أدت التطورات الكبيرة التي شهدتها تقنيات الفضاء الخارجي، السلمية والعسكرية، المعلنة والسرية، إلى تحوُّل الفضاء إلى ساحة كبيرة تتزاحم فيها الأقمار الصناعية والأجسام الفضائية، ويحاول فقهاء القانون الدولي إيجاد نظام قانوني يحكم نشاط الدول في الفضاء الخارجي، لمواكبة التطور التقني المصاحب لهذا النشاط، كما يحاول المجتمع الدولي منع استخدام الفضاء الخارجي للإضرار بالإنسان والطبيعة.
الفضاء الخارجي
انقسم موقف الدول تجاه مشكلة تعريف الفضاء الخارجي، وتعيين حدوده إلى مجموعتين: تضم الأولى الدولَ المتقدمة التي تملك الإمكانيات المادية والتكنولوجية لاستكشاف الفضاء الخارجي، وتتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية، التي تنادي بضرورة عدم تحديد الفضاء الخارجي، وترك ذلك للواقع، وأنه ليس لأي دولة حق ادعاء سيادتها على الفضاء الخارجي، أو على أي جزء منه، وأن الفضاء الخارجي ليس خاضعاً للامتلاك الوطني بادعاء أو بحجة السيادة، وليس خاضعاً للاستخدام أو الاحتلال، أما الاتحاد السوفييتي سابقاً، فنادى أول الأمر بالسيادة المطلقة للدولة على فضائها الجوي، ولكنه تخلى عن هذا الموقف، وتبنى توجه السيطرة الفعلية بعد أن أطلق مركبته الفضائية “سبوتنيك”. ويُلاحظ توجه الدول المتقدمة إلى تبني النظريات التي من شأنها خدمة أهدافها ومصالحها.
وتضم المجموعة الثانية الدول النامية، التي نادت منذ البدء بفرض السيادة المطلقة على الفضاء الخارجي، حرصاً منها على مصالحها الأمنية، وسلامة أراضيها.
طرح الكتاب
وينطلق الكتاب في طرحه من التطورات التكنولوجية الحديثة، والتقدم العلمي الذي يتسم به مجال الفضاء الخارجي، ولا سيَّما بعد انضمام دولة الإمارات أخيراً إلى هذا السباق، إذ أنشأت “وكالة الإمارات للفضاء”، فضلاً عن إطلاقها أول مسبار عربي إسلامي يبلغ المريخ.
ومع تسارع الاختراعات، والتطور التقني، واكتشاف الأقمار الصناعية، والمركبات الفضائية، والصواريخ البعيدة المدى، اخترق الإنسان طبقة الفضاء الخارجي التي ينعدم فيها الهواء، والجاذبية الأرضية، وجذب ذلك اهتمام الدول والهيئات الدولية والفقهية للبحث عن نظام قانوني يتلاءم وطبيعة الأجواء الوطنية التي تعلو إقليم الدولة مباشرة، وتتصل بالأرض، وتدور معها، إضافة إلى الفضاء الخارجي الذي يعلو الغلاف الهوائي للكرة الأرضية، حيث الكواكب والأجرام السماوية.
وفي المحصلة تمارس الدولة سيادتها التامة على الأجواء الوطنية فوق إقليمها، أما الفضاء الخارجي الذي يعلو هذه الأجواء، فلا يخضع لسيادة أي دولة، ويبقى متاحاً لاستخدام جميع الدول، وَفقاً لقواعد القانون الدولي بشأن تنظيم الملاحة الجوية الدولية، واستخدام الفضاء الخارجي. وإذ يعيش الإنسان علاقة فريدة مع قوى الطبيعة، فإنه يحاول دائماً السيطرة عليها للوقوف عند حاجاته، والارتقاء بمستوى عيشه، وتعد قصة الإنسان مع الطيران تصويراً نموذجيّاً لصراعه مع قوى الطبيعة، كما تمثل أبرز صور استغلاله للفضاء من حوله.
الطيران والفضاء
وراود الإنسانَ حلمُ تقليد الطيور منذ القدم، وجانبه الصواب أول الأمر، إذ ظنَّ الطيران “سباحة” في الهواء لا أكثر، مع حركة محددة ومنتظمة للأجنحة، وبعد كفاح مرير وتضحيات جمَّة استطاع أن يجوب الفضاء الجوي مستخدماً مركبات فائقة السرعة، وقادرة على حمل أثقال كبيرة، وتجاوز حدود الغلاف الجوي ليخوض مجال اكتشاف الفضاء الخارجي.
موضوعات الكتاب
ويعد موضوع هذا الكتاب من الموضوعات المعاصرة المهمة التي تتطلب مزيداً من الدراسة والبحث، ويقدم تأطيراً علمياً لطبيعة قانون الفضاء الخارجي، ويبحث الجهود الدولية لتنظيم هذا القطاع، وأحكامه القانونية، وموقف دولة الإمارات من اتفاقياته، وما يترتب عليها من مسؤولية موضوعية دولية، ويبني على ذلك توصياته التي اشتملت على ضرورة إعادة النظر في بعض نصوص اتفاقيات الفضاء الخارجي، بما يخدم مصلحة البشرية، وحماية حقوق الدول، إضافةً إلى ضرورة الاستثمار في مجال استغلال الطاقة المستمدة من الفضاء الكوني؛ من أجل تسخيرها لخدمة العالم.
معلومات الكتاب
اسم الكتاب: النظام القانوني للفضاء الخارجي
المؤلف: د. عبدالله يوسف الحوسني
الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
تاريخ النشر: 2023
معلومات المؤلف
د. عبدالله يوسف أحمد راشد الحوسني
* حاصل على درجة الدكتوراه في القانون العام، في 2021 (جامعة الشارقة)
* أستاذ منتدب بكلية القانون في جامعة الشارقة
* مستشار أول لمجموعة شركة بترول الإمارات الوطنية (إينوك)
* خبير نقل جوي معتمد
* له عدد من البحوث في موضوعات القانون الإماراتي، والقواعد العامة للفضاء الخارجي، والطيران المدني.