نكتب هذا المقال ومجلة الجندي تحتفل بيوبيلها الذهبي، حيث استطاعت المجلة أن تظل على مدار 50 عاماً مرجعاً مهماً في الشؤون العسكرية والسياسية، منذ عام 1973 الذي شهد انطلاقة مجلة الجندي وحتى الوصول الى احتفالها باليوبيل الذهبي، كان الاجتهاد المعرفي والتنوع الثقافي والسياسي والعسكري هو السمة الرئيسية لمجلة الجندي التي كانت حريصة كل الحرص على عدم الوقوف عند حد معين، بل على تحقيق التطور السريع والقفزات المتسارعة ورقياً وإلكترونياً لرصد ومواكبة أبرز الأحداث.
ظهر على الساحة الصحفية عدد لا يستهان به من المجلات الشهرية التي تختص بالشؤون العسكرية بشكل رئيسي، لكنها بدأت تتراجع شيئاً فشيئاً، ولم يبق على الساحة سوى عدد ضئيل منها، وكانت مجلة الجندي واحدة من المجلات التي استطاعت أن ترسخ قواعدها في عالم الصحافة الشهرية، وأن تعزز وجودها العربي والإقليمي، وأن تظل في تطور مستمر بما يجعلها تواكب التطورات والمتغيرات والتحولات التكنولوجية لتحافظ على استمراريتها في إثراء القارئ وتوعية العقل الجمعي بكل ما يدعم تعزيز الثقافة العسكرية والسياسية لديه، وينمي لديه الاطلاع على الأحدث في جديد السلاح والتطورات العلمية والتكنولوجية التي وصلت إليها التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في المجال العسكري.
لقد دأبت مجلة الجندي على صياغة التحقيقات المطولة فيما يخص الشؤون العسكرية والسياسية، وبذلك وضعت لنفسها بصمة مهمة في دعم مؤلفات الكتب، حيث باتت أحد المراجع المهمة للمؤلفين المختصين في الشؤون العسكرية والسياسية، ومصدراً لا يمكن الاستغناء عنه في تعزيز وإنتاج المعرفة والثقافة العسكرية، لا أقول هذا الكلام من فراغ، حيث استفدت من التحقيقات والتقارير التي تجريها في تأليف بعض الكتب الخاصة بالشؤون السياسية والعسكرية.
لقد استطاعت مجلة الجندي الصمود بعدد من العوامل، أولاً التنوع الثقافي والسياسي والعسكري الذي يطمح القارئ إلى إيجاد ما يناسبه ويتناسب مع موهبته القرائية، وثانياً القدرة على مواكبة التطورات التكنولوجية في ظل التحول الذي يشهده عالم الصحافة وصناعة بصمة في الصحافة التقليدية الورقية والصحافة الإلكترونية ومواكبة أدوات الإعلام الجديد في ظل التوسع الحاصل في منصات التواصل الاجتماعي، والأهم من هذا كله هو القواعد التي تأسست عليها وظلت تحافظ عليها منذ عام 1973 والقائمة على الالتزام التام باخلاقيات المهنة وميثاق الشرف الإعلامي والبحث عن الحقيقة وتحري الدقة والموضوعية والحياد.
يسعدني في الختام أن أكون واحداً من كتاب مجلة الجندي على مدار عامين ومازلت مستمراً، حقيقة إنه لشرف كبير بالنسبة لي أن أكون جزءاً من هذه المؤسسة العريقة التي استطعت أن أحظى بثقتها لأكون جزءاً منها كاتباً في الشأن السياسي لدعم رؤية المجلة في إثراء القارئ العربي بكل ما يخص التحليل السياسي وتقديم قراءة للتطورات السياسية على الساحة العربية والإقليمية والدولية.