605 Web Analyses Cover 2

التكنولوجيا الكمومية في القوات الجوية

في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬طبيعة‭ ‬الحرب‭ ‬لا‭ ‬تتغير،‭ ‬فالاستراتيجيات‭ ‬العسكرية‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬التطور‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬في‭ ‬استجابتها‭ ‬للقدرات‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬توفرها‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬الجديدة،‭ ‬ومن‭ ‬أهمها‭ ‬اليوم‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الكمومية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬لها‭ ‬تحقيق‭ ‬اختراقات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مجالات‭ ‬الحرب،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬لسباق‭ ‬مستدام‭ ‬للاستحواذ‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭. ‬

ولا‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تصريحات‭ ‬الجنرال‭ ‬مارك‭ ‬ميلي،‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬الأركان‭ ‬الأمريكية‭ ‬المشتركة،‭ ‬والتي‭ ‬أكد‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أن‭ ‬أكبر‭ ‬التغييرات‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬المقبلة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنشأ‭ ‬من‭ ‬التنامي‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والحوسبة‭ ‬الكمومية،‭ ‬وأن‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬هاتين‭ ‬التقنيتين‭ ‬وحده‭ ‬سيحدث‭ ‬تغييراً‭ ‬هائلاً‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬الحرب،‭ ‬وأنه‭ ‬لكي‭ ‬تضمن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬استمرار‭ ‬قوة‭ ‬ردعها‭ ‬وسيادتها‭ ‬يجب‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الأكثر‭ ‬تقدماً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬شهية‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬للتقنيات‭ ‬الكمومية‭ ‬آخذة‭ ‬في‭ ‬التزايد،‭ ‬وأن‭ ‬التقدم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الذي‭ ‬ستحققه‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬تقدماً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬وفي‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬القادمة‭ ‬بات‭ ‬أمراً‭ ‬ملموساً‭ ‬وحتمياً،‭ ‬ما‭ ‬زلنا‭ ‬بعيدين‭ ‬عما‭ ‬بات‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬الكمومية‮»‬‭. ‬

ويتفق‭ ‬المتخصصون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التقنيات‭ ‬الكمومية‭ ‬ستوفر‭ ‬سرعة‭ ‬استراتيجية‭ ‬وتكتيكية‭ ‬ومعرفة‭ ‬متعمقة‭ ‬بساحة‭ ‬المعركة،‭ ‬ما‭ ‬يسمح‭ ‬للجيوش‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬سرعة‭ ‬وأكثر‭ ‬اطلاعاً‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬المعقدة‭ ‬لساحات‭ ‬الحرب،‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬الجيوش‭ ‬من‭ ‬التغلب‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬اليقين‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تسود‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭. ‬

لذا،‭ ‬فلا‭ ‬غرابة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬تستثمر‭ ‬بكثافة‭ ‬في‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الكم،‭ ‬وتقود‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬هذا‭ ‬السباق‭ ‬حالياً،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬دولاً‭ ‬أوروبية‭ ‬مثل‭ ‬فرنسا‭ ‬باتت‭ ‬تستثمر‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الكمومية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬فقد‭ ‬وقعت‭ ‬فرنسا‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬مؤخراً‭ ‬اتفاقية‭ ‬بين‭ ‬المديرية‭ ‬العامة‭ ‬لتسليح‭ ‬الجيوش‭ ‬وخمس‭ ‬شركات‭ ‬ناشئة‭ ‬لتطوير‭ ‬جهازي‭ ‬كمبيوتر‭ ‬كمي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مشروع‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬PROQCIMA،‭ ‬خصص‭ ‬له‭ ‬500‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬10‭ ‬سنوات‭.‬

تهدف‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬سطورها‭ ‬القادمة‭ ‬إلى‭ ‬تعيين‭ ‬أهم‭ ‬استخدامات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الكمومية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭. ‬

تحسين‭ ‬الربط‭ ‬العملياتي‭:‬‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬تأثر‭ ‬المجالات‭ ‬التقليدية‭ ‬للحروب‭ ‬مثل‭ ‬الأرض‭ ‬والجو‭ ‬والبحر‭ ‬بالتقنيات‭ ‬الكمومية،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضاً‭ ‬الفضاء‭ ‬والفضاء‭ ‬الإلكتروني‭ ‬وحتى‭ ‬المجال‭ ‬المعرفي‭. ‬ومن‭ ‬أكثر‭ ‬المجالات‭ ‬تأثراً‭ ‬بالتقنيات‭ ‬الكمومية‭ ‬مجال‭ ‬التشفير‭ ‬والقيادة‭ ‬والسيطرة‭ ‬وبشكل‭ ‬خاص‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬ISTAR‭ (‬الاستخبارات‭ ‬والمراقبة‭ ‬وتحديد‭ ‬الأهداف‭ ‬والاستطلاع‭). ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الجيوش‭ ‬الحديثة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬فائق‭ ‬للربط‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬وظائف‭ ‬المعركة،‭ ‬وذلك‭ ‬لمساعدة‭ ‬القوة‭ ‬القتالية‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستشعار‭ ‬وإدارة‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬جمعها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬ISTAR،‭ ‬والذي‭ ‬هو‭ ‬اختصار‭ ‬مجمع‭ ‬للمصطلحات‭ ‬الإنجليزية‭ ‬الأربعة‭: ‬الاستخبارات‭ ‬Intelligence‭ ‬والمراقبة‭ ‬Surveillance‭ ‬والاستحواذTarget Acquisition‭ ‬والاستطلاع‭ ‬Reconnaissance‭. ‬

‬تحسين‭ ‬االوعي‭ ‬الظرفيب‭ ‬والاستشراف‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرار‭:‬‭ ‬تَعِد‭ ‬التقنيات‭ ‬الكمومية‭ ‬بتحسين‭ ‬‮«‬الوعي‭ ‬الظرفي‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬السياقي‮»‬‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة‭ ‬والتشفير‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬السيبرانية،‭ ‬حيث‭ ‬ستوفر‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الكمومية‭ ‬تفوقاً‭ ‬عملياتياً‭ ‬واضحاً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نواقل‭ ‬هجوم‭ ‬سريعة‭ ‬جداً‭ ‬وفعالة‭ ‬جداً‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التشفير‭ ‬غير‭ ‬المتماثل‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التشفير‭ ‬المتماثل،‭ ‬وذلك‭ ‬بفضل‭ ‬قوة‭ ‬الحوسبة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭. ‬باختصار،‭ ‬يستطيع‭ ‬الحاسوب‭ ‬الكمي‭ ‬اختبار‭ ‬70‭ ‬مليار‭ ‬احتمال‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬واحد‭.‬

في‭ ‬ذلك‭ ‬السياق،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬الكمومية‭ ‬دوراً‭ ‬رئيسياً‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬القيادة‭ ‬والتحكم‭ (‬C2‭) ‬التي‭ ‬يتمحور‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬وتقديم‭ ‬الوعي‭ ‬الظرفي‭ ‬والمساعدة‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬والمراقبة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬محاكاة‭ ‬مختلف‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المحتملة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬أفضل‭ ‬الظروف‭ ‬لاتخاذ‭ ‬أفضل‭ ‬قرار‭. ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬لأجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬الكمومية‭ ‬تحسين‭ ‬وتسريع‭ ‬عمليات‭ ‬محاكاة‭ ‬السيناريو‭ ‬أو‭ ‬معالجة‭ ‬وتحليل‭ ‬البيانات‭ ‬الضخمة‭ ‬من‭ ‬ISR‭ ‬‭(‬الاستخبارات‭ ‬والمراقبة‭ ‬والاستطلاع‭) ‬لتحسين‭ ‬الوعي‭ ‬الظرفي‭. ‬وبدون‭ ‬مبالغة،‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نتخيل‭ ‬أن‭ ‬مركزاً‭ ‬للتخطيط‭ ‬ومراقبة‭ ‬العمليات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬كلي‭ ‬المعرفة‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة،‭ ‬ويحرر‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬‮«‬ضباب‭ ‬الحرب‮»‬‭ ‬أو‭ ‬اللايقين‭. ‬تقترب‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الكمومية‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬طفرات‭ ‬تحسينية‭ ‬على‭ ‬المستوي‭ ‬العملياتي‭ ‬المتعلق‭ ‬بـ‭: ‬الموقع،‭ ‬الملاحة‭ ‬والتوقيت‭ ‬لتحقيق‭ ‬ضربات‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬ودقة‭ (‬PNT‭). ‬

تحسين‭ ‬الصناعات‭ ‬العسكرية‭ ‬الجوية‭: ‬كما‭ ‬ستلعب‭ ‬التقنيات‭ ‬الكمومية‭ ‬أيضاً‭ ‬دوراً‭ ‬رئيسياً‭ ‬في‭ ‬تسريع‭ ‬وجعل‭ ‬دورات‭ ‬تصميم‭ ‬الأجهزة‭ ‬الخاصة‭ ‬بسلاح‭ ‬الجو‭ ‬وتطويرها‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تسريع‭ ‬حل‭ ‬المشكلات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالصناعة‭. ‬سينعكس‭ ‬هذا‭ ‬بالإيجاب‭ ‬على‭ ‬مجالات‭ ‬متنوعة‭ ‬مثل‭ ‬الديناميكا‭ ‬الهوائية‭ ‬للصواريخ‭ ‬والطائرات‭ ‬المقاتلة‭ ‬وتحسين‭ ‬صنع‭ ‬تحميل‭ ‬الطائرات‭.‬

‬تحسين‭ ‬سلاسل‭ ‬التوريد‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ (‬اللوجستية‭ ‬الكمومية‭):‬‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬التقليدية‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬التعامل‭ ‬إلا‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬المتغيرات‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬بكفاءة‭. ‬ولذلك‭ ‬تمثل‭ ‬الخدمات‭ ‬اللوجستية‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬احتياجات‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬تحدياً‭ ‬لقدرات‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬التقليدية‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التوقعات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بسلاسل‭ ‬التوريد‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬التقليدية‭ ‬هي‭ ‬مجرد‭ ‬افتراضات‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬التخمين‭ ‬الفوضوي‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقدمه‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬الكمومي‭. ‬

أبرزت‭ ‬DARPA‭ (‬وكالة‭ ‬مشاريع‭ ‬أبحاث‭ ‬الدفاع‭ ‬المتقدمة‭ ‬‏التابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭)‬،‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬أن‭ ‬تطبيق‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الكمومية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحسن‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬تخطيط‭ ‬وتوجيه‭ ‬وإدارة‭ ‬سلسلة‭ ‬التوريد‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬اللوجستي،‭ ‬ستلعب‭ ‬الحوسبة‭ ‬الكمومية‭ ‬دوراً‭ ‬رئيسياً‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬تسليم‭ ‬المواد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الفعلي‭. ‬ولأن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الكمومية‭ ‬ستزيد‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬كميات‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬البيانات‭ ‬أنياً،‭ ‬ما‭ ‬يسمح،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬للطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬بتسليم‭ ‬قطع‭ ‬الغيار‭ ‬أو‭ ‬الذخيرة‭ ‬إلى‭ ‬الوحدات‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬قتال‭ ‬مع‭ ‬العدو‭ ‬بشكل‭ ‬سيتفوق‭ ‬على‭ ‬الحلول‭ ‬الحالية‭ ‬مثل‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالروبوتات‭. ‬

من‭ ‬جانبها،‭ ‬أعلنت‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية‭ ‬عن‭ ‬أول‭ ‬عقد‭ ‬لبرامج‭ ‬الحوسبة‭ ‬الكمومية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الخدمات‭ ‬اللوجستية‭ ‬العسكرية،‭ ‬حيث‭ ‬وقعت‭ ‬مؤخراً‭ ‬أول‭ ‬اتفاق‭ ‬لها‭ ‬لبرامج‭ ‬الحوسبة‭ ‬الكمومية‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬أبحاث‭ ‬الكم‭ (‬Quantum Research Sciences‭) ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬2‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬لبناء‭ ‬ودعم‭ ‬برامج‭ ‬الحوسبة‭ ‬الكمومية‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الخدمات‭ ‬اللوجستية‭ ‬العالمية‭ ‬للقوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬حقبة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬اللوجستية‭ ‬الجوية‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭. ‬وقال‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للشركة‭ ‬إيثان‭ ‬كريمينز‭ ‬إن‭ ‬الشركة‭ ‬استخدمت‭ ‬كمبيوتراً‭ ‬كمياً‭ ‬لتحديد‭ ‬مستويات‭ ‬المخزون‭ ‬المثالي‭ ‬بدقة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأجزاء‭ ‬ذات‭ ‬الطلب‭ ‬المتقطع‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬المتكرر‭. ‬

غالبية‭ ‬المخزون‭ ‬العالمي،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الصناعة‭ ‬العسكرية‭ ‬أو‭ ‬الخاصة،‭ ‬موجود‭ ‬على‭ ‬الأرفف‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬التنبؤ‭ ‬بطلب‭ ‬المستخدم‭. ‬تعتبر‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مخزونها‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التنبؤ‭ ‬به،‭ ‬والنتيجة‭ ‬هي‭ ‬وجود‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬جداً‭ ‬أو‭ ‬قليل‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬الأجزاء‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬التوريد‭. ‬وتؤكد‭ ‬الدراسات‭ ‬أن‭ ‬برنامج‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬الكمي‭ ‬لشركة‭ ‬QRS‭ ‬والتي‭ ‬تعاقدت‭ ‬على‭ ‬استخدامه‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لمدة‭ ‬3‭ ‬سنوات،‭ ‬يحقق‭ ‬تحسيناً‭ ‬بنسبة‭ ‬28‭% ‬مقارنة‭ ‬بأجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التوريد‭ ‬فقط‭. ‬فالبرنامج‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬عدد‭ ‬العناصر‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬المخزون،‭ ‬بل‭ ‬يجيب‭ ‬عن‭ ‬ثلاثة‭ ‬تساؤلات‭ ‬رئيسية‭: ‬كم‭ ‬عدد‭ ‬القطع‭ ‬المطلوبة،‭ ‬ومتى‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إليها،‭ ‬وكيف‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬استخدامها‭.‬

‬ثورة‭ ‬في‭ ‬الاتصالات‭:‬‭ ‬يعتمد‭ ‬مبدأ‭ ‬تشغيل‭ ‬أنظمة‭ ‬الاتصال‭ ‬أو‭ ‬الكشف‭ ‬الكمي‭ ‬على‭ ‬التشابك‭ ‬الكمي‭ (‬للتبسيط،‭ ‬ينتج‭ ‬من‭ ‬تقسيم‭ ‬الفوتونات‭ (‬مثل‭ ‬الانقسام‭ ‬الخلوي‭) ‬والتي‭ ‬ستظل‭ ‬مرتبطة‭ ‬ببعضها‭ ‬بعضاً‭ ‬بسبب‭ ‬خصائصها‭ ‬الكمومية،‭ ‬رغم‭ ‬بعد‭ ‬المسافات‭). ‬

وهكذا‭ ‬وضعت‭ ‬الصين‭ ‬Micius‭ ‬أو‭ ‬Mozi،‭ ‬أول‭ ‬منصة‭ ‬للإرسال‭ ‬الكمومي،‭ ‬في‭ ‬المدار،‭ ‬مما‭ ‬يضمن‭ ‬درجة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬من‭ ‬أمن‭ ‬الاتصالات‭. ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬ومكّن‭ ‬من‭ ‬الإرسال‭ ‬لمسافة‭ ‬7400‭ ‬كيلومتر‭ ‬بين‭ ‬بكين‭ ‬وفيينا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توزيع‭ ‬مفاتيح‭ ‬التشفير‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬نقل‭ ‬ميسيوس‭ ‬تيارات‭ ‬من‭ ‬الفوتونات‭ ‬المتشابكة‭ ‬بين‭ ‬محطتين‭ ‬تفصل‭ ‬بينهما‭ ‬مسافة‭ ‬1200‭ ‬كيلومتر،‭ ‬ليلعب‭ ‬بشكل‭ ‬فعال‭ ‬دور‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬للاتصالات‭ ‬أمن‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للاختراق‭. ‬وتعتزم‭ ‬الصين‭ ‬أن‭ ‬تمتلك‭ ‬20‭ ‬قمراً‭ ‬صناعياً‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬النوع،‭ ‬وبالتالي‭ ‬إنشاء‭ ‬أول‭ ‬شبكة‭ ‬اتصالات‭ ‬كمومية‭.‬

ثورة‭ ‬في‭ ‬الكشف‭ ‬والرصد‭:‬‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬مبدأ‭ ‬التشابك‭ ‬الكمي‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬الكشف‭ ‬والرصد‭. ‬بعد‭ ‬الانقسام،‭ ‬يمكن‭ ‬للفوتونات‭ ‬المنقولة‭ ‬بواسطة‭ ‬الموجات‭ ‬الميكروية‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دور‭ ‬‮«‬ping‮»‬‭ ‬السونار‭ ‬أو‭ ‬موجة‭ ‬الرادار‭ ‬لعمليات‭ ‬الكشف‭ ‬والمسح‭ ‬والرصد‭ ‬الراداري‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬100‭ ‬كيلومتر‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي،‭ ‬ويقال‭ ‬إن‭ ‬الصين‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تجارب‭ ‬لكشف‭ ‬راداري‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬1000‭ ‬كيلومتر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭.‬

كما‭ ‬تستخدم‭ ‬التقنيات‭ ‬الكمومية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬في‭ ‬هوائيات‭ ‬الاستقبال‭ ‬المصغرة‭ ‬RF،‭ ‬وأيضاً‭ ‬أنظمة‭ ‬تصوير‭ ‬ثلاثية‭ ‬الأبعاد‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مفيدة‭ ‬لرسم‭ ‬خرائط‭ ‬للمنشآت‭ ‬الموجودة‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭ ‬وتسمح‭ ‬بالكشف‭ ‬والرصد‭ ‬في‭ ‬البيئات‭ ‬الصعبة‭: ‬الطقس‭ ‬الضبابي،‭ ‬المناطق‭ ‬المتربة،‭ ‬الأدغال‭. ‬

وستكون‭ ‬هوائيات‭ ‬الطائرات‭ ‬وأجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬وأنظمة‭ ‬الاتصالات‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الطائرات‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬الثورية،‭ ‬والتي‭ ‬ستحسن‭ ‬مرونتها‭ ‬ودقتها‭.‬

وتتمتع‭ ‬المستشعرات‭ ‬الكمومية‭ ‬بميزتين‭ ‬رئيسيتين‭: ‬فهي‭ ‬صغيرة‭ ‬جداً‭ ‬وحساسة‭ ‬للغاية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهي‭ ‬دقيقة‭ ‬للغاية‭. ‬ولذلك‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬تصغير‭ ‬بعض‭ ‬المعدات‭ ‬مع‭ ‬تحسين‭ ‬الأداء‭. ‬وسيكون‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الحال،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهوائيات‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬على‭ ‬الطائرات‭. ‬وستكون‭ ‬مساحة‭ ‬سطح‭ ‬الهوائي‭ ‬الكمي‭ ‬صغيرة‭ ‬مثل‭ ‬سنتيمتر‭ ‬مربع‭ ‬واحد،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬سيكون‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬التقاط‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬الترددات،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الترددات‭ ‬المنخفضة‭ ‬جداً،‭ ‬والتي‭ ‬تتطلب‭ ‬تقليدياً‭ ‬أبعاد‭ ‬هوائي‭ ‬أكبر‭. ‬وسيكون‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬دمجها‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬الطائرة‭ ‬وحتى‭ ‬وضعها‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬طائرات‭ ‬صغيرة‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭. ‬

‬توفير‭ ‬أنظمة‭ ‬ملاحة‭ ‬مستقلة‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‭ (‬GPS‭):‬‭ ‬اليوم،‭ ‬يتم‭ ‬قياس‭ ‬مسار‭ ‬الطائرة‭ ‬باستخدام‭ ‬الجيروسكوبات‭ ‬Gyroscope‭ ‬الضوئية‭ ‬التي‭ ‬تمكن‭ ‬‮«‬وحدة‭ ‬القصور‭ ‬الذاتي‮»‬‭ ‬بالطائرة‭ ‬من‭ ‬تحديد‭ ‬موقع‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬بيئتها‭. ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬تتراكم‭ ‬فيها‭ ‬عدم‭ ‬الدقة‭ ‬مع‭ ‬تقدم‭ ‬الرحلة،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬الانحراف‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬الممارسة‭ ‬العملية،‭ ‬لأن‭ ‬النظام‭ ‬يستخدم‭ ‬أيضاً‭ ‬بيانات‭ ‬من‭ ‬أنظمة‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬والملاحة‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬مثل‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‭ (‬GPS‭) ‬أو‭ ‬‮«‬غاليليو‮»‬‭. ‬

‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬تشويش‭ ‬إشارة‭ ‬GPS،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬مشكلة‭ ‬كبيرة،‭ ‬خاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للطائرات‭ ‬العسكرية‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬مسارح‭ ‬العمليات‭. ‬توفر‭ ‬التقنيات‭ ‬الكمومية‭ ‬حلاً‭ ‬لضمان‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬بدقة‭ ‬شديدة،‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‭ (‬GPS‭) . ‬الفكرة‭ ‬هي‭ ‬استبدال‭ ‬العناصر‭ ‬الميكانيكية‭ ‬والبصرية‭ ‬لوحدات‭ ‬القصور‭ ‬الذاتي‭ ‬الحالية‭ ‬بأجهزة‭ ‬كمومية‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬ذرات‭ ‬باردة،‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬الصفر‭ ‬المطلق‭ (-‬273‭ ‬درجة‭). ‬ما‭ ‬يحسن‭ ‬من‭ ‬دقة‭ ‬وحدات‭ ‬القصور‭ ‬الذاتي‭ ‬التقليدية‭ ‬بمعامل‭ ‬100،‭ ‬ما‭ ‬يوفر‭ ‬دقة‭ ‬تعادل‭ ‬دقة‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‭ . (‬GPS‭) ‬يفتح‭ ‬هذا‭ ‬الابتكار‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬تطوير‭ ‬نظام‭ ‬ملاحة‭ ‬مستقل‭ ‬تماماً‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‭ (‬GPS‭) ‬أو‭ ‬نظام‭ ‬غاليليو،‭ ‬ويمكن‭ ‬دمجه‭ ‬في‭ ‬الطائرات‭ ‬العسكرية‭ ‬التقليدية‭ ‬والطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭. ‬وسيستفيد‭ ‬منه‭ ‬برنامج‭ ‬القتال‭ ‬الجوي‭ ‬المستقبلي‭ ‬الفرنسي‭ ‬الألماني‭ ‬الإسباني‭ (‬Scaf‭).‬

‭ ‬الخاتمة

أصبحت‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الكمومية‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬متزايدة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬عودة‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬والتوترات‭ ‬الدولية‭ ‬المتشابكة‭ ‬والمعقدة‭. ‬لذا‭ ‬تنخرط‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التفوق‭ ‬الكمومي‭ ‬مخافة‭ ‬فقدان‭ ‬تفوقها‭ ‬العسكري‭. ‬ولهذا‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬سوق‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الكمومية‭ ‬العسكرية‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬النمو،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬184‭.‬6‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬ملياري‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2035‭. ‬وسيبلغ‭ ‬معدل‭ ‬النمو‭ ‬السنوي‭ ‬للفترة‭ ‬2024‭-‬2035،‭ ‬25‭.‬57‭%. ‬

ولن‭ ‬تكون‭ ‬القدرات‭ ‬الكمومية‭ ‬المستقبلية‭ ‬ممكنة‭ ‬بدون‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬الثورة‭ ‬الكمومية‭ ‬الثانية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬بإعادة‭ ‬تعريف‭ ‬الحوسبة‭ ‬والأمن‭ ‬والمجالات‭ ‬الأخرى‭. ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬الثانية‭ ‬يمكن‭ ‬مقارنتها‭ ‬بتأثير‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭. ‬وهي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬عزل‭ ‬الأجسام‭ ‬الكمومية‭ ‬والتحكم‭ ‬فيها،‭ ‬وكذا‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬اتصالات‭ ‬فائقة‭ ‬الأمان،‭ ‬ولاقطات‭ ‬فائقة‭ ‬الحساسية‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬إتاحة‭ ‬قياسات‭ ‬ذات‭ ‬دقة‭ ‬لا‭ ‬تضاهى‭. ‬كما‭ ‬توفر‭ ‬الثورة‭ ‬الثانية‭ ‬إمكانات‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬لحل‭ ‬المشكلات‭ ‬المعقدة‭ ‬وتفتح‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الآفاق‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬الحروب‭.‬

وبعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬غير‭ ‬المتكافئة،‭ ‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬شديدة‭ ‬الحدة‭ ‬على‭ ‬أثر‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬تقوم‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬بتمويل‭ ‬تطوير‭ ‬التقنيات‭ ‬الكمومية‭ ‬التخريبية‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬خطر‭ ‬قيام‭ ‬أجهزة‭ ‬استخبارات‭ ‬معادية‭ ‬بجمع‭ ‬البيانات‭ ‬المشفرة‭ ‬لفك‭ ‬تشفيرها‭ ‬لاحقاً‭ (‬اجمع‭ ‬الآن،‭ ‬فك‭ ‬التشفير‭ ‬لاحقاً‭) ‬باستخدام‭ ‬جهاز‭ ‬كمبيوتر‭ ‬كمومي‭ ‬يشكل‭ ‬خطراً‭ ‬حقيقياً‭ ‬للغاية‭. ‬ولذلك‭ ‬يرى‭ ‬الخبراء‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬تحقيق‭ ‬التشفير‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الكمي‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‭. ‬ومن‭ ‬جانبها‭ ‬تحذر‭ ‬الوكالة‭ ‬الفرنسية‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬ANSSI‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الكمومية‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وتؤكد‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬الملحة‭ ‬لوضع‭ ‬خطط‭ ‬الهجرة‭ ‬للتشفير‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الكمومي‭ ‬الآن‭ ‬واتخاذ‭ ‬الخيارات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬الصحيحة‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭. ‬

ولذلك،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬الجيوش‭ ‬وفي‭ ‬القلب‭ ‬منها‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬أن‭ ‬تؤكد‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬الكمومية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬سيادتها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬المعقد‭ ‬والمتشابك،‭ ‬وإلا‭ ‬فإنها‭ ‬تخاطر‭ ‬بالتخلف‭ ‬عن‭ ‬الركب‭ ‬والتجول‭ ‬في‭ ‬‮«‬ضباب‭ ‬الحرب‮»‬‭ (‬Nebel des Krieges‭)‬‏‭ ‬وهي‭ ‬حالة‭ ‬الريبة‭ ‬في‭ ‬الوعي‭ ‬الظرفي‭ ‬وحالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬المشاركون‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬خصوصاً‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقدرة‭ ‬الخصم‭ ‬ونيته‭ ‬أثناء‭ ‬الاشتباك‭ ‬أو‭ ‬خلالَ‭ ‬عملية‭ ‬عسكرية،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬تحت‭ ‬رحمة‭ ‬خصومها‭ ‬بالكامل‭.‬

‮»‬‭ ‬الأستاذ‭ ‬الدكتور‭ ‬وائل‭ ‬صالح‭ ‬

(‬خبير‭ ‬بمركز‭ ‬تريندز‭ ‬للبحوث‭ ‬والاستشارات‭(

Twitter
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض