Nuclear copy

وسائل تحقيق الردع في مواجهة الدول النووية

كان‭ ‬الردع‭ ‬النووي‭ ‬هو‭ ‬الشكل‭ ‬السائد‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬المتنافسة‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وروسيا،‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬باكستان‭ ‬والهند،‭ ‬وقد‭ ‬ساهم‭ ‬الردع‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يثار‭ ‬التساؤل‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬قيام‭ ‬دول‭ ‬غير‭ ‬نووية‭ ‬بتحقيق‭ ‬الردع‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬دول‭ ‬تمتلك‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭. ‬

مع‭ ‬امتلاك‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬للسلاح‭ ‬النووي،‭ ‬وعدم‭ ‬امتلاك‭ ‬جارتها‭ ‬الجنوبية‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬السلاح،‭ ‬يثار‭ ‬التساؤل‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬تحقيق‭ ‬الأخيرة‭ ‬للردع‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬بيونج‭ ‬يانج،‭ ‬ومدى‭ ‬مصداقية‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الردع‭. ‬ولذلك‭ ‬يكتسب‭ ‬هذا‭ ‬التساؤل‭ ‬أهمية،‭ ‬وهي‭ ‬كيف‭ ‬تحقق‭ ‬الدول‭ ‬غير‭ ‬النووية‭ ‬الردع‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الدول‭ ‬النووية‭. ‬وسيتم‭ ‬استعراض‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬والنماذج‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭.‬

‬الردع‭ ‬النووي‭ ‬الممتد‭:‬‭ ‬ترتبط‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تحديداً،‭ ‬ويقصد‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬تمد‭ ‬واشنطن‭ ‬مظلتها‭ ‬النووية‭ ‬لدول‭ ‬أخرى،‭ ‬غير‭ ‬نووية،‭ ‬وذلك‭ ‬لتوفير‭ ‬الحماية‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الدول‭ ‬النووية،‭ ‬إذ‭ ‬يتمثل‭ ‬أحد‭ ‬الأهداف‭ ‬المعلنة‭ ‬لسياسة‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الردع‭ ‬ليشمل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬‮«‬حليفاً‭ ‬وشريكاً‮»‬‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إذ‭ ‬تسعى‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬طمأنة‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ستهب‭ ‬لنجدتها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬احتمال‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تعرضت‭ ‬لهجوم‭. ‬

وقد‭ ‬دعت‭ ‬مراجعات‭ ‬الوضع‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬الأعوام‭ ‬2010‭ ‬و2018‭ ‬و2022،‭ ‬وهي‭ ‬تقييمات‭ ‬دورية‭ ‬للسياسة‭ ‬النووية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الردع‭ ‬الممتد،‭ ‬وافترضت‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الردع‭ ‬يدعم‭ ‬أهداف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬حلفاء‭ ‬وشركاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لن‭ ‬يتجهوا‭ ‬إلى‭ ‬امتلاك‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬وذلك‭ ‬نظراً‭ ‬لثقتهم‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬سوف‭ ‬تمد‭ ‬مظلتها‭ ‬النووية‭ ‬لحمايتهم‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬اعتداء‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فإن‭ ‬اليابان‭ ‬تعلن‭ ‬في‭ ‬وثائقها‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬أن‭ ‬الدرع‭ ‬الممتد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬الأمريكية‭ ‬هو‭ ‬عنصر‭ ‬أساسي‭ ‬لأمنها‭. ‬

وبطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬فإن‭ ‬أحد‭ ‬الاختبارات‭ ‬الحقيقية‭ ‬لعقيدة‭ ‬الردع‭ ‬النووي‭ ‬الممتد‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الحلفاء‭ ‬يؤمنون‭ ‬مصداقية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬بمعني‭ ‬مدى‭ ‬إيمانهم‭ ‬بأن‭ ‬واشنطن‭ ‬ستخوض‭ ‬حقاً‭ ‬حرباً‭ ‬نووية‭ ‬نيابة‭ ‬عنهم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬دولة‭ ‬معتدية،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬ترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬زيادة‭ ‬خطر‭ ‬الهجوم‭ ‬النووي‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬الأمريكية‭ ‬ذاتها‭. ‬فقد‭ ‬دفع‭ ‬ذلك‭ ‬الهاجس‭ ‬فرنسا،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬إلى‭ ‬امتلاك‭ ‬أسلحتها‭ ‬النووية‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭. ‬

ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الخصوم،‭ ‬فهذه‭ ‬المشكلة‭ ‬حقيقة،‭ ‬إذ‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يعتقد‭ ‬المعتدون‭ ‬المحتملون‭ ‬أن‭ ‬بلداً‭ ‬ما‭ ‬سيقاتل‭ ‬دفاعاً‭ ‬عن‭ ‬حليف،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬يخاطر‭ ‬بشن‭ ‬هجوم‭ ‬نووي‭ ‬على‭ ‬وطنه‭. ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬الدولة‭ ‬المعرضة‭ ‬للتهديد‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقامة‭ ‬تحالفات‭ ‬رسمية‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬لها‭ ‬الحماية‭ ‬النووية،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نشر‭ ‬قوات‭ ‬نووية‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬الدولة‭ ‬الأولى،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬روسيا‭ ‬بنشر‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭ ‬تكتيكية‭ ‬في‭ ‬بيلاروسيا‭ ‬لحمايتها‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬تهديدات‭ ‬أوكرانية‭ ‬–‭ ‬غربية‭. ‬

ولكن‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬بعض‭ ‬الدوائر‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬مخاطر‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الحماية‭ ‬النووية،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬يجر‭ ‬واشنطن‭ ‬إلى‭ ‬حروب‭ ‬غير‭ ‬مرغوب‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدول‭ ‬المحمية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تصبح‭ ‬أكثر‭ ‬تقبلاً‭ ‬للمخاطرة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬خصومها،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬اندلاع‭ ‬مواجهات‭ ‬نووية‭ ‬بينهما‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يواجه‭ ‬مفهوم‭ ‬الردع‭ ‬النووي‭ ‬تحدياً،‭ ‬نظراً‭ ‬لتهديد‭ ‬المسؤولين‭ ‬الروس‭ ‬باستخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬سوف‭ ‬تقوم‭ ‬بمساعدة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬استهداف‭ ‬العمق‭ ‬الروسي،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬تم‭ ‬ذلك‭ ‬باستخدام‭ ‬صواريخ‭ ‬تقليدية‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى،‭ ‬فقد‭ ‬حذر‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي،‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين،‭ ‬الغرب،‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬سبتمبر‭ ‬2024،‭ ‬بأن‭ ‬روسيا‭ ‬قد‭ ‬تستخدم‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬إذا‭ ‬تعرضت‭ ‬لضربات‭ ‬بصواريخ‭ ‬تقليدية،‭ ‬وأن‭ ‬موسكو‭ ‬ستعتبر‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬عليها‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬نووية‭ ‬هجوماً‭ ‬مشتركاً،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬سوف‭ ‬يتوجب‭ ‬رداً‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬روسيا‭ ‬باستخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬على‭ ‬الدولتين‭. ‬

ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬الموقف‭ ‬الروسي‭ ‬المتشدد‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬خشية‭ ‬موسكو‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بتوظيف‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لاستهداف‭ ‬المواقع‭ ‬النووية‭ ‬العسكرية‭ ‬المدنية‭ ‬الروسية‭. ‬ولا‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬مستبعداً،‭ ‬فقد‭ ‬سبق‭ ‬وأن‭ ‬قامت‭ ‬أوكرانيا‭ ‬باستهداف‭ ‬مفاعل‭ ‬زابوريجيا‭ ‬الأوكراني‭ ‬بعد‭ ‬سيطرة‭ ‬روسيا‭ ‬عليه،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬سعيها‭ ‬لاستهداف‭ ‬مفاعل‭ ‬كورسك‭ ‬النووي،‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬أغسطس‭ ‬2024،‭ ‬وفقاً‭ ‬لتأكيدات‭ ‬موسكو،‭ ‬وهي‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬الاتهامات‭ ‬التي‭ ‬تنفيها‭ ‬الأخيرة‭. ‬

‬استهداف‭ ‬المفاعلات‭ ‬المدنية‭:‬‭ ‬يمثل‭ ‬استهداف‭ ‬المفاعلات‭ ‬النووية‭ ‬أحد‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬اكتسبت‭ ‬بعداً‭ ‬جدياً‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الأوكرانية‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬الصواريخ‭ ‬ذات‭ ‬الرؤوس‭ ‬الحربية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تدمر‭ ‬الهياكل‭ ‬المحصنة،‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الصواريخ‭ ‬هي‭ ‬صواريخ‭ ‬فرط‭ ‬صوتية،‭ ‬إذ‭ ‬يمكن‭ ‬لهذه‭ ‬الصواريخ‭ ‬اختراق‭ ‬هيكل‭ ‬الاحتواء،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬قلب‭ ‬المفاعل‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إحداث‭ ‬التأثير‭ ‬السابق،‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬ضربات‭ ‬متعددة‭ ‬وأسلحة‭ ‬دقيقة‭ ‬التوجيه‭. ‬ونظراً‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬وسيلة‭ ‬فعّالة‭ ‬لمنع‭ ‬الضربات‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الدفاعات‭ ‬الجوية‭ ‬والصاروخية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تضمن‭ ‬سوى‭ ‬حماية‭ ‬جزئية،‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التهديد‭ ‬يعد‭ ‬تهديداً‭ ‬جدياً‭. ‬

وبالتالي،‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات،‭ ‬يمكن‭ ‬تصور‭ ‬سيناريو‭ ‬تقوم‭ ‬فيه‭ ‬دولة‭ ‬باستهداف‭ ‬المفاعلات‭ ‬باستخدام‭ ‬ضربات‭ ‬صاروخية‭ ‬تقليدية‭ ‬لتحقيق‭ ‬ردع‭ ‬ضد‭ ‬دولة‭ ‬تمتلك‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬أولاً‭ ‬امتلاك‭ ‬الدولة‭ ‬صواريخ‭ ‬باليستية‭ ‬دقيقة‭ ‬التوجيه‭ ‬وبأعداد‭ ‬كافية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬وقوع‭ ‬هذه‭ ‬المفاعلات‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬قريب‭ ‬من‭ ‬العاصمة،‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬المفاعل‭ ‬النووي‭ ‬صغيرة‭ ‬الحجم،‭ ‬بحيث‭ ‬يؤدي‭ ‬استهداف‭ ‬المفاعلات‭ ‬النووية‭ ‬بها،‭ ‬إلى‭ ‬تلوث‭ ‬نووي‭ ‬يصيب‭ ‬أراضي‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬بأكملها‭. ‬

‬التحوط‭ ‬النووي‭:‬‭ ‬يمكن‭ ‬تعريف‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬للاحتفاظ،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬الظهور‭ ‬بمظهر‭ ‬الاحتفاظ،‭ ‬بخيار‭ ‬قابل‭ ‬للتطبيق‭ ‬لحيازة‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭ ‬سريعة‭ ‬نسبياً،‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬قدرة‭ ‬تقنية‭ ‬محلية‭ ‬لإنتاجها،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬زمني‭ ‬قصير‭ ‬نسبياً‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬عدة‭ ‬أسابيع‭ ‬وبضع‭ ‬سنوات‮»‬‭. ‬وتندرج‭ ‬اليابان‭ ‬ضمن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تصنف‭ ‬تحت‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬الدول‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬وجود‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬نووية‭ ‬متطورة‭ ‬ذات‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬دورة‭ ‬وقود‭ ‬كاملة،‭ ‬وإن‭ ‬عكس‭ ‬قدراً‭ ‬من‭ ‬الكمون‭ ‬النووي،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬حيازة‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يميز‭ ‬استراتيجية‭ ‬التحوط‭ ‬هو‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬المتضافرة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الكمون‭ ‬النووي‭ ‬مصحوباً‭ ‬بوجود‭ ‬أدلة‭ ‬على‭ ‬سعي‭ ‬الدولة‭ ‬لحيازة‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭. ‬وببساطة،‭ ‬يمكن‭ ‬تعريف‭ ‬التحوط‭ ‬النووي‭ ‬بأنه‭ ‬حالة‭ ‬الكمون‭ ‬النووي‭ ‬مع‭ ‬امتلاك‭ ‬الدولة‭ ‬للنية‭ ‬لامتلاك‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‭ ‬في‭ ‬النهاية‭.‬

ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قامت‭ ‬بسحب‭ ‬أسلحتها‭ ‬النووية‭ ‬من‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1991،‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬سعي‭ ‬واشنطن‭ ‬لإقناع‭ ‬بيونج‭ ‬يانج‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬منشآتها‭ ‬النووية‭ ‬لتفتيش‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭. ‬ومع‭ ‬إخفاق‭ ‬الجهود‭ ‬الأمريكية‭ ‬لإثناء‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬عن‭ ‬المضي‭ ‬قدماً‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬امتلاك‭ ‬الأخيرة‭ ‬لقدرات‭ ‬نووية‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬استهداف‭ ‬بعض‭ ‬المدن‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فقد‭ ‬طالبت‭ ‬سيؤول‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2017‭ ‬بنشر‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭ ‬تكتيكية‭ ‬أمريكية‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭. ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬تصاعدت‭ ‬الدعوات‭ ‬في‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬لامتلاك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي،‭ ‬فقد‭ ‬كشف‭ ‬استطلاع‭ ‬للرأي‭ ‬أجرته‭ ‬جالوب‭ ‬أن‭ ‬60‭ % ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬هناك‭ ‬يؤيدون‭ ‬امتلاك‭ ‬بلادهم‭ ‬للسلاح‭ ‬النووي‭.‬

ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وسيؤول‭ ‬حول‭ ‬دور‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬المعادلة‭ ‬النووية‭ ‬بين‭ ‬الكوريتين‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬تفضل‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬واشنطن‭ ‬بالإعلان‭ ‬صراحة‭ ‬عن‭ ‬استخدامها‭ ‬للسلاح‭ ‬النووي‭ ‬ضد‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬استخدمت‭ ‬الأخيرة‭ ‬السلاح‭ ‬النووي،‭ ‬فإن‭ ‬واشنطن‭ ‬تفضل‭ ‬استخدام‭ ‬تصريحات‭ ‬غامضة،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬بيونج‭ ‬يانج‭ ‬للسلاح‭ ‬النووي‭ ‬ضد‭ ‬جارتها‭ ‬الجنوبية‭ ‬سوف‭ ‬يقابل‭ ‬‮«‬برد‭ ‬سريع‭ ‬وساحق‭ ‬وحاسم‮»‬،‭ ‬و«سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬نهاية‭ ‬نظام‭ ‬كيم‮»‬‭. ‬كما‭ ‬أعلنت‭ ‬واشنطن‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬الردع‭ ‬الأمريكي‭ ‬الموسع‭ ‬يستخدم‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬كاملة‭ ‬من‭ ‬القدرات‭ ‬الدفاعية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القدرات‭ ‬النووية‭ ‬والتقليدية‭ ‬والدفاع‭ ‬الصاروخي‭ ‬والقدرات‭ ‬غير‭ ‬النووية‭ ‬المتقدمة‮»‬‭. ‬ويفسر‭ ‬الكوريون‭ ‬الجنوبيون‭ ‬هذا‭ ‬التصريح‭ ‬الأمريكي‭ ‬بأنه‭ ‬غامض‭ ‬حول‭ ‬نوع‭ ‬القدرات‭ ‬التي‭ ‬ستستخدمها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬رداً‭ ‬على‭ ‬هجوم‭ ‬نووي‭ ‬كوري‭ ‬شمالي،‭ ‬لأنه‭ ‬يعني‭ ‬ضمناً‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬استخدمت‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية،‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬تفضل‭ ‬الرد‭ ‬بالأسلحة‭ ‬التقليدية‭ ‬فقط‭. ‬وبالنسبة‭ ‬للكوريين‭ ‬الجنوبيين،‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬المعلنة‭ ‬الغامضة‭ ‬تثير‭ ‬مخاوفهم‭.‬

ولذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التحوط‭ ‬النووي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬الخيار‭ ‬الأفضل‭ ‬بالنسبة‭ ‬لكوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬يؤكدون‭ ‬أن‭ ‬الأخيرة‭ ‬تعد‭ ‬قوة‭ ‬تكنولوجية‭ ‬ذات‭ ‬قدرات‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬النووية،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬المدني‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬البرامج‭ ‬النووية‭ ‬المدنية‭ ‬وأكثرها‭ ‬تطوراً‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬مما‭ ‬يوفر‭ ‬أساساً‭ ‬كبيراً‭ ‬للتطبيقات‭ ‬العسكرية‭ ‬المحتملة‭. ‬وتعني‭ ‬تقدم‭ ‬البلاد‭ ‬التقني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬أن‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬القدرات‭ ‬النووية‭ ‬المدنية‭ ‬إلى‭ ‬القدرات‭ ‬النووية‭ ‬العسكرية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬بسرعة‭ ‬نسبياً‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬اعتُبر‭ ‬ذلك‭ ‬ضرورياً‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬للدولة‭.‬

ويرى‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬قد‭ ‬تتجه‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬لتبني‭ ‬استراتيجية‭ ‬التحوط‭ ‬النووي،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬مضي‭ ‬إيران‭ ‬قدماً‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬امتلاك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي،‭ ‬بينما‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬احتمالاً‭ ‬قائماً‭ ‬بأن‭ ‬تقدم‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬على‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭ ‬من‭ ‬باكستان‭ ‬رداً‭ ‬على‭ ‬حيازة‭ ‬إيران‭ ‬للسلاح‭ ‬النووي‭. ‬ويرى‭ ‬نفس‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخبراء‭ ‬أن‭ ‬منع‭ ‬الرياض‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬ممكن،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أقدمت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬ضمانات‭ ‬أمنية‭ ‬للسعودية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬احتمال‭ ‬امتلاك‭ ‬إيران‭ ‬للسلاح‭ ‬النووي‭.‬

‬امتلاك‭ ‬سلاح‭ ‬مماثل‭:‬‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬تلجأ‭ ‬أحياناً‭ ‬إلى‭ ‬امتلاك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬خصومها،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفييتي،‭ ‬أو‭ ‬الهند‭ ‬وباكستان‭. ‬

وهددت‭ ‬السعودية،‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬بامتلاك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬امتلكت‭ ‬إيران‭ ‬سلاحاً‭ ‬مماثلاً،‭ ‬وجاء‭ ‬آخر‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات،‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬سبتمبر‭ ‬2023،‭ ‬إذ‭ ‬ألمح‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي،‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬قناة‭ ‬فوكس‭ ‬نيوز‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬‮«‬ستضطر‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬طورت‭ ‬إيران‭ ‬سلاحها‭ ‬النووي‭. ‬وسبق‭ ‬وأن‭ ‬أعلن‭ ‬مسؤولون‭ ‬حكوميون‭ ‬كبار‭ ‬نيتهم‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقلالية‭ ‬الكاملة‭ ‬عبر‭ ‬امتلاك‭ ‬دورة‭ ‬الوقود‭ ‬النووي‭ ‬بأكملها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬قدرات‭ ‬التخصيب‭ ‬وإعادة‭ ‬المعالجة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬صعوبات‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬النووية‭ ‬والوقود‭ ‬اللازم‭ ‬لبرنامجها‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فإن‭ ‬الصين‭ ‬تبدو‭ ‬أكثر‭ ‬استعداداً‭ ‬للتعاون‭ ‬مع‭ ‬السعودية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬في‭ ‬الحدود‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬بها‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭. 

ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬السياسات‭ ‬سابقة‭ ‬الذكر‭ ‬ليست‭ ‬مستقلة‭ ‬عن‭ ‬بعضها‭ ‬بعضاً‭ ‬تماماً،‭ ‬إذ‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬ارتباط‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فإن‭ ‬تهديد‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬بامتلاك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬لمواجهة‭ ‬تهديدات‭ ‬جاراتها‭ ‬الشمالية‭ ‬قد‭ ‬يهدف،‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر،‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬ضغوط‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لدفع‭ ‬واشنطن‭ ‬لتوفير‭ ‬المظلة‭ ‬النووية‭ ‬لكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬بيونج‭ ‬يانج‭.‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الدول‭ ‬تتبنى‭ ‬استراتيجيات‭ ‬مختلفة‭ ‬لمواجهة‭ ‬مخاطر‭ ‬امتلاك‭ ‬خصومها‭ ‬للسلاح‭ ‬النووي‭. ‬وهذه‭ ‬السياسات‭ ‬تتنوع‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الفرص‭ ‬والقيود‭ ‬المتاحة‭ ‬لكل‭ ‬دولة،‭ ‬وكذلك‭ ‬حجم‭ ‬تطور‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬المخصص‭ ‬للأغراض‭ ‬النووية،‭ ‬ومدى‭ ‬تقدمه،‭ ‬واستثمار‭ ‬هذا‭ ‬التقدم‭ ‬لأغراض‭ ‬امتلاك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭.‬

‮»‬‭ ‬د‭. ‬شادي‭ ‬عبدالوهاب
‭‬أستاذ‭ ‬مشارك‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الدفاع‭ ‬الوطني‭

WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض