كتاب العدد 603

الإجرام البيولوجي والأمن البشري: واقع الحماية وسبل المواجهة القانونية

تعتمد الجريمة البيولوجية على التقانة الحيوية، أو الجينية، في تغيير الخواص البيولوجية للأحياء من جراثيم، وفيروسات، وميكروبات، وغيرها، وزيادة خطورتها، ثم نشـرها أو استغلالها عدائياً، لإحداث آثار كارثية ببني البشـر وبيئة الأحياء والمحيط الحيوي، ومن ثم تهدد الاعتداءات البيولوجية أمن البشـرية وبقاءها، وتبدِّد مقوِّماتها التنموية.

وتحاول السياسة التشريعية، على الصعيدين الدولي والوطني، مجابهة ظاهرة الإجرام البيولوجي، وتتعدد مجالات الحماية وسبلها، سعياً إلى ضبط الأنشطة البيولوجية، واعتراض خطوات إساءة استخدام تقانتها، وفرض الرقابة والإشـراف المستمر من الجهات الرسمية في الدولة.

وقد برهنت الأحداث على عجز كثير من الأنظمة القانونية عن مجابهة الهجمات البيولوجية، أو تقليص انعكاساتها السلبية على الأمن البشري، وبرغم كثرة التحذيرات الدولية، والقواعد القانونية، والمعاهدات والصكوك والاتفاقيات الدولية، التي تحظر هذه الاعتداءات، يسود التَّخَوُّف من إمكانية امتداد العدوان البيولوجي نحو إحداث فظائع إنسانية كبرى، نظراً إلى تعذُّر تحديد امتداده الجغرافي، أو السيطرة عليه، أو التحكُّم فيه.

الإجرام البيولوجي

وتستعرض الدراسة أفضل الممارسات العالمية وأحدثها في مجال الحماية القانونية ضد الإجرام البيولوجي، وجهود المُشَرِّع الإماراتي لمواجهته، ومن ثم تطرح مقترحات لتطوير الإطار القانوني لمكافحة هذا الخطر الجسيم.

إن ظاهرة الإجرام البيولوجي عملٌ آثمٌ ضد البشرية وأمنها، وحدث خطِر، وخطيئة إنسانية تبدو مظاهر خطورتها واضحة على نحو أعمق فيما تشير إليه التقارير من إمكانية امتلاك الأفراد، أو الجماعات الإجرامية، أو الإرهابية، القدرات، والمقومات المعرفية أو التقنية، التي تتيح لهم فرص تصنيع، أو استحداث، أو امتلاك، أو استخدام الوسائط والعوامل البيولوجية العدائية، وبالنظر إلى فظاعة المخاطر وكوارث الاعتداءات الناشئة عن ذلك، فإن آفاق هذه الدراسة تعالج هذا الحدث الخطر، إذ تتعقب نشأته، وجوانب عدم مشروعيته، وخطورته على الأمن البشري والمحيط الحيوي، وواقعه، وسبل الحماية القانونية منه.

وتشير الدراسة إلى أن خطورة الإجرام البيولوجي، واستخداماته العدائية، تكمن على نحو أساسي في اعتماده على العوامل الأحيائية المجهرية المدمرة للبشـرية من فيروسات، وجراثيم، وميكروبات، يسهل استحداثها، وتصنيعها، ونشـرها، في حين يصعب اكتشافها، أو علاجها، أو مواجهتها، ما يمثل قمة الخطورة والتحدي أمام البشـرية، وما انتهجته من استراتيجيات، وسياسات، وتدابير، وأطر وقائية.

ويمتد أثر الإجرام البيولوجي عميقاً في أمن البشر ووجودهم، ومضامين التنمية المستدامة وأبعادها، ومكتسباتها من الوجهات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، ولا سيما أن أقصى درجات العداء ضد الوجود، تتمثل في الاستخدام العمدي للعوامل والوسائط البيولوجية أسلوباً قتالياً في حالات النزاع المسلح، أو توجيهها ضد المدنيين، أو في صورة إرهاب دولي أو جنائي لنشر الرعب والترويع.

وتتداخل الجوانب السياسية مع الجوانب التشـريعية وحدودها وأهميتها، على الصعيدين الدولي والوطني، في مجابهة ظاهرة الإجرام البيولوجي، وتقرير المسؤولية والجزاء بشأنها، بحسب نوع القاعدة القانونية، ووظيفتها الحمائية، وقد يكون ذلك في شكل تجريم، وعقاب، وتقرير مسؤولية جنائية، أو في شكل تأثيم، أو حظر قانوني ينظم تبعاته في مجال المسؤولية المدنية بالتعويض، وجبر الخسارة، ويؤدي كل من هذه القواعد دوره في جانبٍ معين من الحماية.

وتتدخل السياسات التشـريعية لتضبط الأنشطة البيولوجية، وتعترض خطوات إساءة استخدام تقانتها ومظاهرها عن طريق مكافحة العامل السببي المُهيِّئ للإجرام البيولوجي، وتعزيز الشفافية، مع مراعاة الضوابط الآمنة بشأن التخلص من الكائنات المحوَّرة، وفرض الرقابة والإشـراف المستمر من قبل الجهات الرسمية في الدولة.

كما يضطلع القانون الجنائي بدور محوري في تحقيق إدارة ناجعة بمجال حماية السلامة البيولوجية، أو الأحيائية.

وتشير الدراسة إلى ضرورة تعيين ضبطية قضائية خاصة في مجالات البحث، والتحري، والكشف عن الجرائم البيولوجية، وإثبات المخالفات بشأنها، وقد اتجهت بعض الأنظمة التشـريعية نحو إنشاء نيابات عامة متخصصة معنية بالتحقيق في الجرائم البيولوجية، ومن أهم هذه الأنظمة القانون الإماراتي، الذي أنشأ نيابات عامة متخصصة، ومنحها سلطات واسعة، من حيث مدة الحبس الاحتياطي، والمنع من السفر، والاطلاع على الحسابات البنكية، وتجميد الأموال والأصول المشتبه في إعدادها لتمويل التنظيمات الإرهابية.

معلومات الكتاب

اسم الكتاب: الإجرام البيولوجي والأمن البـشري: واقع الحماية وسبل المواجهة القانونية

المؤلف: حازم حسن الجمل

الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية

تاريخ النشر: 2022

معلومات المؤلف
حازم حسن الجمل

* خبير قانوني مصري

* يعمل محامياً منذ عام 1999

* حصل على درجة الدكتوراه في الحقوق من جامعة المنصورة عام 2013

* عمل أستاذاً مساعداً بقسم القانون الجنائي لدى معهد الإدارة العامة بالرياض في عامي 2018 و2019

* عضو محكم وعضو اللجان العلمية والاستشارية لكثير من المجلات العلمية

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض