580 Analysis2 A

الحرب تحت الماء «السونار» ماهيته، أنواعه، استخداماته، ومهماته

خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬كان‭ ‬نوع‭ ‬الهجمات‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬الغواصات‭ ‬الألمانية‭ ‬ضد‭ ‬سفن‭ ‬الحلفاء‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬خطوط‭ ‬الإمداد‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي،‭ ‬أحد‭ ‬أعظم‭ ‬الأخطار‭ ‬التي‭ ‬واجهت‭ ‬الحلفاء‭. ‬ولمواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬استخدمت‭ ‬البحرية‭ ‬الملكية‭ ‬البريطانية‭ ‬وبحرية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬نوعين‭ ‬من‭ ‬معدات‭ ‬الكشف‭ ‬تحت‭ ‬الماء،‭ ‬كانا‭ ‬وسيلة‭ ‬جديدة‭ ‬لكشف‭ ‬الغواصات‭ ‬الغائصة‭ ‬تحت‭ ‬الماء‭ ‬ومهاجمتها،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬محدوية‭ ‬فعاليتها‭.‬

‭ ‬والنوعان‭ ‬هما‭ ‬جهاز‭ ‬‮«‬اسديك‮»‬‭ ‬و«سونار‮»‬‭. ‬واستمرت‭ ‬الأبحاث‭ ‬وأعمال‭ ‬التطوير‭ ‬على‭ ‬الجهازين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬بريطانيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬وما‭ ‬إن‭ ‬اندلعت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬حتى‭ ‬كان‭ ‬لدى‭ ‬البحرية‭ ‬الملكية‭ ‬220‭ ‬سفينة‭ ‬حربية‭ (‬مدمرات‭ ‬وسفن‭ ‬دورية‭) ‬مزودة‭ ‬بأجهز‭ ‬‮«‬اسديك‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬لدى‭ ‬بحرية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حين‭ ‬دخلت‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬عام‭ ‬1941،‭ ‬حوالي‭ ‬170‭ ‬مدمرة‭ ‬مزودة‭ ‬بأجهزة‭ ‬‮«‬سونار‮»‬‭. ‬وانطلاقاً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأسس،‭ ‬تحقق‭ ‬تقدم‭ ‬كبير،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإلكترونيات‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬بالإمكان‭ ‬تطوير‭ ‬معدات‭ ‬أدق،‭ ‬والغرض‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬البحث‭ ‬هو‭ ‬تبيان‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭ ‬بموجبها،‭ ‬ثم‭ ‬إلقاء‭ ‬نظرة‭ ‬على‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يلعبه،‭ ‬وأنواع‭ ‬الأجهزة‭ ‬المتوفرة‭ ‬منه‭.‬

انتشار‭ ‬الصوت‭ ‬

موجات‭ ‬الصوت‭ ‬هي‭ ‬موجات‭ ‬تضاغط،‭ ‬تتحرك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسيط،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬صلباً‭ ‬أو‭ ‬سائلاً‭ ‬أو‭ ‬غازياً‭. ‬ولا‭ ‬تنتشر‭ ‬موجات‭ ‬الصوت‭ ‬في‭ ‬الفراغ‭. ‬ومصدر‭ ‬موجات‭ ‬الصوت‭ ‬محول‭ ‬طاقة،‭ ‬مزود‭ ‬بحاجز‭ ‬قابل‭ ‬للتذبب‭ )‬كما‭ ‬في‭ ‬مكبر‭ ‬الصوت،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال).

وتستخدم‭ ‬أجهزة‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭ ‬عادة‭ ‬ترددات‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬الترددات‭ ‬الصوتية،‭ ‬وتتراوح‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬4‭ – ‬14‭ ‬كيلوهيرتز‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬الماء،‭ ‬فإن‭ ‬سرعة‭ ‬الصوت‭ ‬تبلغ‭ ‬أربعة‭ ‬أضعاف‭ ‬سرعته‭ ‬في‭ ‬الهواء،‭ ‬وهي‭ ‬تترواح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬1460‭ ‬متراً‭ ‬في‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬مقدارها‭ ‬أربع‭ ‬درجات‭ ‬مئوية‭ ‬إلى‭ ‬1620‭ ‬متراً‭ ‬في‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬30‭ ‬مئوية‭. ‬وحين‭ ‬تصطدم‭ ‬موجة‭ ‬الصوت‭ ‬بجسم‭ ‬داخل‭ ‬الوسيط‭ ‬الذي‭ ‬تسير‭ ‬فيه،‭ ‬أو‭ ‬الحدود‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬وسيطين‭ (‬ماء‭ ‬وهواء،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭)‬،‭ ‬يحدث‭ ‬انعكاس،‭ ‬وترتد‭ ‬الموجة‭ ‬عن‭ ‬الجسم‭ ‬الذي‭ ‬اصطدمت‭ ‬به‭ ‬بزاوية‭ ‬تساوي‭ ‬زاوية‭ ‬سقوطها‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬البحر،‭ ‬وحتى‭ ‬عمق‭ ‬200‭ ‬متر‭ ‬فإن‭ ‬الموجات‭ ‬تنعكس‭ ‬بعد‭ ‬اصطدامها‭ ‬بالقاع‭. ‬

ونواجه‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬استخدام‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭ ‬ثلاثة‭ ‬أنواع‭ ‬من‭ ‬الأصداء‭: ‬الأصوات‭ ‬المنعكسة‭ ‬عن‭ ‬جسم‭ ‬الماء،‭ ‬والأصوات‭ ‬المنعكسة‭ ‬عن‭ ‬السطح‭ (‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬أقصى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الحدة‭ ‬بعد‭ ‬بثها‭ ‬مباشرة‭)‬،‭ ‬والأصوات‭ ‬المنعكسة‭ ‬عن‭ ‬القاع‭ (‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬أقصى‭ ‬حدة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الضحلة،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬القاع‭ ‬صخرياً‭).‬

وعامل‭ ‬آخر‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬‮«‬السونار‮»‬،‭ ‬هو‭ ‬خسران‭ ‬الطاقة‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬الموجات‭ ‬الصوتية‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬مرورها‭ ‬خلال‭ ‬الوسيط‭ (‬وذلك‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭). ‬وترتبط‭ ‬حدة‭ ‬هذا‭ ‬الخسران‭ ‬بمدى‭ ‬الجهاز،‭ ‬ويعتمد‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬البحر،‭ ‬وتكون‭ ‬عادة‭ ‬عالية‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬فقاعات‭ ‬هواء‭ (‬كما‭ ‬هي‭ ‬حالة‭ ‬إبحار‭ ‬السفينة،‭ ‬أو‭ ‬حالة‭ ‬وجود‭ ‬رياح‭ ‬سطحية‭ ‬قوية‭ ‬تكون‭ ‬رغوة‭ ‬سطح‭ ‬من‭ ‬الهواء‭ ‬ومياه‭ ‬البحر‭). ‬ويحدث‭ ‬امتصاص‭ ‬للطاقة‭ ‬أو‭ ‬بعثرة‭ ‬لها‭ ‬إذا‭ ‬وجدت‭ ‬جزئيات‭ ‬طافية‭ ‬أو‭ ‬معلقة،‭ ‬مثل‭ ‬الأعشاب‭ ‬البحرية،‭ ‬أو‭ ‬الطفليليات‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬الماء‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬العوامل‭ ‬المتعلقة‭ ‬بانتقال‭ ‬الصوت‭ ‬يعتبر‭ ‬التخلخل‭ ‬أكثرها‭ ‬أهمية،‭ ‬لأن‭ ‬بإمكانه‭ ‬تقليل‭ ‬المدى‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬كشف‭ ‬أي‭ ‬غواصة‭ ‬خلاله‭ ‬إلى‭ ‬الصفر‭ ‬تقريباً،‭ ‬أو‭ ‬تجعله‭ ‬يتغير‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬منتظر،‭ ‬وذلك‭ ‬حسب‭ ‬أوضاع‭ ‬البحر‭. ‬وتحاول‭ ‬الغواصات‭ ‬عادة،‭ ‬الاستفادة‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬حد،‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬التخلخل‭ ‬خلال‭ ‬قيامها‭ ‬بأعمال‭ ‬هجومية‭.‬

ضجيج‭ ‬العمق‭ ‬

تزود‭ ‬أجهزة‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭ ‬عادة‭ ‬بأجهزة‭ ‬استماع،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يضطر‭ ‬مشغل‭ ‬هذه‭ ‬الأجهزة‭ ‬إلى‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬أذنيه‭ ‬للتمييز‭ ‬بين‭ ‬الأصوات‭ ‬المختلفة‭. ‬ومهمته‭ ‬الرئيسية‭ ‬هي‭ ‬التقاط‭ ‬الإشارات‭ ‬الحقيقية‭ ‬والتحقق‭ ‬منها‭ ‬وتميزها‭ ‬عن‭ ‬ضجيج‭ ‬العمق‭. ‬

وأجهزة‭ ‬الاستماع‭ ‬أكثر‭ ‬فائدة‭ ‬على‭ ‬الغواصات‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬سفن‭ ‬السطح،‭ ‬فسفن‭ ‬السطح‭ ‬التي‭ ‬تتحرك‭ ‬بسرعة‭ ‬عالية‭ ‬تولد‭ ‬قدراً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬الضجيج‭ ‬يطغى‭ ‬على‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬السفينة‭.‬

ظاهرة‭ ‬دوبلر‭ ‬

اكتشف‭ ‬مبدأ‭ ‬دوبلر‭ ‬الفيزيائي‭ ‬النمساوي‭ ‬كريستان‭ ‬دوبلر،‭ ‬ويمكن‭ ‬تطبيقه‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬الأمواج‭ ‬كلها‭. ‬وينص‭ ‬المبدأ‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬حركة‭ ‬نسبية‭ ‬بين‭ ‬مصدر‭ ‬الموجة‭ ‬ومستقبل‭ ‬لها،‭ ‬فإن‭ ‬التردد‭ ‬الظاهري‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬التردد‭ ‬في‭ ‬المصدر،‭ ‬ولهذا‭ ‬المبدأ‭ ‬تطبيقات‭ ‬عملية‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭.‬

وتردد‭ ‬الصوت‭ ‬المسموع‭ ‬يتأثر‭ ‬بالحركة‭ ‬النسبية‭ ‬بين‭ ‬الهدف‭ ‬والمستقبل،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬يتحرك‭ ‬باتجاه‭ ‬محول‭ ‬الطاقة‭ ‬يكون‭ ‬تردد‭ ‬الصدى‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬التردد‭ (‬المعروف‭ ‬باسم‭ ‬Up‭ ‬–‭ ‬Doppler‭)‬

أما‭ ‬إذا‭ ‬تحرك‭ ‬الهدف‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬محول‭ ‬الطاقة،‭ ‬فإن‭ ‬تردد‭ ‬الصدى‭ ‬يكون‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬التردد‭ ‬المعروف‭ ‬باسم‭ ‬Down‭ ‬–‭ ‬Doppler‭.‬

ومن‭ ‬المهم‭ ‬جداً‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬ظاهرة‭ ‬دوبلر‭ ‬تنتج‭ ‬أيضاً‭ ‬عن‭ ‬حركة‭ ‬السفينة،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬ثابتاً،‭ ‬وكانت‭ ‬السفينة‭ ‬المتعقبة‭ ‬سائرة،‭ ‬تطبق‭ ‬القاعدة‭ ‬ذاتها‭.‬

مبادئ‭ ‬محول‭ ‬الطاقة‭ ‬

محول‭ ‬الطاقة‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يبث‭ ‬النبضات‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭. ‬ويستقبل‭ ‬الأصداء‭ ‬المرتدة،‭ ‬وقلب‭ ‬أنظمة‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭ ‬الحديثة،‭ ‬ويعمل‭ ‬محول‭ ‬الطاقة‭ ‬كمستقبِل‭ ‬للأضواء‭ ‬الراجعة،‭ ‬بالعمل‭ ‬كميكرفون‭ ‬عادي‭. ‬وما‭ ‬إن‭ ‬يصطدم‭ ‬الصدى‭ ‬بالحاجز،‭ ‬حتى‭ ‬تتغير‭ ‬أطوال‭ ‬أنابيب‭ ‬النيكل،‭ ‬وهذا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬تيار‭ ‬في‭ ‬الملفات‭ ‬المحيطة‭ ‬بالأنابيب،‭ ‬نتيجة‭ ‬انعكاس‭ ‬عمليات‭ ‬البث،‭ ‬حيث‭ ‬يستخدم‭ ‬هذا‭ ‬التيار‭ ‬الكهربائي‭ ‬المنتج‭ ‬في‭ ‬المستقبِل،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يضخم‭ ‬ويمرر‭ ‬إلى‭ ‬جهاز‭ ‬عرض،‭ ‬أو‭ ‬يحول‭ ‬إلى‭ ‬ترددات‭ ‬سمعية‭ ‬في‭ ‬مكبر‭ ‬صوت‭.‬

الاستخدام‭ ‬العملي‭ ‬للسونار‭ ‬

تهتم‭ ‬القوى‭ ‬البحرية‭ ‬بتحديد‭ ‬موقع‭ ‬الأجسام‭ ‬الموجودة‭ ‬تحت‭ ‬الماء،‭ ‬لأهداف‭ ‬عديدة،‭ ‬ليست‭ ‬كلها‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالحرب‭ ‬ضد‭ ‬الغواصات‭. ‬وهذا‭ ‬الاستخدام‭ ‬الأخير‭ ‬هو‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬استخدامات‭ ‬عديدة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬أهمها‭. ‬ومهما‭ ‬تكن‭ ‬الأهداف،‭ ‬فإن‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬مواقع‭ ‬الأجسام‭ ‬الموجودة‭ ‬تحت‭ ‬الماء‭ ‬يتأتى‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بإجراءات‭ ‬دقيقة‭ ‬ومنظمة‭ ‬ومستمرة‭. ‬وتعتمد‭ ‬خطة‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬استطاعة‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭ ‬القيام‭ ‬بالعمليات‭ ‬التالية‭: ‬

أولاً‭:‬‭ ‬إيجاد‭ ‬اتصال‭ ‬مع‭ ‬الهدف‭ ‬بواسطة‭ ‬الطاقة‭ ‬الصوتية‭.‬

ثانياً‭:‬‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الاتصال‭ ‬حتى‭ ‬التحقق‭ ‬من‭ ‬الهدف‭.‬

ثالثاً‭:‬‭ ‬اتخاذ‭ ‬وضع‭ ‬مناسب‭ ‬من‭ ‬الهدف،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمسافة‭ ‬والانحراف‭.‬

رابعاً‭:‬‭ ‬تحديد‭ ‬السرعة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬المسافة‭ ‬والانحراف‭ ‬عن‭ ‬الهدف‭.‬

ولمعرفة‭ ‬طريقة‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬العوامل،‭ ‬سوف‭ ‬نقتصر‭ ‬حديثنا‭ ‬على‭ ‬استعمالات‭ ‬تقنيات‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬البحث‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬سفن‭ ‬السطح‭ ‬المخصصة‭ ‬للعمل‭ ‬ضد‭ ‬الغواصات‭. ‬والمهمات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعهد‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬سفن‭ ‬السطح‭ ‬الموكلة‭ ‬إليها‭ ‬عملية‭ ‬مضادة‭ ‬للغواصات‭ ‬هي‭: ‬

المطارة‭:‬‭ ‬كشْف‭ ‬وجود‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬غواصات‭ ‬العدو،‭ ‬دون‭ ‬أية‭ ‬معلومات‭ ‬إضافية‭ ‬حول‭ ‬عددها‭ ‬أو‭ ‬موقعها‭ ‬بالضبط‭.‬

التعيين‭:‬‭ ‬كشف‭ ‬غواصة‭ ‬معادية،‭ ‬موقعها‭ ‬معروف‭ ‬بدرجة‭ ‬معقولة‭ ‬من‭ ‬الدقة‭.‬

الستر‭:‬‭ ‬بإيجاد‭ ‬منطقة‭ ‬سائرة‭ ‬حول‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬الصديقة،‭ ‬بحيث‭ ‬يتوجب‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬غواصة‭ ‬معادية‭ ‬المرور‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أرادت‭ ‬الهجوم،‭ ‬ثم‭ ‬التحقق‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬غواصة‭ ‬معادية‭ ‬أثناء‭ ‬مرورها‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬السائرة‭.‬

الحاجز‭:‬‭ ‬إنشاء‭ ‬ساتر‭ ‬ثابت‭ (‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬اسم‭ ‬الحاجز‭) ‬لمنع‭ ‬مرور‭ ‬الغواصات‭ ‬المعادية‭.‬

أنواع‭ ‬السونار‭ ‬

يمكن‭ ‬تقسيم‭ ‬أجهزة‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬نوعين‭ ‬أساسيين‭:‬‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭ ‬الاتجاهي‭ ‬و‭ ‬‮«‬سونار‮»‬‭ ‬المسح‭.‬

«‬السونار‮»‬‭ ‬الاتجاهي‭:‬‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬السونارات‭ ‬الاتجاهية‭ ‬مستخدمة‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الموانئ،‭ ‬حيث‭ ‬تكون‭ ‬المنطقة‭ ‬الواجب‭ ‬تغطيتها‭ ‬محدودة،‭ ‬وقد‭ ‬اختفى‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأجهزة‭ ‬من‭ ‬السفن‭ ‬الحديثة‭. ‬وتستخدم‭ ‬أجهزة‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الطراز‭ ‬محولات‭ ‬طاقة‭ ‬اتجاهية‭ ‬لتركيز‭ ‬نبضة‭ ‬الصوت‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬إطلاقها‭ ‬في‭ ‬شعاع‭ ‬ضيق‭. ‬وتقرر‭ ‬زاوية‭ ‬تجاه‭ ‬الهدف‭ ‬بتسديد‭ ‬محول‭ ‬الطاقة‭ ‬لاستقبال‭ ‬أقصى‭ ‬قوة‭ ‬للصدى‭. ‬وتكون‭ ‬استجابة‭ ‬الصدى‭ ‬مسموعة،‭ ‬وتبدأ‭ ‬ببطء‭ ‬وخطوة‭ ‬خطوة‭ ‬عملية‭ ‬تفتيش‭ ‬شاملة‭ ‬تحت‭ ‬الماء‭. ‬

‮«‬سونار‮»‬‭ ‬المسح‭:‬‭ ‬حل‭ ‬‮«‬سونار‮»‬‭ ‬المسح‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المسائل‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يسببها‭ ‬الوقت‭ ‬الطويل‭ ‬اللازم‭ ‬لتفتيش‭ ‬منطقة‭ ‬واسعة‭. ‬ويسمح‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأجهزة‭ ‬للعامل‭ ‬بأن‭ ‬يفتش‭ ‬المنطقة‭ ‬المحيطة‭ ‬بسفينتة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬جداً،‭ ‬وهذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬متوفراً‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬وبذلك‭ ‬أصبح‭ ‬بالإمكان‭ ‬الآن‭ ‬تفتيش‭ ‬منطقة‭ ‬دائرية‭ ‬قطرها‭ ‬1000‭ ‬يارد‭ ‬في‭ ‬1‭,‬5‭ ‬ثانية،‭ ‬وهكذا‭ ‬يحتاج‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭ ‬الاتجاهي‭ ‬إلى‭ ‬مدة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬60‭ ‬مرة‭ ‬لتفتيش‭ ‬المساحة‭ ‬ذاتها‭. ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬‮«‬سونار‮»‬‭ ‬المسح‭ ‬يسمح‭ ‬للعامل‭ ‬بتتبع‭ ‬كل‭ ‬الاجسام‭ ‬الموجودة‭ ‬تحت‭ ‬الماء‭ ‬ضمن‭ ‬مدى‭ ‬جهازه،‭ ‬وتوجد‭ ‬صورة‭ ‬كاملة‭ ‬ومستمرة‭ ‬لكل‭ ‬الأجسام‭ ‬ومصادر‭ ‬الصوت‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وبإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يتتبع‭ ‬أهدافاً‭ ‬عدة‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد‭.‬

أنواع‭ ‬أجهزة‭ ‬‮«‬سونار‮»‬‭ ‬المسح‭ ‬

صمم‭ ‬نوعان‭ ‬رئيسيان‭ ‬من‭ ‬سونارات‭ ‬المسح،‭ ‬الأول‭ ‬يبث‭ ‬نبضات‭ ‬صوتية‭ ‬قصيرة‭ (‬النوع‭ ‬النبضي‭). ‬أما‭ ‬الثاني،‭ ‬فيبث‭ ‬إشارة‭ ‬متصلة‭ ‬لها‭ ‬تردد‭ ‬مختلف‭.‬

أجهزة‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭ ‬المحمولة‭ ‬جواً‭ ‬

البحث‭ ‬عن‭ ‬الغواصات‭ ‬بواسطة‭ ‬الطائرات‭ ‬أحد‭ ‬العوامل‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬المضادة‭ ‬للغواصات‭. ‬وتستطيع‭ ‬جميع‭ ‬أنواع‭ ‬الطائرات‭ ‬المضادة‭ ‬للغواصات،‭ ‬سواء‭ ‬منها‭ ‬ذات‭ ‬الأجنحة‭ ‬الثابتة‭ ‬أو‭ ‬الهليكوبتر،‭ ‬القيام‭ ‬بمهمات‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الغواصات‭ ‬ومهاجمتها،‭ ‬مستفيدة‭ ‬من‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصفات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتوافر‭ ‬في‭ ‬السفن،‭ ‬مثل‭ ‬السرعة،‭ ‬والمناورة،‭ (‬خاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لطائرات‭ ‬الهليكوبتر‭)‬،‭ ‬وسرعة‭ ‬التدخل،‭ ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬أن‭ ‬الطائرة‭ ‬لا‭ ‬تصدر‭ ‬أي‭ ‬صوت‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تحمله،‭ ‬نظراً‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تلامس‭ ‬الماء‭.‬

وتختلف‭ ‬أجهزة‭ ‬الكشف‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬الطائرات‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬السفن‭. ‬ونظراً‭ ‬لأن‭ ‬بعضها‭ (‬مثل‭ ‬أجهزة‭ ‬م‭ ‬أ‭ ‬د‭) ‬مهم‭ ‬للغاية‭ ‬لإنجاز‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬التغطية‭ ‬المنفصلة‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬المفيد‭ ‬أعطاء‭ ‬فكرة‭ ‬عامة‭ ‬عن‭ ‬أنواع‭ ‬هذه‭ ‬الأجهزة‭ ‬المختلفة‭ ‬وهي‭: ‬‮«‬سونار‮»‬‭ ‬الغطس،‭ ‬والمطافيات‭ ‬الصوتية،‭ ‬وكاشف‭ ‬الظاهرة‭ ‬المغناطيسية‭ ‬الشاذة‭ (‬م‭ ‬أ‭ ‬د‭)‬،‭ ‬و»السونار‮»‬‭ ‬المتطور‭.‬

‮«‬سونار‮»‬‭ ‬الغطس‭ ‬

تعلق‭ ‬السماعات‭ ‬المائية‭ (‬الهيدروفونات‭) ‬أو‭ ‬محولات‭ ‬الطاقة‭ ‬بطرف‭ ‬سلك‭ ‬يتصل‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬سونار‮»‬‭ ‬إحدى‭ ‬طائرات‭ ‬الهليكوبتر،‭ ‬وتخفض‭ ‬السماعة‭ ‬المائية‭ ‬في‭ ‬البحر،‭ ‬ويبدأ‭ ‬العامل‭ ‬المختص‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الطائرة‭ ‬في‭ ‬التنصت‭. ‬ويمكن‭ ‬استخدام‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المعدات‭ ‬في‭ ‬طائرات‭ ‬الهليكوبتر‭ ‬فقط‭. ‬وطائرة‭ ‬الهليكوبتر‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬كثيرة‭ ‬الضجيج‭ ‬في‭ ‬الهواء،‭ ‬فهي‭ ‬تصدر‭ ‬صوتاً‭ ‬ضئيلاً‭ ‬للغاية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لتحت‭ ‬الماء،‭ ‬لذلك‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬مأمن‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬المضادة‭ ‬للكشف‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الغواصات‭.‬

وإذا‭ ‬تم‭ ‬اكتشاف‭ ‬الغواصة‭ ‬للهدف،‭ ‬فإن‭ ‬الهليكوبتر‭ ‬تستدعي‭ ‬مدمرة‭ ‬مطاردة،‭ ‬أو‭ ‬سفينة‭ ‬مضادة‭ ‬للغواصات،‭ ‬لمهاجمة‭ ‬الهدف،‭ ‬أو‭ ‬تهاجمها‭ ‬هي‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬طوربيدات‭ ‬موجهه‭ ‬مثل‭ ‬الطوربيد‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬مارك‭ ‬43‮»‬‭.‬

كاشف‭ ‬الظاهرة‭ ‬المغناطيسية‭ ‬

كاشف‭ ‬الظاهرة‭ ‬المغناطيسية‭ ‬الشاذة‭ (‬م‭ ‬أ‭ ‬د‭) ‬هو‭ ‬جهاز‭ ‬آخر‭ ‬ذو‭ ‬عون‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬كشف‭ ‬الغواصات،‭ ‬ويمكن‭ ‬تزويد‭ ‬الطائرات‭ ‬ذات‭ ‬الاجنحة‭ ‬الثابتة‭ ‬به،‭ ‬أو‭ ‬طائرات‭ ‬الهليكوبتر‭. ‬ويُمَكِّن‭ ‬جهاز‭ (‬م‭ ‬أ‭ ‬د‭) ‬طاقم‭ ‬طائرة‭ ‬الدورية‭ ‬التي‭ ‬تحلق‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬منخفض‭ ‬من‭ ‬كشف‭ ‬وجود‭ ‬الغواصات‭. ‬

الطافيات‭ ‬الصوتية‭ ‬

تستخدم‭ ‬الطافيات‭ ‬الصوتية‭ ‬لكشف‭ ‬الأصوات‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬الماء،‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬ببثها‭ ‬بواسطة‭ ‬الراديو‭ ‬إلى‭ ‬الطائرات‭ ‬القريبة،‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬المحطات‭ ‬المجهزة‭ ‬بمعدات‭ ‬استقبال‭ ‬ملائمة‭. ‬والطافيات‭ ‬الصوتية‭ ‬أجهزة‭ ‬تستخدم‭ ‬لمرة‭ ‬واحدة،‭ ‬وتقذف‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الطائرات،‭ ‬بواسطة‭ ‬مظلة‭ ‬صغيرة‭ ‬يحملها‭ ‬الجهاز‭.‬

ولتتبع‭ ‬الغواصة‭ ‬المعادية،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬إسقاط‭ ‬عدة‭ ‬طافيات،‭ ‬حسب‭ ‬نمط‭ ‬أو‭ ‬تصميم‭ ‬يعد‭ ‬مسبقاً،‭ ‬وتتصل‭ ‬كل‭ ‬سماعة‭ ‬مائية‭ ‬بسلك‭ ‬طويل‭ ‬يرخى‭ ‬حتى‭ ‬نهايته‭ ‬القصوى،‭ ‬وبذلك‭ ‬تبقى‭ ‬السماعة‭ ‬المائية‭ ‬تحت‭ ‬الماء‭ ‬وتتعلق‭ ‬بالطافية‭ ‬التي‭ ‬تبقى‭ ‬على‭ ‬السطح‭. ‬وبمقارنة‭ ‬الإشارات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬عدة‭ ‬طافيات‭ ‬صوتية،‭ ‬تستطيع‭ ‬الطائرة‭ ‬أن‭ ‬تحدد‭ ‬مكان‭ ‬الهدف‭. ‬

الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الموانئ‭ ‬

أحد‭ ‬أهداف‭ ‬الحرب‭ ‬المضادة‭ ‬للغواصات،‭ ‬هو‭ ‬منع‭ ‬الغواصات‭ ‬من‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬الموانئ‭ ‬أو‭ ‬دخولها‭. ‬ولهذا‭ ‬الغرض‭ ‬تقام‭ ‬خطوط‭ ‬كشف‭ ‬كاملة،‭ ‬تستخدم‭ ‬أنواعاً‭ ‬متعددة‭ ‬من‭ ‬الأجهزة‭. ‬أحدها‭ ‬مؤشر‭ ‬متعدد‭ ‬من‭ ‬الأجهزة،‭ ‬والثاني‭ ‬هو‭ ‬المؤشر‭ ‬الإطاري‭ ‬المغناطيسي‭ ‬الذي‭ ‬يوضع‭ ‬في‭ ‬قاع‭ ‬البحر‭ ‬ويسجل‭ ‬أي‭ ‬تشويه‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأرض‭ ‬المغناطيسي،‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يسببه‭ ‬وجود‭ ‬جسم‭ ‬معدني‭ ‬يتحرك‭ ‬فوقه‭. ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬تسجل‭ ‬الأجهزة‭ ‬السمعية‭ ‬الأصوات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬المراوح‭ ‬والمحركات‭ ‬وبذلك‭ ‬تنبه‭ ‬إلى‭ ‬اقتراب‭ ‬أي‭ ‬سفينة‭. ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الجزء‭ ‬الغائص‭ ‬من‭ ‬أجسام‭ ‬السفن‭ ‬–‭ ‬وليس‭ ‬الغواصات‭ ‬فحسب‭ ‬–‭ ‬يشكل‭ ‬سطحاً‭ ‬عاكساً‭ ‬للموجات‭ ‬الصوتية‭. ‬وبالتالي‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬أجهزة‭ ‬‮«‬السونار‮»‬‭ ‬ضده‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬الأجهزة‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬ذكرها،‭ ‬هناك‭ ‬جهاز‭ ‬يستخدم‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬الموانئ‭. ‬ويعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬هيرالد‮»‬‭ (‬اختصار‭ ‬لجملة‭ ‬‮«‬جهاز‭ ‬سبر‭ ‬صدى‭ ‬الموانئ‭ ‬والاستماع‭)‬،‭ ‬ومن‭ ‬الناحية‭ ‬التكتيكية،‭ ‬يعتبر‭ ‬جهاز‭ ‬‮«‬هيرالد‮»‬‭ ‬أدق‭ ‬أجهزة‭ ‬كشف‭ ‬الأصوات‭ ‬تحت‭ ‬الماء‭. ‬ويسمح‭ ‬للعامل‭ ‬بأن‭ ‬يحدد‭ ‬بالضبط‭ ‬اتجاه‭ ‬الهدف‭ ‬المحتمل‭ ‬ومداه،‭ ‬بحيث‭ ‬تتجه‭ ‬سفن‭ ‬الدورية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الميناء‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬الهدف‭ ‬بالضبط‭.‬

كلمة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬منها‭ ‬

للحرب‭ ‬المضادة‭ ‬للغواصات‭ ‬اليوم‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة،‭ ‬ففي‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬أصبح‭ ‬أسطول‭ ‬الغواصات‭ ‬الروسي‭ ‬يشكل‭ ‬أكبر‭ ‬خطر‭ ‬على‭ ‬خطوط‭ ‬المواصلات‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬الأسباب‭. ‬أما‭ ‬الأسباب‭ ‬الأخرى‭ ‬فمصدرها‭ ‬تطور‭ ‬أساطيل‭ ‬الغواصات‭ ‬حاملة‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والروسية‭. ‬وأحد‭ ‬أكبر‭ ‬عوامل‭ ‬الردع‭ ‬النووي‭ ‬لدى‭ ‬البلدين‭ ‬هو‭ ‬الغواصات‭ ‬حاملة‭ ‬الصواريخ‭ ‬النووية‭. ‬ونظراً‭ ‬للحركية‭ ‬العالية‭ ‬لهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأسلحة،‭ ‬وصعوبة‭ ‬تحديد‭ ‬موقع‭ ‬الغواصة‭ ‬التي‭ ‬تحملها،‭ ‬فإن‭ ‬في‭ ‬مقدورها‭ ‬أن‭ ‬تنجو‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬مباغت،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬هجوماً‭ ‬مماثلاً‭ ‬كفيل‭ ‬بشل‭ ‬حركة‭ ‬القوات‭ ‬الجوية،‭ ‬وصوامع‭ ‬الصواريخ‭ ‬البحرية‭.‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬مواقع‭ ‬الغواصات‭ ‬النووية‭ ‬سيضع‭ ‬أياً‭ ‬من‭ ‬الدولتين‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬قوة‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬‮«‬ميزان‭ ‬الرعب‮»‬،‭ ‬والقيام‭ ‬بهجوم‭ ‬مباغت،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تخشى‭ ‬أي‭ ‬انتقام،‭ ‬ولهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬بالذات‭ ‬أوليت‭ ‬عناية‭ ‬خاصة،‭ ‬لأعمال‭ ‬البحث‭ ‬والتطوير‭ ‬الخاصة‭ ‬بالحرب‭ ‬المضادة‭ ‬للغواصات،‭ ‬والأجهزة‭ ‬الخاصة‭ ‬بكشف‭ ‬الغواصات‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أننا‭ ‬سنشهد‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬تطورات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬سيكون‭ ‬لها‭ ‬أثر‭ ‬فعال‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬المضادة‭ ‬للغواصات‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬البحرية‭ ‬بشل‭ ‬عام‭. ‬

‮»‬‭ ‬د‭. ‬معين‭ ‬أحمد‭ ‬محمود‭ ‬(باحث‭ ‬عسكري‭ ‬واستراتيجي)

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض