كما هو معروف، تشهد المجتمعات البشرية تنوعاً متعدد الجوانب؛ منها ما يتعلق بالجغرافيا والقومية، أو يكون قيمياً وثقافياً، فضلاً عن الاختلافات الاجتماعية والإثنية والإيديولوجية. ويعكس هذا التنوع وضعاً تعيش فيه المجموعات السكانية، داخل فضاء سياسي مشترك، ليكون سمة لمعظم المجتمعات الحديثة.
وما يلاحظ هنا، فإن المجتمعات المتنوعة لن تتشكل على نحو تلقائي، بل إنها تمثل استجابة تنطوي على اختيار قيمة التنوع، وتتطلب قرارات واستثمارات، بالإضافة إلى الإرادة السياسية المدعومة من قبل المؤسسات الرسمية والشعبية لإعادة تأكيد هذا الخيار والعمل عليه.
بالتالي فإن الاستجابة للتنوع تسهل الاعتراف المتبادل بالآخر وتعزز الانتماء، ويكون لها آثار مهمة في منع حدوث الصراعات في حال تم الاعتماد على مجموعة واسعة من السياسات والممارسات الهيكلية والنظامية المعتمدة من قبل العديد من الجهات الفاعلة في الأمدين القريب والبعيد.
على أن صراعات الهوية قد أصبحت، وعلى مدى العقود العديدة الماضية، وخاصة منذ نهاية الحرب الباردة، شكلاً رئيسياً من أشكال العنف المنظم، في رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية إلى السودان وجنوب السودان، ومن يوغوسلافيا السابقة إلى سوريا وسريلانكا والعراق، معظمها حدث في مجتمعات اتخذت من العنف خياراً بديلاً عن قبول التنوع وإدارته سلمياً.
ولهذا، يسبق خيار العنف، تضخيم الروايات التي تبرر الاستبعاد وعدم القبول بالآخر المختلف، ليعقبها أفعال تجر إلى إلغاء أسباب العيش المشترك وتقويض المصالح المتبادلة، لتسقط المجتمعات في أتون الحروب الأهلية.
وثمة من يرى أن وجود أشخاص من خلفيات مختلفة يجعل البلدان مكاناً أفضل للعيش فيها. فالأفراد يتعلمون من بعضهم بعضاً، بما يشجع على فهم الآخر، فضلاً عن التعرف إلى الثقافات الأخرى، ووجهات النظر المختلفة في المجتمع، وبما يساعد في تبديد الصور النمطية السلبية والتحيزات الشخصية حول المجموعات المختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، يساعد التنوع على بناء جسور الثقة والاحترام والتفاهم عبر الثقافات. ويساهم الأشخاص من ثقافات متنوعة في تطوير المهارات اللغوية وتعميق طرق التفكير والمعرفة الجديدة ومراكمة الخبرات المختلفة في المجتمعات التي يوجدون فيها.
وبنفس السياق، يوفر التنوع فرصاً قيّمة في زيادة القوة الابتكارية، وتطوير أفكار تتعلق بالمنتجات والخدمات، بسبب الخلفيات المتنوعة والمعارف الثقافية المتعددة التي يتوافر عليها الأفراد في تقييم وحل المشكلات وإبداء الاستعداد لتحمل المخاطر.
في المدن، يتم اختبار التنوع الثقافي، وتوفير أفضل الفرص لممارسة العيش معاً وتطوير الفهم الانساني من خلال تجارب جديدة وإيجابية.. ودليلنا الإمارات المتسامحة.. مختبر الحياة الزاخرة بتجارب التنوع والقبول.