في ظل المتغيرات التي يشهدها النظام الدولي، والمرحلة التي يعيشها في طور طي صفحة الأحادية القطبية، وبناء نظام دولي جديد قائم على التعددية القطبية، كل هذه المتغيرات تُبرز الحاجة إلى تعزيز (دبلوماسية التكتلات)، حيث باتت هناك حاجة للتكتلات نموذجاً مهماً يمكن الدول الاستجابة للتحديات التي تواجهها، مما يمكن مثل هذه التكتلات، وبخاصة الاقتصادية، من التفوق في المجتمع الدولي.
تعد مجموعة رابطة آسيان نموذجاً مهماً في نجاح التكتلات السياسية والاقتصادية، والذي يتألف من ثلاث ركائز: مجتمع آسيان الأمني والمجموعة الاقتصادية لرابطة أمم جنوب شرق آسيا، والمجتمع الاجتماعي والثقافي لرابطة أمم جنوب شرق آسيا، والذي نجح في الصمود أمام كل المتغيرات التي عايشتها منطقة شرق آسيا، حيث لم تهتز الرابطة بحالة الصراع والتسابق التي شهدتها هذه المنطقة من قبل القوى الخارجية والتي وصل هذا التنافس إلى ذروته في العام ٢٠٠٨.
انضمام المملكة العربية السعودية بما تمتلك من ثقل سياسي وعسكري واقتصادي وقوة تأثير عالمية إلى رابطة آسيان، لا شك أنه يعد خطوة مهمة في تاريخ الرابطة الشرق آسيوية، حيث سيساهم هذا الانضمام في التعزيز من ثقل الرابطة ليدفعها لمرحلة متقدمة من تقوية روابط التكتلات في جميع المجالات، وإعطائها قوة اقتصادية وسياسية ما يمكنها من القدرة على تثبيت جذورها، والتعامل مع التنافس الذي تشهده منطقة شرق آسيا بدلاً من تراجعها، وبالتالي الانقياد إلى محاولة تفككها.
إن وجود المملكة العربية السعودية في رابطة الآسيان لا شك أنه سيقود إلى تغيير شكل التنافس في المنطقة الشرق الآسيوية، حيث تعد المملكة دولة ذات ثقل على جميع المستويات، وهو ما سوف يمكن الرياض من فرض معادلات جديدة في صياغة بنية النظام الدولي الجديد بما يخدم منطقة الشرق الأوسط في النظام العالمي الجديد، وبخاصة وأن دول رابطة آسيان في منطقة جيواستراتيجية وحيوية تتقاطع مع مصالح الدول الكبرى في بحر الصين الجنوبي، ومضيق تايوان.
القمة الخليجية مع رابطة دول الآسيان تعد من القمم التي تتلاقى في كثير من النقاط على رأسها الموقع الاستراتيجي والتقدم الاقتصادي، ويتشارك الجانبان الأهداف والطموحات ذاتها كتسريع النمو الاقتصادي، وتوطيد الشراكات الاستثمارية الدولية، والتنمية الثقافية، وتعزيز السلام والاستقرار الدولي.
وهي جميعها عوامل مهمة في ترسيخ جذور التكامل بين المنظومتين، وهو ما يساهم في الارتقاء بهذا التكامل لمستويات عالية تعمل على ترسيخ الوجود الخليجي في المنطقة الشرق آسيوية لتكون فاعلة ومؤثرة في التنافس الذي تعيشه المنطقة..