرك توربيني مماثلة، مما يجعلها قادرة على منافسة المقاتلات في السرعة ومعدل الصعود، كما تتمتع بنظام تدريب متكامل أكثر قوة ومرونة وفعالية من حيث التكلفة من أي طائرة تدريب أخرى ذات محرك نفاث أو توربيني.
صممت الطائرة ذات المقعدين لتكون سهلة التحكم بالنسبة للمتدربين المبتدئين وفي الوقت نفسه توفر تحدي للطيارين الذين يستعدون للعمل على الخطوط الأمامية، حيث يمنح محرك «برات آند ويتني» PT6A-68B بقوة 1600 حصان ومروحة الجرافيت ذات الشفرات الخمسة، طائرة التدريب سرعة ومعدل صعود ينافس الطائرات النفاثة.
فضلاً عن ذلك، فإن طائرة «بيلاتوس بي سي 21» التي تعمل بكفاءة في مختلف الظروف الجوية، قادرة على الحفاظ على سرعات منخفضة المستوى تتجاوز 320 عقدة (593 كم / ساعة)، كما يمكن للجنيحات المدعومة هيدروليكياً وأجهزة تثبيط الدوران توليد معدلات دوران تبلغ 200 درجة في الثانية مثل الطائرات المقاتلة.
يعمل نظام إدارة الطاقة الرقمية وتعويض الانعراج التلقائي على ضمان الأداء المطلوب للتدريب المتقدم، لذلك تعتبر إمكانيات هذه الطائرة مثالية للتدريب واسع النطاق، حيث يمكن استخدامها من اليوم الأول، مما يلغي الحاجة إلى أسطول تدريب أولي ويسد فجوة الأداء بين طائرات التدريب التوربينية التقليدية والمقاتلات الرئيسية باهظة الثمن، مما يجعلها بديلاً فائقاً لطائرات الدفع التوربيني التقليدية وطائرات التدريب النفاثة.
قمرة قيادة زجاجية قابلة للتخصيص بالكامل
تحتوي طائرة التدريب السويسرية الفريدة على قمرة قيادة زجاجية رقمية بالكامل، لديها القدرة على محاكاة طائرات الخطوط الأمامية، حيث تساعد هذه المرونة على تقليص مدة عملية التدريب وزيادة معدل النجاح الإجمالي.
ونظراً لأن تكامل الأنظمة جزء أساسي من فلسفة تصميم قمرة قيادة «بيلاتوس بي سي 21»، يتم تعديل أنظمة العرض والتحكم في قمرة قيادة طائرة التدريب المتقدمة لتلائم أحدث جيل من طائرات الخطوط الأمامية قدر الإمكان، مما يساعد المتدربين على التعرف على قمرة القيادة التشغيلية في المراحل الأولى من تدريبهم، وهذا بدوره يساعد طاقم الطائرة على اكتساب المهارات الهامة لقيادة طائرات الخطوط الأمامية من اليوم الأول.
ويأتي الغطاء الزجاجي للقمرة مكوناً من قطعة واحدة ويخلو من القوس المعدني التقليدي، مما يحسن الرؤية للطيار، دون خفض حماية الطائرة من اصطدام الطيور.
ويعمل نظام التحكم البيئي والمقصورة المضغوطة على زيادة راحة الطاقم إلى أقصى حد، كما توفر مقاعد القذف (صفر-صفر) أماناً لا مثيل له مع استيعاب أوسع نطاق للقياسات البشرية في هذه الفئة من الطائرات.
تعزيز كفاءة التدريب على الأرض
الهدف من منظومة التدريب الحديثة هو تخريج طيار قادر على تلبية متطلبات الطيران المتطورة اليوم. ومع زيادة تكلفة المعدات والموارد والوقت، يجب تحقيق هذا الهدف بشكل اقتصادي بقدر المستطاع، فالتحضير والاستعداد على الأرض يقلل القلق والفشل في الجو.
وبحلول موعد قيادة المتدربين للطائرة، يجب أن يكونوا على دراية كاملة بأنظمة الطائرات ووظائف إلكترونيات الطيران، لذلك يترجم نظام التدريب الأرضي للطائرة تعلم الطلاب إلى الجو.
كما صُمم نظام التدريب المتكامل على أساس ضرورة المرونة، حيث تدرك «بيلاتوس» أن متطلبات العملاء والموارد والميزانيات مختلفة، لذلك أولت أهمية كبيرة لتقديم حلول مخصصة، وتوفر مجموعة شاملة من منتجات التدريب لتغطية جميع جوانب التدريب الأرضي من أبسط أنواع المساعدة التدريبية، مثل صورة ظلية للطائرة، إلى جهاز محاكاة طيران كامل، حيث تم تصميم جميع معدات تدريب «بيلاتوس» لدعم التعلم المتكامل والتقدمي.
إنفوجرافيك
إكرام بندلة (باحثة متخصصة في الشؤون العسكرية)
