A2_0002_Vector Smart Object

أسلحة‭ ‬الليزر‭ .. ‬هل‭ ‬تفرض‭ ‬تغييراً‭ ‬على‭ ‬المعارك‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬القتال؟

شرعت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬مؤخراً‭ ‬إلى‭ ‬تكثيف‭ ‬أبحاثها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬إنتاج‭ ‬أسلحة‭ ‬الليزر‭. ‬ففي‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬أعلنت‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬البريطانية‭ ‬عن‭ ‬نجاح‭ ‬نظام‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬‮«‬دراجون‭ ‬فاير‮»‬‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬شعاع‭ ‬ليزر‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬إسقاط‭ ‬هدف‭ ‬جوي‭. ‬وقد‭ ‬سبقت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بريطانيا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬فقد‭ ‬شرعت‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬أسلحة‭ ‬تعمل‭ ‬بالليزر‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬مدمراتها‭ ‬البحرية،‭ ‬كما‭ ‬تقوم‭ ‬بإجراء‭ ‬تجارب‭ ‬على‭ ‬نظم‭ ‬ليزرية‭ ‬برية‭ ‬وجوية‭ ‬كذلك،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬لم‭ ‬تنضج‭ ‬بعد،‭ ‬وتصل‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬التشغيل‭ ‬الكامل‭.‬

فإن‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الأخر،‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬هجوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬لحماس‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬القبة‭ ‬الحديدية‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بالليزر،‭ ‬خاصة‭ ‬بعدما‭ ‬تعرضت‭ ‬قبتها‭ ‬الحديدية‭ ‬التقليدية‭ ‬إلى‭ ‬اختراقات‭ ‬متعددة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬صواريخ‭ ‬حماس‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭. ‬

ولم‭ ‬يعد‭ ‬الأمر‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬مساعي‭ ‬الدول‭ ‬لتطوير‭ ‬نظم‭ ‬دفاع‭ ‬جوي‭ ‬تعمل‭ ‬بالليزر،‭ ‬بل‭ ‬امتدت‭ ‬أعمال‭ ‬البحث‭ ‬والتطوير‭ ‬إلى‭ ‬المركبات‭ ‬العسكرية،‭ ‬فقد‭ ‬دعت‭ ‬‮«‬خطة‭ ‬هيكل‭ ‬القوة‮»‬‭ ‬الأسترالية‭ ‬لعام‭ ‬2020‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬نظام‭ ‬أسلحة‭ ‬طاقة‭ ‬موجهة‭ ‬‮«‬قادر‭ ‬على‭ ‬هزيمة‭ ‬المركبات‭ ‬المدرعة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دبابات‭ ‬القتال‭ ‬الرئيسية‮»‬‭. ‬ويمكن‭ ‬لأسلحة‭ ‬الطاقة‭ ‬أن‭ ‬تلحق‭ ‬الضرر‭ ‬بالأنظمة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬الأجهزة‭ ‬والأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يقومون‭ ‬بتشغيلها،‭ ‬أو‭ ‬تذيب‭ ‬أو‭ ‬تحرق‭ ‬الأجزاء‭ ‬المهمة‭ ‬منها‭.‬

حلم‭ ‬قديم‭ ‬يتجدد‭ ‬

قبل‭ ‬سرد‭ ‬تاريخ‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬الليزرية‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العسكري،‭ ‬ينبغي‭ ‬أولاً‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تعد‭ ‬أحد‭ ‬أنواع‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬أسلحة‭ ‬الطاقة‭ ‬الموجهة‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬يقصد‭ ‬بها،‭ ‬وفقاً‭ ‬لموقع‭ ‬للبحرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أنها‭ ‬تلك‭ ‬‮«‬الأنظمة‭ ‬الكهرومغناطيسية‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬الطاقة‭ ‬الكيميائية‭ ‬أو‭ ‬الكهربائية‭ ‬إلى‭ ‬طاقة‭ ‬مشعة،‭ ‬وتركيزها‭ ‬على‭ ‬الهدف،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬ضرر‭ ‬مادي‭ ‬ينتج‭ ‬عنه‭ ‬تدهور‭ ‬أو‭ ‬تحييد‭ ‬أو‭ ‬هزيمة‭ ‬أو‭ ‬تدمير‭ ‬قدرة‭ ‬العدو‮»‬‭. ‬وتتخذ‭ ‬أسلحة‭ ‬‮«‬الطاقة‭ ‬الموجهة‮»‬‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشكال،‭ ‬فهي‭ ‬تأتي‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬أشعة‭ ‬ليزر،‭ ‬أو‭ ‬موجات‭ ‬راديو‭ ‬عالية،‭ ‬أو‭ ‬ميكروويف‭.‬

ويعود‭ ‬اهتمام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بأسلحة‭ ‬الليزر‭ ‬إلى‭ ‬ستينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬لتصنيع‭ ‬أول‭ ‬جهاز‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬إصدار‭ ‬شعاع‭ ‬من‭ ‬الليزر‭. ‬فقد‭ ‬تعاقد‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الأبحاث‭ ‬التقنية‮»‬،‭ ‬لإنتاج‭ ‬ليزر‭ ‬للاستخدامات‭ ‬العسكرية‭. ‬وكان‭ ‬حماس‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬كبيراً‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬الشركة‭ ‬طلبت‭ ‬حوالي‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭ ‬للقيام‭ ‬بأبحاث‭ ‬تتعلق‭ ‬بهذا‭ ‬الأمر،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬منحها‭ ‬حوالي‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬عما‭ ‬طلبته‭ ‬الشركة‭ ‬بحوالي‭ ‬ثلاثة‭ ‬أضعاف‭. ‬ثم‭ ‬شرعت‭ ‬أفرع‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وتحديداً‭ ‬القوات‭ ‬البرية‭ ‬والبحرية‭ ‬والجوية،‭ ‬للتعاقد‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬مختلفة‭ ‬لتطوير‭ ‬سلاح‭ ‬ليزري‭.‬

وبحلول‭ ‬عام‭ ‬1962،‭ ‬كان‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬ينفق‭ ‬حوالي‭ ‬50‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬سنوياً‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬سلاح‭ ‬يعمل‭ ‬بالليزر‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الليزر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬إصدار‭ ‬مستويات‭ ‬كافية‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬لصنع‭ ‬سلاح‭ ‬مناسب‭ ‬للأغراض‭ ‬العسكرية‭. ‬وبحلول‭ ‬عام‭ ‬1968،‭ ‬خلص‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مشاريعهم‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬مسدود‭. ‬وفي‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬حصل‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬‮«‬سلاح‭ ‬هجومي‭ ‬ليزري‭ ‬قصير‭ ‬المدى‮»‬‭ ‬والذي‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامه‭ ‬لإصابة‭ ‬طياري‭ ‬العدو‭ ‬وجنوده‭ ‬وأجهزة‭ ‬الاستشعار‭ ‬البصرية‭ ‬بالعمى‭ ‬من‭ ‬مسافات‭ ‬تزيد‭ ‬قليلاً‭ ‬على‭ ‬ميل‭ ‬واحد‭. ‬وقد‭ ‬أصدر‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬أوامره‭ ‬للاستمرار‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السلاح‭ ‬خلال‭ ‬عقد‭ ‬الثمانينات‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السلاح‭ ‬كان‭ ‬ينظر‭ ‬إليه‭ ‬باعتباره‭ ‬سلاحاً‭ ‬غير‭ ‬أخلاقي،‭ ‬نظراً‭ ‬لأنه‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬معاناة‭ ‬الأفراد،‭ ‬مقابل‭ ‬فوائد‭ ‬عسكرية‭ ‬محدودة‭. ‬وبحلول‭ ‬عام‭ ‬1995،‭ ‬وقبل‭ ‬استخدام‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬عمليات‭ ‬قتالية،‭ ‬وضعت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬البروتوكول‭ ‬الخاص‭ ‬بأسلحة‭ ‬الليزر‭ ‬المسببة‭ ‬للعمى،‭ ‬وهو‭ ‬البروتوكول‭ ‬الرابع‭ ‬الملحق‭ ‬باتفاقية‭ ‬حظر‭ ‬أو‭ ‬تقييد‭ ‬استعمال‭ ‬أسلحة‭ ‬تقليدية‭ ‬معينة‭ ‬لعام‭ ‬1980،‭ ‬والذي‭ ‬يحظر‭ ‬استخدام‭ ‬أسلحة‭ ‬الليزر‭ ‬المسببة‭ ‬للعمى‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬ويضبط‭ ‬نقلها‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬فاعلة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الدول‭. ‬وقد‭ ‬دخل‭ ‬البروتوكول‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1998‭. ‬وقد‭ ‬انضمت‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬إلى‭ ‬البروتوكول‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬1998‭ ‬و1999‭ ‬على‭ ‬التوالي‭. ‬ولم‭ ‬تنضم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬البروتوكول‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬مع‭ ‬امتلاك‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬لنفس‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬ومخاوف‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الدول‭ ‬المعادية‭ ‬لها‭ ‬باستخدامه‭ ‬ضد‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭. ‬

وفي‭ ‬ثمانينات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬تكثفت‭ ‬الأبحاث‭ ‬حول‭ ‬أسلحة‭ ‬الطاقة‭ ‬الموجهة،‭ ‬حيث‭ ‬أنشأت‭ ‬إدارة‭ ‬رونالد‭ ‬ريجان‭ ‬مبادرة‭ ‬الدفاع‭ ‬الاستراتيجي‭. ‬ويعود‭ ‬اهتمام‭ ‬ريجان‭ ‬بتكنولوجيا‭ ‬الصواريخ‭ ‬المضادة‭ ‬للصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬حاكماً‭ ‬لولاية‭ ‬كاليفورنيا،‭ ‬وقام‭ ‬بزيارة‭ ‬الفيزيائي‭ ‬إدوارد‭ ‬تيلر‭ ‬في‭ ‬مختبر‭ ‬لورانس‭ ‬ليفرمور‭ ‬الوطني،‭ ‬والذي‭ ‬زعم‭ ‬أن‭ ‬الليزر‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستخدم‭ ‬لاعتراض‭ ‬أي‭ ‬صاروخ‭ ‬حامل‭ ‬لرأس‭ ‬نووي‭. ‬وقد‭ ‬عرفت‭ ‬مبادرة‭ ‬ريجان‭ ‬إعلامياً‭ ‬وقتها‭ ‬بحرب‭ ‬النجوم،‭ ‬نظراً‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬أسلحة‭ ‬ليزرية‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬لإسقاط‭ ‬الصواريخ‭ ‬النووية‭. ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬فشل‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬بعدما‭ ‬كلف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬والأموال‭.‬

وقد‭ ‬استخدم‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي،‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬أشعة‭ ‬الليزر‭ ‬منخفضة‭ ‬الطاقة‭ ‬لتوجيه‭ ‬الصواريخ‭ ‬إلى‭ ‬أهدافها‭ ‬وكأجهزة‭ ‬تحديد‭ ‬المدى‭ ‬على‭ ‬دباباته،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الخليج‭ ‬الأولى‭. ‬وبحلول‭ ‬عام‭ ‬2006،‭ ‬استخدم‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬أيضاً‭ ‬أشعة‭ ‬الليزر‭ ‬منخفضة‭ ‬الطاقة‭ ‬للتسبب‭ ‬في‭ ‬العمى‭ ‬المؤقت‭ ‬لمقاتلي‭ ‬القوات‭ ‬المناوئة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬قامت‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬بتركيب‭ ‬أول‭ ‬نظام‭ ‬تسليحي‭ ‬من‭ ‬الليزر،‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬سفينة‭ ‬‮«‬يو‭ ‬إس‭ ‬إس‭ ‬بونس‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬لاختباره‭ ‬ميدانياً‭. ‬وبعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬الاختبارات‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬أفادت‭ ‬البحرية‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬يعمل‭ ‬بشكل‭ ‬مثالي‭ ‬ضد‭ ‬التهديدات‭ ‬المنخفضة،‭ ‬مثل‭ ‬القوارب‭ ‬الصغيرة‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيرة‭. ‬وبعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬الاختبارات،‭ ‬أذنت‭ ‬البحرية‭ ‬لقائد‭ ‬السفينة‭ ‬‮«‬بونس‮»‬‭ ‬باستخدام‭ ‬‮«‬النظام‮»‬‭ ‬كسلاح‭ ‬دفاعي،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬ليزر‭ ‬بقوة‭ ‬30‭ ‬كيلوواط‭.‬

وقام‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬بتركيب‭ ‬سلاح‭ ‬ليزر‭ ‬بقدرة‭ ‬50‭ ‬كيلووات‭ ‬على‭ ‬مركبة‭ ‬المشاة‭ ‬القتالية‭ ‬سترايكر،‭ ‬ونشر‭ ‬الجيش‭ ‬أربعة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬لاختبارها‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2024،‭ ‬كما‭ ‬نشرت‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬ليزر‭ ‬عالي‭ ‬الطاقة‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬السفن‭ ‬للدفاع‭ ‬ضد‭ ‬السفن‭ ‬الصغيرة‭ ‬سريعة‭ ‬الحركة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الصواريخ‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيرة‭. ‬

وتعمل‭ ‬القوات‭ ‬الجوية،‭ ‬هي‭ ‬الأخرى،‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬أسلحة‭ ‬ليزر‭ ‬عالية‭ ‬الطاقة‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الطائرات‭ ‬للقيام‭ ‬بمهام‭ ‬دفاعية‭ ‬وهجومية‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬اختبر‭ ‬سلاح‭ ‬الجو‭ ‬ليزر‭ ‬بقوة‭ ‬ميجاواط‭ ‬مثبت‭ ‬على‭ ‬طائرة‭ ‬بوينغ‭ ‬747‭ ‬معدلة،‭ ‬وأصاب‭ ‬صاروخاً‭ ‬باليستياً‭ ‬أثناء‭ ‬إطلاقه‭. ‬وتعمل‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬نظام‭ ‬أسلحة‭ ‬أصغر‭ ‬حجماً‭ ‬للطائرات‭ ‬المقاتلة‭. ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬ليزر‭ ‬أرضي‭ ‬عالي‭ ‬الطاقة‭ ‬لـ«تعمية‮»‬‭ ‬أقمار‭ ‬خصومها‭ ‬الصناعية‭.‬

مزايا‭ ‬الأسلحة‭ ‬الليزرية

تتمتع‭ ‬الأسلحة‭ ‬الليزرية‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬المزايا،‭ ‬والتي‭ ‬تجعلها‭ ‬خياراً‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬ثورياً‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬المعارك،‭ ‬وتتمثل‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬المزايا‭ ‬في‭ ‬التالي‭:‬‭ ‬

سهولة‭ ‬التوجيه‭: ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬أسلحة‭ ‬الليزر‭ ‬لا‭ ‬تتأثر‭ ‬بالجاذبية،‭ ‬مثل‭ ‬الصواريخ‭ ‬والرصاص،‭ ‬لذا‭ ‬فهي‭ ‬تنتقل‭ ‬في‭ ‬خط‭ ‬مستقيم‭. ‬وهذا‭ ‬يجعل‭ ‬التصويب‭ ‬والاستهداف‭ ‬أسهل‭ ‬وأكثر‭ ‬موثوقية‭.‬

محدودية‭ ‬الأضرار‭:‬‭ ‬تسبب‭ ‬أسلحة‭ ‬الليزر‭ ‬أضراراً‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تسخين‭ ‬المنطقة‭ ‬المستهدفة،‭ ‬ولذلك‭ ‬تتراجع‭ ‬فرص‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الاستهداف‭ ‬الخاطئ‭ ‬عبر‭ ‬ضرب‭ ‬الأجسام‭ ‬القريبة،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬بعكس‭ ‬صواريخ‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تنحرف‭ ‬على‭ ‬مسارها،‭ ‬وتلحق‭ ‬أضراراً‭ ‬بالمدنيين،‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأخطاء‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬أسلحة‭ ‬الليزر‭. ‬

السرعة‭ ‬العالية‭:‬‭  ‬تنتقل‭ ‬الموجات‭ ‬الكهرومغناطيسية‭ ‬بسرعة‭ ‬الضوء،‭ ‬ولذلك‭ ‬فهي‭ ‬أسرع‭ ‬بكثير‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬أسرع‭ ‬الأسلحة‭ ‬التقليدية‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فإن‭ ‬صاروخاً‭ ‬فرط‭ ‬صوتي‭ ‬يسافر‭ ‬بسرعة‭ ‬عشرة‭ ‬أضعاف‭ ‬سرعة‭ ‬الصوت‭ ‬نحو‭ ‬هدف‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬10‭ ‬كيلومترات،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يقطع‭ ‬هذا‭ ‬الصاروخ‭ ‬حوالي‭ ‬10‭ ‬سنتيمترات‭ ‬فقط،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يكون‭ ‬فيه‭ ‬سلاح‭ ‬الليزر‭ ‬قد‭ ‬أصاب‭ ‬الهدف‭. ‬

السعر‭ ‬المنخفض‭:‬‭ ‬تمكن‭ ‬سلاح‭ ‬‮«‬دراجون‭ ‬فاير‮»‬‭ ‬البريطاني‭ ‬من‭ ‬إطلاق‭ ‬شعاع‭ ‬ليزر‭ ‬لإسقاط‭ ‬طائرة‭ ‬مسيرة،‭ ‬وكانت‭ ‬تكلفة‭ ‬إطلاق‭ ‬الشعاع‭ ‬الواحد‭ ‬حوالي‭ ‬13‭ ‬جنيهاً‭ ‬إسترلينياً‭ ‬فقط،‭ ‬وهو‭ ‬ثمن‭ ‬منخفض‭ ‬للغاية‭ ‬مقارنة‭ ‬بنظم‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬التقليدية‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تقدر‭ ‬تكلفة‭ ‬الصاروخ‭ ‬الاعتراضي‭ ‬الواحد‭ ‬لمنظومة‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬باتريوت‭ ‬بحوالي‭ ‬2‭ ‬–‭ ‬4‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭. ‬

وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬فإن‭ ‬تكلفة‭ ‬الطائرة‭ ‬المسيرة‭ ‬تعد‭ ‬زهيدة،‭ ‬إذ‭ ‬تتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬ألفي‭ ‬وبضعة‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬تتبع‭ ‬تكتيكات‭ ‬لاستنزاف‭ ‬نظم‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬تقوم‭ ‬بإرسال‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬والصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬والمجنحة،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬اسكندر‭ ‬إم‮»‬‭  ‬و«كي‭ ‬إتش‭ ‬22‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬هذه‭ ‬الدفاعات‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬التصدي‭ ‬لأغلب‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات،‭ ‬والتي‭ ‬تصيب‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أهدافها‭. ‬ولذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تطوير‭ ‬نظم‭ ‬دفاع‭ ‬جوي‭ ‬ليزري‭ ‬قد‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭. ‬

صعوبات‭ ‬عملية

هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬أسلحة‭ ‬ليزرية‭ ‬فاعلة‭ ‬أمراً‭ ‬صعباً‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬المدى‭ ‬المنظور،‭ ‬ويمكن‭ ‬تفصيل‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

تخلف‭ ‬تقني‭ ‬قائم‭: ‬تقدر‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬1‭ ‬ميجاوات‭ (‬أو‭ ‬1000‭ ‬كيلووات‭) ‬من‭ ‬الليزر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬أضعاف‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬لنظام‭ ‬الليزر‭ ‬التكتيكي‭ ‬الأكثر‭ ‬تقدماً‭ ‬المتوفر‭ ‬حالياً،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬منع‭ ‬صاروخ‭ ‬فرط‭ ‬صوتي‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هدفه‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تحدي‭ ‬إنتاج‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬بهذه‭ ‬القوة‭ ‬العالية،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬تحدياً‭ ‬إضافياً،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬صعوبة‭ ‬نجاح‭ ‬الليزر‭ ‬في‭ ‬اختراق‭ ‬مقدمة‭ ‬صاروخ‭ ‬تفوق‭ ‬سرعته‭ ‬سرعة‭ ‬الصوت،‭ ‬نظراً‭ ‬لأن‭ ‬الصواريخ‭ ‬الفرط‭ ‬صوتية‭ ‬مصممة‭ ‬لكي‭ ‬تحمل‭ ‬درجات‭ ‬حرارة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬1700‭ ‬درجة‭.‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬بناء‭ ‬صواريخ‭ ‬ذات‭ ‬درع‭ ‬أقوى‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬حرارة‭ ‬أكبر‭ ‬أرخص‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬أشعة‭ ‬ليزر‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬طاقة‭ ‬أكبر،‭ ‬لذا،‭ ‬فإنه‭ ‬عندما‭ ‬تصبح‭ ‬نظم‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬المعتمدة‭ ‬على‭ ‬الليزر‭ ‬أكثر‭ ‬شيوعاً،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬حينها‭ ‬تطوير‭ ‬صواريخ‭ ‬فرط‭ ‬صوتية‭ ‬ذات‭ ‬درع‭ ‬أكثر‭ ‬احتمالاً‭ ‬للحرارة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ستكون‭ ‬أقل‭ ‬عرضة‭ ‬لتهديد‭ ‬الصواريخ‭ ‬الفرط‭ ‬صوتية‭.‬

التأثير‭ ‬المشتت‭ ‬للفضاء‭ ‬الجوي‭: ‬يسود‭ ‬تصور‭ ‬خاطئ‭ ‬بأن‭ ‬الليزر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬شعاع‭ ‬رفيع‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬يستمر‭ ‬في‭ ‬الانطلاق‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬إلى‭ ‬الأبد،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬صحيحاً،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬يتشتت‭ ‬بفعل‭ ‬عوامل‭ ‬عدة،‭ ‬مثل‭ ‬بخار‭ ‬الماء‭ ‬والرمل‭ ‬والملح‭ ‬والدخان‭ ‬وتلوث‭ ‬الهواء‭ ‬والمواد‭ ‬الأخرى‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭. ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتسبب‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬امتصاص‭ ‬الشعاع‭ ‬وتشتته‭ ‬واضطرابه،‭ ‬بل‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬انحراف‭ ‬الشعاع،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعله‭ ‬يخطئ‭ ‬في‭ ‬إصابة‭ ‬هدفه‭. ‬

ويؤثر‭ ‬هذا‭ ‬التشتت‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي‭ ‬على‭ ‬فاعلية‭ ‬الليزر‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬البنتاغون‭ ‬يرى‭ ‬حالياً‭ ‬أن‭ ‬فاعليته‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬نطاق‭ ‬يمتد‭ ‬لأقل‭ ‬من‭ ‬ميل‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭. ‬وحتى‭ ‬التوقعات‭ ‬المستقبلية‭ ‬الأكثر‭ ‬تفاؤلاً‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬الليزر‭ ‬سيكون‭ ‬قابلاً‭ ‬للتطبيق‭ ‬لنطاق‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬خمسة‭ ‬أميال‭.‬

الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬بضع‭ ‬ثوانٍ‭: ‬تستطيع‭ ‬أسلحة‭ ‬الليزر‭ ‬ذات‭ ‬القوى‭ ‬المقدرة‭ ‬بحوالي‭ ‬300‭ ‬كيلووات‭ ‬حرق‭ ‬إحدى‭ ‬جوانب‭ ‬الصاروخ‭ ‬المجنح‭ ‬أثناء‭ ‬الطيران،‭ ‬وذلك‭ ‬لتدميره‭ ‬أو‭ ‬إخراجه‭ ‬عن‭ ‬المسار،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬القيام‭ ‬بذلك،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تصويب‭ ‬شعاع‭ ‬الليزر‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬المكان‭ ‬بالضبط‭ ‬على‭ ‬جسم‭ ‬الصاروخ‭ ‬لفترة‭ ‬زمنية‭ ‬تقدر‭ ‬ببضع‭ ‬ثوانٍ‭.‬‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬استغرق‭ ‬الأمر‭ ‬حوالي‭ ‬15‭ ‬ثانية‭ ‬من‭ ‬إطلاق‭ ‬شعاع‭ ‬الليزر‭ ‬المستمر‭ ‬من‭ ‬سلاح‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬150‭ ‬كيلوواط‭ ‬لتدمير‭ ‬طائرة‭ ‬مسيرة‭. ‬وقد‭ ‬يؤدي‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬فشل‭ ‬الليزر‭ ‬في‭ ‬إسقاط‭ ‬الصاروخ‭ ‬المجنح،‭ ‬نظراً‭ ‬لأن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬لا‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬ثابت،‭ ‬بل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬من‭ ‬اتجاهاتها‭ ‬بسرعة‭ ‬شديدة‭. ‬

الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬طاقة‭ ‬كبيرة‭: ‬يتمثل‭ ‬أحد‭ ‬التحديات‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الجيوش‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬أشعة‭ ‬الليزر‭ ‬عالية‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬المستويات‭ ‬العالية‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬اللازمة‭ ‬لإحداث‭ ‬تأثيرات‭ ‬مدمرة‭ ‬عن‭ ‬بعد‭. ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬الليزر‭ ‬الصناعي‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬بضع‭ ‬بوصات‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬هدفه،‭ ‬فإن‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬مسافات‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬تدمير‭ ‬هدف‭ ‬قادم‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬آمنة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬نظام‭ ‬الدفاع‭ ‬الليزري،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬مئات‭ ‬الكيلوواط‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬شعاع‭ ‬الليزر‭. ‬

ويستهلك‭ ‬أصغر‭ ‬نموذج‭ ‬أولي‭ ‬لسلاح‭ ‬ليزر‭ ‬10‭ ‬كيلووات‭ ‬من‭ ‬الطاقة،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬تقريباً‭ ‬سيارة‭ ‬كهربائية‭. ‬ويسحب‭ ‬أحدث‭ ‬سلاح‭ ‬ليزر‭ ‬عالي‭ ‬الطاقة‭ ‬قيد‭ ‬التطوير‭ ‬حوالي‭ ‬300‭ ‬كيلوواط‭ ‬من‭ ‬الطاقة،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬لإمداد‭ ‬30‭ ‬منزلاً‭ ‬بالطاقة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أشعة‭ ‬الليزر‭ ‬عالية‭ ‬الطاقة‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬كفاءتها،‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬عن‭ ‬50‭% ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬الأحوال،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تولد‭ ‬كمية‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬الحرارة‭ ‬المهدرة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬إدارتها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬أشعة‭ ‬الليزر‭ ‬عالية‭ ‬الطاقة‭ ‬تتطلب‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬كبيرة‭ ‬لتوليد‭ ‬الطاقة‭ ‬وتبريد‭ ‬جهاز‭ ‬الليزر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يضع‭ ‬قيوداً‭ ‬على‭ ‬إمكانية‭ ‬نشرها‭ ‬على‭ ‬المنصات‭ ‬العسكرية‭ ‬المختلفة،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للشاحنات‭ ‬العسكرية،‭ ‬أو‭ ‬الطائرات‭ ‬المقاتلة‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬أسلحة‭ ‬ليزر‭ ‬عالية‭ ‬الطاقة،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬هذين‭ ‬المنظومتين‭ ‬يمكنهما‭ ‬حمل‭ ‬أسلحة‭ ‬الليزر‭ ‬منخفض‭ ‬الطاقة،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬إسقاط‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة،‭ ‬أو‭ ‬إعطاب‭ ‬الصواريخ‭. ‬أما‭ ‬للسفن‭ ‬والطائرات‭ ‬الأكبر‭ ‬حجماً،‭ ‬فيمكنها‭ ‬أن‭ ‬تستوعب‭ ‬أنظمة‭ ‬ليزر‭ ‬عالية‭ ‬الطاقة‭ ‬كبيرة‭ ‬الحجم‭. ‬أما‭ ‬الأنظمة‭ ‬الأرضية‭ ‬الثابتة،‭ ‬فيمكنها‭ ‬أن‭ ‬تضم‭ ‬أسلحة‭ ‬ليزر‭ ‬عالي‭ ‬الطاقة‭ ‬بسهولة‭. ‬

وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬فإنه،‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تصور‭ ‬نشر‭ ‬أسلحة‭ ‬ليزرية‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬أربعة‭ ‬عوامل‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬إمكانية‭ ‬توظيف‭ ‬الليزر‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭. ‬ويتمثل‭ ‬أول‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬المسافات‭ ‬الشاسعة‭ ‬للفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬خطأ،‭ ‬ولو‭ ‬بجزء‭ ‬من‭ ‬الدرجة،‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬سلاح‭ ‬الليزر‭ ‬الفضائي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬خطأ‭ ‬في‭ ‬إصابة‭ ‬الهدف‭ ‬بآلاف‭ ‬الكيلومترات‭. ‬ثانياً،‭ ‬ينطوي‭ ‬السفر‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬على‭ ‬سرعات‭ ‬هائلة‭ ‬بالمعايير‭ ‬الأرضية،‭ ‬حيث‭ ‬يتحرك‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬الثابت‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأرض‭ ‬بسرعة‭ ‬3‭.‬07‭ ‬كم‭/‬ثانية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الأجسام‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬المدار‭ ‬الأرضي‭ ‬المنخفض‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتحرك‭ ‬بسرعة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬8‭ ‬كم‭/‬ثانية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يضيف‭ ‬صعوبة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬أسلحة‭ ‬الليزر‭ ‬نحوها‭ ‬لاستهدافها‭. ‬وثالثاً،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المسافات‭ ‬كبيرة،‭ ‬تبقى‭ ‬الأهداف‭ ‬صغيرة‭ ‬نسبياً‭. ‬فمحطة‭ ‬الفضاء‭ ‬الدولية،‭ ‬وهي‭ ‬أكبر‭ ‬جسم‭ ‬اصطناعي‭ ‬في‭ ‬المدار‭ ‬الأرضي‭ ‬حالياً،‭ ‬يزيد‭ ‬طولها‭ ‬قليلاً‭ ‬على‭ ‬100‭ ‬متر‭. ‬أما‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬الأخرى،‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أصغر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يبلغ‭ ‬قياس‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬من‭ ‬نوعية‭ ‬‮«‬كويكبيرد‮»‬‭ ‬3‭.‬04‭ ‬م‭ ‬فقط‭. ‬ورابعاً،‭ ‬سيتطلب‭ ‬أي‭ ‬سلاح‭ ‬لليزر‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الكهرباء‭. ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬فإن‭ ‬أكثر‭ ‬البطاريات‭ ‬عملية‭ ‬هي‭ ‬بطاريات‭ ‬الليثيوم،‭ ‬وأكثر‭ ‬الطرق‭ ‬العملية‭ ‬لتوليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الوحدات‭ ‬الكهروضوئية،‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬فعاليتها‭ ‬حالياً‭ ‬إلى‭ ‬30‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬فقط،‭ ‬وخلايا‭ ‬الوقود،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬سوى‭ ‬وقود‭ ‬محدود،‭ ‬وبالتالي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المتوفرة‭ ‬حالياً‭ ‬عملية‭ ‬لتشغيل‭ ‬أشعة‭ ‬الليزر‭ ‬الفعالة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭. ‬

وسعت‭ ‬‮«‬مبادرة‭ ‬الدفاع‭ ‬الاستراتيجي‮»‬‭ ‬للرئيس‭ ‬ريجان،‭ ‬السابق‭ ‬الإشارة‭ ‬إليها،‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة،‭ ‬فقد‭ ‬عمل‭ ‬مختبر‭ ‬لورانس‭ ‬ليفرمور‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬لأشعة‭ ‬سينية‭ ‬ليزرية‭ ‬فضائية‭ ‬يتم‭ ‬إنتاجها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تفجير‭ ‬نووي،‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬إكسكاليبور‮»‬،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬المشروع‭ ‬ألغي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1992،‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر،‭ ‬لعدم‭ ‬نجاحه‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬نتائج‭.‬

الخلاصة

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬العرض‭ ‬السابق،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الأسلحة‭ ‬الليزرية‭ ‬منخفضة‭ ‬الطاقة‭ ‬هي‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الأقرب‭ ‬إلى‭ ‬الواقع،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬إسقاط‭ ‬طائرات‭ ‬مسيرة،‭ ‬أو‭ ‬أجسام‭ ‬طائرة‭ ‬صغيرة‭ ‬الحجم،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬كذلك‭ ‬ظروفاً‭ ‬مناخية‭ ‬مثالية‭ ‬لكي‭ ‬يعمل‭ ‬الليزر‭ ‬بفاعلية،‭ ‬مثل‭ ‬توفر‭ ‬مناخ‭ ‬جاف‭. ‬أما‭ ‬محاولة‭ ‬اعتراض‭ ‬الأجسام‭ ‬الأكبر‭ ‬حجماً،‭ ‬مثل‭ ‬المقاتلات‭ ‬والصواريخ‭ ‬الفرط‭ ‬صوتية‭ ‬والباليستية‭ ‬وغيرها،‭ ‬فإنها‭ ‬تتطلب‭ ‬أجهزة‭ ‬ليزر‭ ‬عالية‭ ‬الطاقة،‭ ‬ولاتزال‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬التطوير،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬فاعليتها‭ ‬لاتزال‭ ‬محل‭ ‬جدل‭ ‬نظري،‭ ‬ولذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬سوف‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬الانتظار‭ ‬حتى‭ ‬تنضج‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬وتقييم‭ ‬مدى‭ ‬فاعليتها‭. ‬أما‭ ‬نشر‭ ‬الأسلحة‭ ‬الليزرية‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬فلايزال‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬مستبعداً‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة،‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬مصدر‭ ‬يوفر‭ ‬كميات‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬

الدكتور‭ ‬شادي‭ ‬عبدالوهاب‭   ‬أستاذ‭ ‬مشارك‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الدفاع‭ ‬الوطني‭ ‬

Twitter
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض