رازي عزالدين الهدمي
لم يسلم العمل الدرامي العربي العملاق «ممالك النار» من سهام النقد والاستهجان، ففي الوقت الذي رأت فيه شريحة كبيرة من المشاهدين أن هذا العمل قدم حقائق تاريخية حاول صناع الدراما التركية تزويرها بأعمال تمدح الفترة العثمانية وتقدم الجيش العثماني المحتل في شكل المنقذ، رأى آخرون أنه عمل يهاجم تركيا ويحمل إسقاطات مباشرة، ويشوه التاريخ التركي، تزامنًا مع مقاطعة عرض الدراما التركية عبر كثير من الفضائيات العربية.
جذب المسلسل التاريخي (ممالك النار) قطاعا كبيرا من المشاهدين بمختلف الدول العربية وأثار إعجاب الملايين وتصدر عمليات البحث على شبكة الإنترنت. وتناول المسلسل الأضخم إنتاجياً في عام 2019 خلال 14 حلقة فقط السنوات الأخيرة لدولة المماليك في مصر واجتياح جيش السلطان العثماني سليم الأول للمنطقة العربية عامي 1516 و1517 واستبسال السلطان طومان باي في المقاومة حتى هزيمته وشنقه على باب زويلة في القاهرة.
المسلسل العربي ذو الطابع العسكرية والسياسية، من إنتاج شركة جينوميديا الإماراتية، ومن تأليف المؤلف المصري محمد سليمان عبد المالك، وعمل على تنفيذ المسلسل ثلاثة مخرجين، هم السوري عزام فوق العادة للمشاهد الدرامية في المعارك، والأسباني أليخاندرو توليدو للمعارك الخارجيّة. أما الإشراف فللمخرج البريطاني بيتر ويبر، وقد تم تصويره في تونس بتكلفة 40 مليون دولار.
الحبكة وسير الأحداث
يكشف العمل ضمن توليفة درامية ملؤها الإثارة والتشويق، مفاصل مهمّة من التاريخ، متطرقاً إلى فترة من الزمن كُتبت بحروفِ من الدم والنار، في ظلّ أحداث تخطف الأنفاس وتدور حول الصراع بين السلاطين العثمانيين والمماليك في مرحلة تعود إلى العام 1516.
تنطلق أحداث العمل قُبيل وفاة السلطان الفاتح، وما تركه من قانون يعطي الحق لأبنائه وأحفاده قتل أفراد الأسرة العثمانية لضمان السلطة. هكذا يُنفّذ كل من ولديه: جم وبيازيد هذا القانون بإشعالهما حرباً أهلية انتهت بانتصار بيازيد وإعلانه سلطاناً. في هذه الأثناء يقتل سليم الأصغر ابن عمه جم لمساعدة أبيه. ونظراً لخلاف سليم مع إخوته، يوليه والده على ولاية طرابزون البعيدة، حيث سيخطّط على مدار عشرين عاماً للعودة وانتزاع العرش من أبيه. في هذا الوقت، تبدأ رحلة طومان باي من أراضي آسيا الوسطى إلى مصر، حيث جلبه عمه الأمير قانصو الغوري كي يدربه ليصير جندياً بين مماليكه. ومن هنا، تسترسل الأحداث التاريخية التشويقية في العمل.