WEB_0003_D1

الكابلات‭  ‬الخضراء‭ ‬مستقبل‭ ‬حروب‭ ‬الطاقة‭ ‬تحت‭ ‬سطح‭ ‬البحر

ثمة‭ ‬اتجاه‭ ‬دولي‭ ‬راهن‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬والتخلي‭ ‬عن‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬الاهتمام‭ ‬الدولي‭ ‬بالطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬غير‭ ‬مدفوع‭ ‬بمساعي‭ ‬تجنب‭ ‬الآثار‭ ‬الكارثية‭ ‬للتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬البعد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬استقلالية‭ ‬الطاقة‭ ‬يشكلان‭ ‬محدداً‭ ‬رئيسياً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬أيضاً‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬مهمةً‭ ‬سهلةً،‭ ‬فهناك‭ ‬حاجة‭ ‬لمعدات‭ ‬موثوقة‭ ‬وأكثر‭ ‬تعقيداً،‭ ‬لعل‭ ‬أبرزها‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بكابلات‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬المنوطة‭ ‬بجمع‭ ‬ونقل‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭.‬

شهدت‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬تحركات‭ ‬دولية‭ ‬متزايد‭ ‬لإنشاء‭ ‬شبكات‭ ‬للطاقة‭ ‬تحت‭ ‬سطح‭ ‬البحر‭ ‬تربط‭ ‬قارات‭ ‬العالم‭ ‬المختلفة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كابلات‭ ‬بحرية‭ ‬للطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬تمتد‭ ‬لآلاف‭ ‬الأميال،‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬شبكات‭ ‬كابلات‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬فعلياً‭ ‬في‭ ‬الانتشار‭ ‬عبر‭ ‬قاع‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات،‭ ‬حيث‭ ‬باتت‭ ‬هذه‭ ‬الآلية‭ ‬أحد‭ ‬الحلول‭ ‬المطروحة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬أزمة‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬هذه‭ ‬الكابلات‭ ‬الخضراء‭ ‬أداة‭ ‬حاسمة‭ ‬لتسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬استيعاب‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭. ‬بالتالي،‭ ‬تسعى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬تحقيق‭ ‬التحول‭ ‬الأخضر،‭ ‬إلى‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬وصياغة‭ ‬علاقات‭ ‬جديدة‭ ‬تمهد‭ ‬الطريق‭ ‬نحو‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الخريطة‭ ‬الجيوسياسية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬للإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حروب‭ ‬الطاقة‭ ‬المستقبلية‭ ‬ستتركز‭ ‬غالباً‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات‭.‬

‌ماهية‭ ‬كابلات‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬تحت‭ ‬سطح‭ ‬البحر

شهدت‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬تسارعاً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬في‭ ‬وتيرة‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الطاقة‭ ‬غير‭ ‬المتجددة‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬نحو‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تجسد‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬الأهداف‭ ‬الطموحة‭ ‬الي‭ ‬وضعتها‭ ‬الدول‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه،‭ ‬وجاءت‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬ـــــ‭ ‬الأوكرانية‭ ‬لتؤكد‭ ‬ضرورة‭ ‬تقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭. ‬ويتسق‭ ‬هذا‭ ‬الطرح‭ ‬مع‭ ‬تقديرات‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬توقعت‭ ‬نمواً‭ ‬في‭ ‬سعة‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬بحوالي‭ ‬2400‭ ‬جيجاوت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2027‭.‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬التحول‭ ‬الدولي‭ ‬المتنامي‭ ‬باتجاه‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬اهتمام‭ ‬واسع‭ ‬أيضاً‭ ‬بالكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬المنوطة‭ ‬بنقل‭ ‬هذه‭ ‬الطاقة‭. ‬وتعد‭ ‬كابلات‭ ‬الطاقة‭ ‬البحرية‭ ‬الخضراء‭ ‬أحد‭ ‬أنواع‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬طويلة‭ ‬المدى،‭ ‬المصممة‭ ‬لنقل‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهربائية‭ ‬تحت‭ ‬سطح‭ ‬البحر‭. ‬حيث‭ ‬تستخدم‭ ‬هذه‭ ‬الكابلات‭ ‬موصلات‭ ‬نحاسية‭ ‬محاطة‭ ‬بطبقات‭ ‬من‭ ‬سبائك‭ ‬الرصاص‭ ‬وأغلفة‭ ‬من‭ ‬البولي‭ ‬إيثيلين،‭ ‬مع‭ ‬تغطيتها‭ ‬بدروع‭ ‬من‭ ‬الأسلاك‭ ‬الفولاذية‭ ‬المجلفنة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬العناصر‭ ‬الداخلية‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬توصيل‭ ‬الطاقة،‭ ‬مما‭ ‬يسمح‭ ‬لهذه‭ ‬الكابلات‭ ‬بتحمل‭ ‬ظروف‭ ‬التركيب‭ ‬والتشغيل‭ ‬تحت‭ ‬سطح‭ ‬البحر‭.‬

وتستهدف‭ ‬شبكة‭ ‬كابلات‭ ‬الطاقة‭ ‬البحرية‭ ‬موازنة‭ ‬أنظمة‭ ‬الطاقة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاستفادة‭ ‬المشتركة‭ ‬من‭ ‬الاختلافات‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة،‭ ‬ففي‭ ‬ظل‭ ‬النمو‭ ‬المتزايد‭ ‬والمطرد‭ ‬لمصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الرياح‭ ‬والطاقة‭ ‬الشمسية،‭ ‬والتي‭ ‬يختلف‭ ‬معدل‭ ‬انتاجها‭ ‬وفقاً‭ ‬لقوة‭ ‬النسيم‭ ‬وأشعة‭ ‬الشمس،‭ ‬باتت‭ ‬عملية‭ ‬التبادل‭ ‬وتقاسم‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المختلفة‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تسعى‭ ‬بريطانيا‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهرومائية‭ ‬الضخمة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬النرويج،‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬ستتمكن‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬موجات‭ ‬الكهرباء‭ ‬من‭ ‬مزارع‭ ‬الرياح‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭. ‬

وتسمح‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬لنقل‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬بربط‭ ‬شبكة‭ ‬الطاقة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬بأخرى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬بات‭ ‬معروفاً‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الموصلات‮»‬،‭ ‬فهي‭ ‬تتيح‭ ‬لشبكات‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المختلفة‭ ‬الفرصة‭ ‬للعمل‭ ‬كنظام‭ ‬طاقة‭ ‬أكبر‭ ‬وأكثر‭ ‬شمولاً‭ ‬وتنوعاً،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ ‬فوائض‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬منطقة‭ ‬معينة‭ ‬لتعويض‭ ‬النقص‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭. ‬ويشهد‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬لنقل‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضرات‭ ‬طلباً‭ ‬متزايداً،‭ ‬فقد‭ ‬ارتفع‭ ‬هذا‭ ‬الطلب‭ ‬من‭ ‬حوالي‭ ‬3‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬2015‭ – ‬2020‭ ‬إلى‭ ‬قرابة‭ ‬الـ‭ ‬11‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬هذا‭ ‬الطلب‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬32‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2032‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬هناك‭ ‬نقص‭ ‬نسبي‭ ‬في‭ ‬العرض‭ ‬المتوافر‭ ‬لكابلات‭ ‬الطاقة‭ ‬البحرية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قلة‭ ‬الشركات‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الكابلات،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعوقات‭ ‬أمام‭ ‬الشركات‭ ‬الجديدة‭ ‬الراغبة‭ ‬في‭ ‬الدخول‭ ‬لهذا‭ ‬السوق،‭ ‬حيث‭ ‬تحتاج‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬لخبرات‭ ‬فنية‭ ‬معينة‭ ‬ومعدات‭ ‬متقدمة‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬هذه‭ ‬الكابلات‭ ‬ونشرها‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬البحار‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬بعض‭ ‬الشركات،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬بريسميان‮»‬‭ ‬الإيطالية‭ ‬وشركة‭ ‬‮«‬إن‭ ‬كي‭ ‬تي‮»‬‭ ‬الدنماركية‭ ‬وشركة‭ ‬‮«‬نيكسانز‮»‬‭ ‬الفرنسية،‭ ‬تستحوذ‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬75‭% ‬من‭ ‬سوق‭ ‬كابلات‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭. ‬

تزايد‭ ‬انتشار‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬للطاقة‭ ‬الخضراء

شهدت‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬تزايداً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬في‭ ‬وتيرة‭ ‬انتشار‭ ‬كابلات‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات،‭ ‬وتشكل‭ ‬حالة‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬النماذج‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الشبكات،‭ ‬حيث‭ ‬تمتلك‭ ‬بريطانيا‭ ‬حالياً‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬شبكات‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬الخاصة‭ ‬بنقل‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬فبالإضافة‭ ‬للكابلات‭ ‬الي‭ ‬تربط‭ ‬البلاد‭ ‬بالنرويج،‭ ‬هناك‭ ‬أيضاً‭ ‬مجموعة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بريطانيا‭ ‬بفرنسا‭ ‬وهولندا‭ ‬وبلجيكا،‭ ‬ويجري‭ ‬حالياً‭ ‬بناء‭ ‬شبكة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬كابلات‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬مع‭ ‬الدنمارك،‭ ‬بتكلفة‭ ‬تبلغ‭ ‬حوالي‭ ‬2‭.‬7‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬كما‭ ‬وقعت‭ ‬لندن‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬للطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬مع‭ ‬المغرب،‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬ساعات‭ ‬الشمس‭ ‬الطويلة‭ ‬والرياح‭ ‬القوية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الرباط،‭ ‬ونقل‭ ‬3‭.‬6‭ ‬غيغاوات‭ ‬من‭ ‬الكهرباء‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬وطاقة‭ ‬الرياح،‭ ‬عبر‭ ‬أربعة‭ ‬كابلات‭ ‬بحرية‭ ‬تمتد‭ ‬لنحو‭ ‬3800‭ ‬كيلومتر،‭ ‬ويتوقع‭ ‬أن‭ ‬يتمكن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬نحو‭ ‬8‭ % ‬من‭ ‬احتاجات‭ ‬بريطانيا‭ ‬للطاقة‭. ‬

بالإضافة‭ ‬لذلك،‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬النرويج‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬خلال‭ ‬عدة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬استكمال‭ ‬بناء‭ ‬أحد‭ ‬أطول‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬للطاقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬وهو‭ ‬خط‭ ‬بحر‭ ‬الشمال،‭ ‬ويعد‭ ‬هذا‭ ‬الخط‭ ‬هو‭ ‬سابع‭ ‬شبكة‭ ‬للطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬بالنسبة‭ ‬للنرويج،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيسمح‭ ‬لها‭ ‬بتصدير‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهرومائية‭ ‬المتوفرة‭ ‬لديها‭. ‬كما‭ ‬تخطط‭ ‬بريطانيا‭ ‬وألمانيا‭ ‬إلى‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشروع‭ (‬NeuConnect‭)‬،‭ ‬بتكلفة‭ ‬تقدر‭ ‬بحوالي‭ ‬2‭.‬4‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬كابلات‭ ‬لنقل‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬قاع‭ ‬البحر‭ ‬بين‭ ‬جزيرة‭ (‬Grain‭) ‬بجنوب‭ ‬شرق‭ ‬إنجلترا،‭ ‬ومنطقة‭ (‬Feddrewarden‭) ‬بشمال‭ ‬غرب‭ ‬ألمانيا‭. ‬

وعلى‭ ‬المنوال‭ ‬ذاته،‭ ‬يعد‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬صن‭ ‬كبل‮»‬‭ ‬أحد‭ ‬المشروعات‭ ‬التي‭ ‬وقعتها‭ ‬أستراليا‭ ‬مع‭ ‬سنغافورة‭ ‬بغية‭ ‬نقل‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬من‭ ‬كانبرا‭ ‬إلى‭ ‬سنغافورة،‭ ‬حيث‭ ‬تقدر‭ ‬تكلفة‭ ‬المشروع‭ ‬بحوالي‭ ‬19‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي،‭ ‬وكانت‭ ‬قد‭ ‬طورته‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬صن‭ ‬كابل‮»‬‭ ‬الأسترالية،‭ ‬ويفترض‭ ‬أن‭ ‬تتولى‭ ‬الشركة‭ ‬نقل‭ ‬الكهرباء‭ ‬إلى‭ ‬سنغافورة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬ممتدة‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬4000‭ ‬كيلومتر‭. ‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬خطة‭ ‬الممر‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الأوسع‭ ‬الذي‭ ‬يستهدف‭ ‬ربط‭ ‬آسيا‭ ‬بالقارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬عبر‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬هناك‭ ‬خطط‭ ‬لبناء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬شبكات‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬أبرزها‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬يستهدف‭ ‬ربط‭ ‬الهند‭ ‬بالمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كابلات‭ ‬بحرية‭ ‬تمر‭ ‬عبر‭ ‬بحر‭ ‬العرب‭.‬

أيضاً،‭ ‬بدأ‭ ‬مشروع‭ ‬Champlain Hudson Power Express‭ (‬CHPE‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬سيربط‭ ‬بين‭ ‬كندا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬مؤخراً‭ ‬بتعويم‭ ‬كابلات‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬بحيرة‭ ‬شامبلين،‭ ‬حيث‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬المشروع،‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬مشروعات‭ ‬نقل‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬ومن‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بنقل‭ ‬1250‭ ‬ميجاوات‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬عبر‭ ‬كابلات‭ ‬بحرية‭ ‬ممتدة‭ ‬لمسافة‭ ‬تقدر‭ ‬بحوالي‭ ‬545‭ ‬كيلومتراً،‭ ‬من‭ ‬مقاطعة‭ ‬كيبيك‭ ‬الكندية‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬كوينز‭ ‬بولاية‭ ‬نيويورك‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ويتوقع‭ ‬أن‭ ‬يوفر‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬حوالي‭ ‬20‭ % ‬من‭ ‬احتياجات‭ ‬نيويورك‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭.‬

وعلى‭ ‬المنوال‭ ‬ذاته،‭ ‬كشفت‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬الغربية‭ ‬عن‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬لنقل‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬تسعى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬رواد‭ ‬الأعمال‭ ‬لبنائها‭ ‬حالياً‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬لربط‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬بأمريكا‭ ‬الشمالية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ثلاثة‭ ‬أزواج‭ ‬من‭ ‬الكابلات‭ ‬عالية‭ ‬الجهد،‭ ‬والتي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تمتد‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬3218‭ ‬كيلومتراً‭ ‬في‭ ‬قاع‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي،‭ ‬لربط‭ ‬غرب‭ ‬كندا‭ ‬بغرب‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬وغرب‭ ‬فرنسا‭ ‬بنيويورك،‭ ‬وتشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الكابلات‭ ‬ستكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬حوالي‭ ‬6‭ ‬غيغاوت‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين‭ ‬وبسرعة‭ ‬تفوق‭ ‬سرعة‭ ‬الضوء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬الطاقة‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬6‭ ‬محطات‭ ‬نووية‭.‬

وقد‭ ‬وقعت‭ ‬شركة‭ ‬Transelectrica‭ ‬الرومانية‭ ‬وشركة‭ ‬Azerenerji‭ ‬الأذريبيجانية‭ ‬وشركة‭ (‬GSE‭) ‬الجورجية‭ ‬وشركة‭ (‬MVM‭) ‬المجرية‭ ‬اتفاقية‭ ‬لتأسيس‭ ‬شركة‭ ‬جديدة‭ ‬مشتركة،‭ ‬هي‭ ‬شركة‭ ‬Green Energy Corridor،‭ ‬بهدف‭ ‬بناء‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬تحت‭ ‬البحر‭ ‬الأسود،‭ ‬بطول‭ ‬1196‭ ‬كيلومتراً،‭ ‬بسعة‭ ‬1‭ ‬غيغاوات،‭ ‬لنقل‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬إلى‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬بتكلفة‭ ‬تقدر‭ ‬بحوالي‭ ‬3‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭. ‬بالإضافة‭ ‬لذلك،‭ ‬تعمل‭ ‬اليونان‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬الترويج‭ ‬لمشروع‭ ‬‮«‬GREGY‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬سيكون‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬نقل‭ ‬3‭ ‬غيغاوات‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬من‭ ‬مزارع‭ ‬الرياح‭ ‬والطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬إلى‭ ‬اليونان‭ ‬وعدة‭ ‬دول‭ ‬أوروبية،‭ ‬وتقدر‭ ‬تكلفة‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬بحوالي‭ ‬3‭.‬7‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬الممتدة‭ ‬لمسافة‭ ‬1373‭ ‬كيلومتراً‭.‬

دور‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬تسريع‭ ‬التوجه‭ ‬للطاقة‭ ‬المتجددة

تشكل‭ ‬عملية‭ ‬نقل‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬عبر‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬أداة‭ ‬مهمة‭ ‬لمساعدة‭ ‬الدول‭ ‬المختلفة‭ ‬على‭ ‬التخلص‭ ‬التدريجي‭ ‬من‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتسق‭ ‬مع‭ ‬تصريحات‭ ‬رئيس‭ ‬شركة‭ (‬National Grid Ventures‭) ‬البريطانية،‭ ‬كوردي‭ ‬أوهارا،‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬كابلات‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬سيساعد‭ ‬الدول‭ ‬المختلفة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬الخاصة‭ ‬بإزالة‭ ‬الكربون،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الكابلات‭ ‬ستتمكن‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬عدم‭ ‬شروق‭ ‬الشمس‭ ‬أو‭ ‬ضعف‭ ‬قوة‭ ‬الرياح‭ ‬إلى‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭. ‬

وتعد‭ ‬عملية‭ ‬تقاسم‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬المختلفة‭ ‬أداة‭ ‬مهمة‭ ‬للانتقال‭ ‬من‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬إلى‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬لذا‭ ‬تعمل‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬تكثيف‭ ‬استثماراتها‭ ‬لمد‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬نقاط‭ ‬القوة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تتوافر‭ ‬فيها‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬النرويج‭ ‬الغنية‭ ‬بمصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهرومائية،‭ ‬أو‭ ‬دول‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬الغنية‭ ‬بالطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬وطاقة‭ ‬الرياح‭.‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬التقدم‭ ‬الهائل‭ ‬والمطرد‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬باتت‭ ‬تكلفة‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬نسبياً‭ ‬مع‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬غير‭ ‬المتجددة،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬انخفضت‭ ‬تكلفة‭ ‬تركيب‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬الكهروضوئية‭ ‬من‭ ‬5‭.‬52‭ ‬دولار‭/‬وات‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬1‭.‬13‭ ‬دولار‭/‬وات‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬المرافق،‭ ‬مع‭ ‬توقع‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الانخفاض‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأسعار‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة‭. ‬

لكن،‭ ‬تظل‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الإشكاليات‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالانقطاعات‭ ‬المحتملة‭ ‬لهذه‭ ‬الطاقة،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬تقلبات‭ ‬جانب‭ ‬الطلب،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لعدم‭ ‬التوافق‭ ‬في‭ ‬الشبكة‭ ‬الإقليمية‭ ‬للطاقة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتجاوز‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬تدابير‭ ‬التخزين‭ ‬والتخفيف‭ ‬وإدارة‭ ‬الطاقة‭ ‬الطاقة‭ ‬التقليدية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬شبكات‭ ‬الطاقة‭ ‬الحالية‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬الجذرية‭ ‬في‭ ‬مدخلات‭ ‬الطاقة،‭ ‬بالتالي‭ ‬فعملية‭ ‬دمج‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬في‭ ‬الشبكة‭ ‬يحتاج‭ ‬لوضع‭ ‬لوائح‭ ‬ومعايير‭ ‬وأكواد‭ ‬جديدة،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬دمج‭ ‬متطلبات‭ ‬الجهد‭ ‬والتردد‭ ‬والجودة‭ ‬المختلفة‭ ‬بين‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والمرافق‭ ‬الجديدة‭. ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬تعد‭ ‬طريقة‭ ‬نقل‭ ‬الطاقة‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الطرق‭ ‬التي‭ ‬طرحتها‭ ‬الأدبيات‭ ‬الغربية‭ ‬لاستيعاب‭ ‬عدم‭ ‬التوافق‭ ‬في‭ ‬شبكات‭ ‬الطاقة،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬نقلها‭ ‬عبر‭ ‬مسافات‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬طاقة‭ ‬كهربائية،‭ ‬سواء‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استخدام‭ ‬كابلات‭ ‬التيار‭ ‬المتردد‭ ‬عالي‭ ‬الجهد‭ (‬HVAC‭) ‬أو‭ ‬كابلات‭ ‬التيار‭ ‬المستمر‭ ‬عالي‭ ‬الجهد‭ (‬HVDC‭)‬،‭ ‬وتتميز‭ ‬الأخيرة‭ ‬بتكلفة‭ ‬وخسائر‭ ‬تبديد‭ ‬أقل‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأولى،‭ ‬لذا‭ ‬تعتمد‭ ‬أغلب‭ ‬شبكات‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬للطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬على‭ ‬كابلات‭ (‬HVDC‭). ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬أشار‭ ‬تقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬الأبحاث‭ ‬الدولية‭ (‬Climate Action Tracker‭) ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬تمثل‭ ‬أداة‭ ‬حاسمة‭ ‬لتسريع‭ ‬عملية‭ ‬استيعاب‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬في‭ ‬شبكات‭ ‬الطاقة‭ ‬الراهنة‭. ‬

وعلى‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬طرحت‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬الغربية‭ ‬إمكانية‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬شبكات‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬نقل‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬غاز‭ ‬الهيدروجين،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬تقنيات‭ ‬تحويل‭ ‬الطاقة‭ ‬إلى‭ ‬غاز‭ (‬PtG‭)‬،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المشروعات‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬التجريبية‭.‬

هل‭ ‬تحول‭ ‬هذه‭ ‬الكابلات‭ ‬حروب‭ ‬الطاقة‭ ‬المستقبلية‭ ‬إلى‭ ‬أعماق‭ ‬المحيطات؟

يواجه‭ ‬المشهد‭ ‬العالمي‭ ‬للطاقة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬تحولات‭ ‬هائلة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التطورات‭ ‬المتلاحقة‭ ‬لمصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬لا‭ ‬ترتبط‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬فقط‭ ‬بإعادة‭ ‬تعريف‭ ‬طريقة‭ ‬إنتاج‭ ‬واستهلاك‭ ‬الطاقة،‭ ‬لكنها‭ ‬ستؤثر‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬الصناعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالطاقة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬صناعات‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭. ‬وتنطوي‭ ‬التحركات‭ ‬الدولية‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬كابلات‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬ملامح‭ ‬التنافس‭ ‬الدولي‭ ‬المحتمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬

وقد‭ ‬ظلت‭ ‬القوة‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬بشكل‭ ‬وثيق‭ ‬خلال‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬القلق‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬امدادات‭ ‬الغاز‭ ‬أو‭ ‬حظر‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬التحالفات‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬اندلاع‭ ‬الحروب‭. ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬شبكة‭ ‬الفائزين‭ ‬والخاسرين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عالم‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬ستشهد‭ ‬تغيرات‭ ‬جذرية‭. ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬التحول‭ ‬الراهن‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة،‭ ‬والذي‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬يحدث‭ ‬بشكل‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬المتوقع،‭ ‬فإن‭ ‬النموذج‭ ‬الجيوساسي‭ ‬القديم‭ ‬لمراكز‭ ‬القوة‭ ‬المهيمنة‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬للاندثار،‭ ‬مع‭ ‬بروز‭ ‬فواعل‭ ‬جديدة‭ ‬تأخذ‭ ‬بزمام‭ ‬وقيادة‭ ‬نظام‭ ‬الطاقة‭ ‬الجديد‭. ‬

وتماشياً‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬الطاقة‭ ‬الجديد،‭ ‬فإن‭ ‬عملية‭ ‬نقل‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬عبر‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬يشكل‭ ‬إحدى‭ ‬أبرز‭ ‬سمات‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الناشئ،‭ ‬ففي‭ ‬ظل‭ ‬الاعتماد‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬هذه‭ ‬الطاقة‭ ‬على‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية،‭ ‬تتجه‭ ‬المنافسة‭ ‬الدولية‭ ‬المقبلة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬لأن‭ ‬تتركز‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات‭. ‬

وقد‭ ‬كشفت‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬الغربية‭ ‬عن‭ ‬عدة‭ ‬طرق‭ ‬رئيسية‭ ‬للدول‭ ‬لممارسة‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬نظام‭ ‬الطاقة‭ ‬الجديد،‭ ‬لعل‭ ‬أبرزها‭ ‬تصدير‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬المواد‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬ونقل‭ ‬هذه‭ ‬الطاقة،‭ ‬كالليثيوم‭ ‬والكوبالت،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لاكتساب‭ ‬ميزة‭ ‬تكنولوجية‭ ‬تنافسية‭ ‬تتعلق‭ ‬بهذا‭ ‬المجال،‭ ‬كبطاريات‭ ‬السيارات‭ ‬الكهربائية‭. ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق،‭ ‬ذهبت‭ ‬التقارير‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬تتقدم‭ ‬بفارق‭ ‬كبير‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬الدول‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأدوات‭ ‬ممارسة‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬الطاقة‭ ‬الجديد‭. ‬فمن‭ ‬ناحية‭ ‬تمتلك‭ ‬بكين‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعادن‭ ‬المهمة‭ ‬الضرورية‭ ‬للطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬ونقلها،‭ ‬كالنحاس‭ ‬والكوبالت‭ ‬والسيليكون‭ ‬والمعادن‭ ‬الأرضية‭ ‬النادرة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬سيطرة‭ ‬الشركات‭ ‬الصينية‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المناجم‭ ‬الخاصة‭ ‬بهذه‭ ‬المعادن،‭ ‬كمنجم‭ ‬‮«‬تينكي‭ ‬فونجوروم‮»‬‭ ‬للنحاس‭ ‬والكوبالت‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬والذي‭ ‬اشترته‭ ‬شركة‭ (‬China Molybdenum‭) ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬Freeport‭ – ‬McMoran‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬بحوالي‭ ‬2‭.‬65‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬بالإضافة‭ ‬لذلك‭ ‬تعد‭ ‬بكين‭ ‬أكبر‭ ‬منتج‭ ‬للبطاريات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تنتج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ % ‬من‭ ‬الألواح‭ ‬الشمسية‭ ‬الكهروضوئية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وحوالي‭ ‬نصف‭ ‬المركبات‭ ‬الكهربائية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬ثلث‭ ‬طاقة‭ ‬الرياح‭. ‬

وعلى‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬تعد‭ ‬الصين‭ ‬نشطة‭ ‬للغاية‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬شبكات‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬للطاقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬والتي‭ ‬تشكل‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬لنظام‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة،‭ ‬لذا‭ ‬تمتلك‭ ‬الصين‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬عالية‭ ‬الجهد،‭ ‬والتي‭ ‬تمتد‭ ‬عبر‭ ‬القارات‭ ‬المختلفة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الربط‭ ‬العالمي‭ ‬للطاقة‭ ‬الخضراء‭. ‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬تسعى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬اللحاق‭ ‬بهذه‭ ‬المنافسة‭ ‬الحادة‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬فقد‭ ‬وضعت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬خطة‭ ‬لتحسين‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المعادن‭ ‬الأرضية‭ ‬النادرة‭ ‬ذات‭ ‬الأهمية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭. ‬كذلك‭ ‬تعمل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬على‭ ‬الألواح‭ ‬الكهروضوئية‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الحرب‭ ‬التجارية‭ ‬الراهنة،‭ ‬حيث‭ ‬تشكل‭ ‬التحركات‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬وأدوات‭ ‬نقلها،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية،‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬المتزايد‭ ‬لدى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬

وقد‭ ‬ذهبت‭ ‬بعض‭ ‬التقديرات‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬مشروع‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬عبر‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬بين‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬وأمريكا‭ ‬الشمالية،‭ ‬الذي‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭ ‬The North Atlantic Transmission One‭ ‬–‭ ‬Link‭ (‬الناتو‭ -‬L‭)‬،‭ ‬يستهدف‭ ‬تشكيل‭ ‬تحالفات‭ ‬استراتيجية‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬لمواجهة‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حروب‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية‭ ‬الراهنة،‭ ‬والدفع‭ ‬نحو‭ ‬تحويل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬أعماق‭ ‬البحار‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الكابلات‭. ‬حيث‭ ‬تعمد‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬إلى‭ ‬تصعيد‭ ‬هجمات‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الرمادية‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬وبحر‭ ‬الشمال‭ ‬رداً‭ ‬على‭ ‬الضغوطات‭ ‬الغربية‭ ‬المتزايدة‭ ‬عليها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬تهديداً‭ ‬للكابلات‭ ‬البحرية،‭ ‬وتفاقم‭ ‬حروب‭ ‬الطاقة‭ ‬تحت‭ ‬سطح‭ ‬البحر‭. ‬

وبينما‭ ‬ترتكز‭ ‬المنافسة‭ ‬الصينية‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والغرب‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬على‭ ‬مساعي‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬تحقيق‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬الناشئ‭ ‬والحيوي‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬الطاقة‭ ‬المستقبلية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المنافسة‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬تبدو‭ ‬مختلفة‭ ‬كثيراً‭ ‬عن‭ ‬الأهداف‭ ‬الصينية،‭ ‬فلطالما‭ ‬حصدت‭ ‬موسكو‭ ‬مزايا‭ ‬استراتيجية‭ ‬هائلة‭ ‬بسبب‭ ‬مواردها‭ ‬الهائلة‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬والنفط‭ ‬والفحم،‭ ‬بالتالي‭ ‬فالتوجهات‭ ‬الدولية‭ ‬الراهنة‭ ‬للتوسع‭ ‬في‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬واتجاه‭ ‬مختلف‭ ‬الدول،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬النفطية‭ ‬منها،‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬يشكل‭ ‬تهديداً‭ ‬لهذه‭ ‬المزايا‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬لذا‭ ‬تنظر‭ ‬روسيا‭ ‬لهذه‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬بدرجة‭ ‬من‭ ‬الريبة‭. ‬

وبناء‭ ‬عليه،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬حروب‭ ‬الطاقة‭ ‬المستقبلية‭ ‬تتجه‭ ‬نحو‭ ‬أعماق‭ ‬المحيطات‭ ‬والبحار،‭ ‬فبدلاً‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬التقليدية‭ ‬السابقة‭ ‬للطاقة‭ ‬والتي‭ ‬تركزت‭ ‬على‭ ‬حقول‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬ووسائل‭ ‬نقلها،‭ ‬تتجه‭ ‬حروب‭ ‬الطاقة‭ ‬المقبلة‭ ‬للتركيز‭ ‬على‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬آليات‭ ‬مبتكرة‭ ‬لنقل‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬بل‭ ‬وقارات‭ ‬العالم‭ ‬المختلفة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬وتيرة‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬وتسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬والتحول‭ ‬نحو‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭. ‬لكن،‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬هذه‭ ‬الكابلات‭ ‬ساحة‭ ‬جديدة‭ ‬للتنافس‭ ‬الدولي‭ ‬الحاد،‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬لحد‭ ‬الصراعات‭ ‬العنيفة‭. ‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬باتت‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬لنقل‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬أداة‭ ‬رئيسية‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التنمية‭ ‬الراهنة‭ ‬والاتجاه‭ ‬الدولي‭ ‬للتحول‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬تسهيل‭ ‬الأسواق،‭ ‬بحيث‭ ‬يسمح‭ ‬للدولة‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬كهرباء‭ ‬ذات‭ ‬تكلفة‭ ‬عالية‭ ‬بشراء‭ ‬طاقة‭ ‬أرخص‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬أخرى،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬خطوط‭ ‬الطاقة‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬النرويج‭ ‬وبريطانيا‭. ‬وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الكابلات‭ ‬البحرية‭ ‬لنقل‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬تشكل‭ ‬آلية‭ ‬مهمة‭ ‬لحل‭ ‬إشكالية‭ ‬عدم‭ ‬توافر‭ ‬هذه‭ ‬الطاقة‭ ‬بشكل‭ ‬مستدام‭ ‬بسبب‭ ‬اعتمادها‭ ‬بالأساس‭ ‬على‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس‭ ‬والرياح،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تقنيات‭ ‬تخزين‭ ‬الطاقة‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬الكمال،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬الحاجة‭ ‬لنقل‭ ‬هذه‭ ‬الطاقة‭ ‬الزائدة‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬طلب‭ ‬أخرى،‭ ‬مع‭ ‬الاستعداد‭ ‬لعملية‭ ‬نقل‭ ‬عكسية‭ ‬للطاقة‭ ‬حال‭ ‬تراجع‭ ‬انتاجها‭ ‬في‭ ‬الطرف‭ ‬الأول‭ ‬وتوافرها‭ ‬في‭ ‬الثاني‭. ‬●

‮»‬‭ ‬عدنان‭ ‬موسى‭  (‬مدرس‭ ‬مساعد‭ ‬بكلية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والعلوم‭ ‬السياسية‭ ‬–‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة‭)‬

Twitter
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض