يشهد قطاع صيانة وإصلاح وتجديد المعدات الدفاعية (MRO) تحولاً ثورياً، يتضمن الاعتماد المتزايد على الابتكارات التقنية، لتلبية متطلبات المشهد الأمني المتغير، حيث لم يعد الاعتماد على المهارات اليدوية للخبراء الفنيين كافياً لضمان استمرارية تشغيل الأصول الحيوية. بدأت الشركات المصنعة للمعدات الأصلية (OEMs) ومراكز الصيانة (MROs) في استخدام أحدث الأنظمة والعمليات الهندسية المتقدمة القائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI)، والرصد الفوري، والحوسبة السحابية (Cloud Computing)، وإنترنت الأشياء (IoT) وغيرها من البرامج المتطورة للتنبؤ بالصيانة وضمان موثوقية المعدات الحيوية على المدى الطويل.
صيانة المنصات البرية
فضلاً عن الاستقرار الاقتصادي، والتقدم التكنولوجي، والنظام السياسي، والعلاقات الخارجية، تُعد قدرة النظام الدفاعي للدولة على حماية نفسها من التهديدات الحالية والمحتملة أحد أهم مقومات قوة الدولة. ويعتمد هذا النظام الدفاعي على القوات العسكرية التي تتألف من الأفراد والمعدات الدفاعية، التي تعتبر عمليات صيانتها وإصلاحها وتجديدها أمر حيوي لجاهزيتها، حيث يضمن قطاع الصيانة والتجديد العملياتي الجاهزية والاعتمادية وأداء هذه المعدات والمنصات لأي مهمة. ويعتبر الهدف الرئيسي لصيانة المعدات هو الحفاظ على الأصول الدفاعية الحيوية في أفضل حالة استعداد، دون زيادة التكاليف، مع ضمان الحد الأقصى من التوفر التشغيلي.
رؤى حول سوق صيانة وتجديد المنصات البرية الدفاعية (MRO)
وفقاً لتقرير “Global Information Insights”، من المتوقع أن تصل قيمة سوق صيانة وتجديد المنصات البرية الدفاعية العالمية إلى 44.85 مليار دولار أمريكي في عام 2024، وأن تنمو لتصل إلى 71.43 مليار دولارaأمريكي بحلول عام 2034. يُعزى هذا النمو الإيجابي للسوق إلى زيادة ميزانيات الصناعات الدفاعية العالمية، نتيجة التوترات الجيوسياسية الحالية في مناطق مختلفة حول العالم، واعتماد التقنيات الذكية، وتحديث القوات العسكرية، وتوسيع القوات البرية، بالإضافة إلى التركيز المتزايد على الاستدامة لتعزيز الاستفادة من الموارد وتحسين الكفاءة التشغيلية بهدف خفض التكاليف.
التطورات التكنولوجية وتأثيرها على صيانة المعدات الدفاعية (MRO)
من خلال دمج أحدث الأنظمة التكنولوجية، تمكنت مراكز الصيانة (MROs) والشركات المصنعة للمعدات الأصلية (OEMs) من إطالة عمر المعدات، واتخاذ قرارات حاسمة بناءً على البيانات، وتسريع دورة الصيانة، وزيادة الجاهزية التشغيلية للأصول الحيوية. لا تساهم التكنولوجيا فقط في تحسين أداء المعدات نفسها، بل تساهم أيضاً في تعزيز كفاءة عمليات الصيانة والأحمال التشغيلية، مما يزيد من إنتاجية الفرق المتخصصة مثل الفنيين والمهندسين والمتخصصين الآخرين.
التقنيات الحديثة في قطاع صيانة المعدات
هناك العديد من التقنيات المتاحة التي تبناها قطاع الصيانة والتجديد، ومنها:
تحسين الاتصالات: يمكن الآن للفرق التواصل بسلاسة دون الحاجة إلى فحص المنصات البرية بشكل مادي. من خلال استخدام أجهزة الاستشعار، يتم إرسال البيانات عبر خوادم آمنة باستخدام معدات بصرية متخصصة مثل الكاميرات، والطائرات المسيرة، ومنظار الفيديو (Videoscope)، ومنظار التجاويف الضيقة (Borescope) ومنظار الألياف (Fibrescope).
إنترنت الأشياء (IoT) والحوسبة السحابية: تمكن هذه التقنيات فرق الصيانة من مراقبة المعدات عن بُعد بشكل مستمر. باستخدام أحدث تقنيات مراقبة الحالة مثل أجهزة الاستشعار والشبكات الاتصالية، يتم جمع البيانات وإرسالها إلى خوادم سحابية لتقييم حالة المعدات. وهذا يسمح بتحليل البيانات آنياً والتنبؤ بالمشاكل الحالية والمحتملة، مما يمكّن المتخصصين من اتخاذ إجراءات استباقية قبل تفاقم الأعطال.
الروبوتات والذكاء الاصطناعي (AI): تسمح التطورات في الروبوتات والذكاء الاصطناعي بفحص المنصات البرية في الأماكن التي يصعب الوصول إليها، حيث يمكن للفنيين إجراء عمليات الفحص عن بُعد باستخدام الأجهزة اللوحية والكاميرات عالية الدقة، ليتم إرسال الفيديو عبر شبكات آمنة وتخزينها في السحابة.
أنظمة إدارة الصيانة المركزية (CMMS): تطورت هذه الأنظمة وتزايد تعقيدها حتى أصبحت تتيح إمكانية الإدارة المتكاملة للموظفين والأدوات والعمليات على منصة واحدة، مما يسهل الوصول إلى البيانات وتنظيمها وتحليلها بفعالية.
الواقع المعزز والواقع الافتراضي (AR/VR): غيّر استخدام الواقع المعزز والواقع الافتراضي طرق تدريب فرق الصيانة بشكل جذري. تتيح هذه التكنولوجيا عقد دورات تدريبية عبر مكالمات الفيديو، مما يتيح تدريب المتدربين عن بُعد، كما يمكن الآن استخدام نماذج افتراضية وجولات ميدانية دون الحاجة للسفر لمسافات طويلة لحضور الدورات التدريبية، خاصةً في الأنظمة المعقدة.
الروبوتات: تلعب الروبوتات دوراً مهماً في تقليل المخاطر عند التعامل مع المواد الخطرة أو أثناء الفحص، حيث يمكن للروبوتات إجراء عمليات فحص المركبات والتعامل مع المواد الخطرة واستبدال المكونات، مما يعزز سلامة الأفراد ويحسن بيئة العمل.
وهناك العديد من التقنيات المتطورة الأخرى التي يتم تبنيها في قطاع الصيانة والتجديد، وما زالت العديد من الابتكارات قيد التطوير.
التحديات
أولاً، تُمثل التكلفة المتزايدة لصيانة وتجديد الأنظمة والأجهزة تحدياً رئيسياً، كما أن التوترات الجيوسياسية قد تؤدي إلى مشاكل في توفير قطع الغيار التي تتطلب الحصول على المواد الخام عبر سلاسل إمداد معقدة.
ثانياً، كلما زاد تطور الأجهزة والأنظمة، زادت الحاجة إلى فنيين ومتخصصين في صيانة وتجديد المعدات. هذا يتطلب تدريباً مستمراً لمواكبة أحدث التقنيات والأنظمة في قطاع صيانة المنصات البرية. وأخيراً، مع اعتماد مراكز الصيانة على التطورات التكنولوجية، يجب الامتثال للأنظمة والمعايير الأمنية المختلفة، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف مكونات الصيانة.
مستقبل صيانة وتجديد المعدات الدفاعية (MRO)
يبدو أن مستقبل صيانة وتجديد المنصات البرية مشرق، بفضل الاتجاهات المتنامية لسوق هذه الصناعة، مع تحول الدول واستثمارها في إدارة دورة حياة أساطيلها الدفاعية. فضلاً عن ذلك، يعمل توسيع وتحديث القوات العسكرية العالمية على تعزيز نمو السوق، بل يضمن أيضاً أن تعمل المنصات البرية بكفاءة عالية وتحافظ على جاهزيتها التشغيلية، مما يساهم في حماية الأرواح وتعزيز الأمن الوطني والدولي.
على المدى الطويل، يؤدي اعتماد تقنيات الصيانة والتجديد الحديثة إلى خفض كبير في تكاليف التشغيل طويلة الأجل. كما يساهم في تحقيق كفاءة أكبر وتقليل فترات التوقف. وتبرز مزايا الابتكارات الحديثة أهمية استثمار مراكز الصيانة في أحدث الأنظمة والمعدات على الرغم من التحديات، خصوصاً في وقت تزداد فيه التوترات الجيوسياسية التي تدفع القوات العسكرية إلى التوسع، وتحديث أصولها، وضمان جاهزيتها لتنفيذ المهام. ●