شرعت العديد من الدول مؤخراً إلى تكثيف أبحاثها في مجال إنتاج أسلحة الليزر. ففي يناير 2024، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية عن نجاح نظام الدفاع الجوي «دراجون فاير» في إطلاق شعاع ليزر نجح في إسقاط هدف جوي. وقد سبقت الولايات المتحدة بريطانيا في هذا السياق، فقد شرعت واشنطن في نشر أسلحة تعمل بالليزر على سطح مدمراتها البحرية، كما تقوم بإجراء تجارب على نظم ليزرية برية وجوية كذلك، وذلك على الرغم من أن هذه التكنولوجيا لم تنضج بعد، وتصل إلى مستوى التشغيل الكامل.
فإن إسرائيل على الجانب الأخر، شرعت في أعقاب هجوم 7 أكتوبر لحماس في تطوير القبة الحديدية التي تعمل بالليزر، خاصة بعدما تعرضت قبتها الحديدية التقليدية إلى اختراقات متعددة من جانب صواريخ حماس وحزب الله اللبناني.
ولم يعد الأمر يقتصر على مساعي الدول لتطوير نظم دفاع جوي تعمل بالليزر، بل امتدت أعمال البحث والتطوير إلى المركبات العسكرية، فقد دعت «خطة هيكل القوة» الأسترالية لعام 2020 إلى تطوير نظام أسلحة طاقة موجهة «قادر على هزيمة المركبات المدرعة، بما في ذلك دبابات القتال الرئيسية». ويمكن لأسلحة الطاقة أن تلحق الضرر بالأنظمة الإلكترونية الدقيقة التي تتحكم في الأجهزة والأشخاص الذين يقومون بتشغيلها، أو تذيب أو تحرق الأجزاء المهمة منها.
حلم قديم يتجدد
قبل سرد تاريخ استخدام الأسلحة الليزرية في المجال العسكري، ينبغي أولاً الإشارة إلى أنها تعد أحد أنواع ما يعرف باسم «أسلحة الطاقة الموجهة»، والتي يقصد بها، وفقاً لموقع للبحرية الأمريكية، أنها تلك «الأنظمة الكهرومغناطيسية القادرة على تحويل الطاقة الكيميائية أو الكهربائية إلى طاقة مشعة، وتركيزها على الهدف، ما يؤدي إلى إحداث ضرر مادي ينتج عنه تدهور أو تحييد أو هزيمة أو تدمير قدرة العدو». وتتخذ أسلحة «الطاقة الموجهة» ثلاثة أشكال، فهي تأتي على شكل أشعة ليزر، أو موجات راديو عالية، أو ميكروويف.
ويعود اهتمام الولايات المتحدة بأسلحة الليزر إلى ستينات القرن الماضي، أي منذ اللحظة الأولى لتصنيع أول جهاز قادر على إصدار شعاع من الليزر. فقد تعاقد الجيش الأمريكي مع شركة «مجموعة الأبحاث التقنية»، لإنتاج ليزر للاستخدامات العسكرية. وكان حماس الجيش الأمريكي كبيراً لدرجة أن الشركة طلبت حوالي 300 ألف دولار للقيام بأبحاث تتعلق بهذا الأمر، غير أن الجيش الأمريكي منحها حوالي مليون دولار أمريكي، أي ما يزيد عما طلبته الشركة بحوالي ثلاثة أضعاف. ثم شرعت أفرع الجيش الأمريكي، وتحديداً القوات البرية والبحرية والجوية، للتعاقد مع شركات مختلفة لتطوير سلاح ليزري.
وبحلول عام 1962، كان الجيش الأمريكي ينفق حوالي 50 مليون دولار سنوياً على تطوير سلاح يعمل بالليزر. ومع ذلك، لم يكن الليزر في ذلك الوقت قادراً على إصدار مستويات كافية من الطاقة لصنع سلاح مناسب للأغراض العسكرية. وبحلول عام 1968، خلص بعض الخبراء إلى أن مشاريعهم وصلت إلى طريق مسدود. وفي سبعينات القرن العشرين، حصل الجيش الأمريكي على «سلاح هجومي ليزري قصير المدى» والذي يمكن استخدامه لإصابة طياري العدو وجنوده وأجهزة الاستشعار البصرية بالعمى من مسافات تزيد قليلاً على ميل واحد. وقد أصدر الجيش الأمريكي أوامره للاستمرار في تطوير مثل هذا السلاح خلال عقد الثمانينات. غير أن مثل هذا السلاح كان ينظر إليه باعتباره سلاحاً غير أخلاقي، نظراً لأنه يتسبب في زيادة معاناة الأفراد، مقابل فوائد عسكرية محدودة. وبحلول عام 1995، وقبل استخدام مثل هذا السلاح في أي عمليات قتالية، وضعت الأمم المتحدة البروتوكول الخاص بأسلحة الليزر المسببة للعمى، وهو البروتوكول الرابع الملحق باتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة لعام 1980، والذي يحظر استخدام أسلحة الليزر المسببة للعمى في الحروب ويضبط نقلها إلى أي جهة فاعلة من الدول أو من غير الدول. وقد دخل البروتوكول حيز التنفيذ في عام 1998. وقد انضمت الصين وروسيا إلى البروتوكول في عامي 1998 و1999 على التوالي. ولم تنضم الولايات المتحدة إلى هذا البروتوكول إلا في عام 2007، مع امتلاك الدول الأخرى لنفس التكنولوجيا، ومخاوف الجيش الأمريكي من أن تقوم الدول المعادية لها باستخدامه ضد الجيش الأمريكي.
وفي ثمانينات القرن العشرين، تكثفت الأبحاث حول أسلحة الطاقة الموجهة، حيث أنشأت إدارة رونالد ريجان مبادرة الدفاع الاستراتيجي. ويعود اهتمام ريجان بتكنولوجيا الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية إلى عام 1967 عندما كان حاكماً لولاية كاليفورنيا، وقام بزيارة الفيزيائي إدوارد تيلر في مختبر لورانس ليفرمور الوطني، والذي زعم أن الليزر يمكن أن يستخدم لاعتراض أي صاروخ حامل لرأس نووي. وقد عرفت مبادرة ريجان إعلامياً وقتها بحرب النجوم، نظراً لأنه كان يقوم على نشر أسلحة ليزرية في الفضاء الخارجي لإسقاط الصواريخ النووية. وفي نهاية المطاف، فشل هذا الأمر بعدما كلف الولايات المتحدة كثيراً من الجهد والأموال.
وقد استخدم الجيش الأمريكي، في نهاية المطاف، أشعة الليزر منخفضة الطاقة لتوجيه الصواريخ إلى أهدافها وكأجهزة تحديد المدى على دباباته، كما حدث في حرب الخليج الأولى. وبحلول عام 2006، استخدم الجيش الأمريكي أيضاً أشعة الليزر منخفضة الطاقة للتسبب في العمى المؤقت لمقاتلي القوات المناوئة للولايات المتحدة في العراق.
وفي عام 2014، قامت البحرية الأمريكية بتركيب أول نظام تسليحي من الليزر، على الإطلاق، على متن سفينة «يو إس إس بونس»، وذلك لاختباره ميدانياً. وبعد ثلاثة أشهر من الاختبارات في الخليج العربي، أفادت البحرية أن النظام يعمل بشكل مثالي ضد التهديدات المنخفضة، مثل القوارب الصغيرة والطائرات المسيرة. وبعد الانتهاء من الاختبارات، أذنت البحرية لقائد السفينة «بونس» باستخدام «النظام» كسلاح دفاعي، وهو عبارة عن نظام ليزر بقوة 30 كيلوواط.
وقام الجيش الأمريكي بتركيب سلاح ليزر بقدرة 50 كيلووات على مركبة المشاة القتالية سترايكر، ونشر الجيش أربعة من هذه الأنظمة لاختبارها في ساحة المعركة في الشرق الأوسط في فبراير 2024، كما نشرت البحرية الأمريكية ليزر عالي الطاقة على متن السفن للدفاع ضد السفن الصغيرة سريعة الحركة، بالإضافة إلى الصواريخ والطائرات المسيرة.
وتعمل القوات الجوية، هي الأخرى، على تطوير أسلحة ليزر عالية الطاقة على متن الطائرات للقيام بمهام دفاعية وهجومية. وفي عام 2010، اختبر سلاح الجو ليزر بقوة ميجاواط مثبت على طائرة بوينغ 747 معدلة، وأصاب صاروخاً باليستياً أثناء إطلاقه. وتعمل القوات الجوية حالياً على تطوير نظام أسلحة أصغر حجماً للطائرات المقاتلة. ويبدو أن روسيا تعمل على تطوير ليزر أرضي عالي الطاقة لـ«تعمية» أقمار خصومها الصناعية.
مزايا الأسلحة الليزرية
تتمتع الأسلحة الليزرية بالعديد من المزايا، والتي تجعلها خياراً قد يكون ثورياً في أرض المعارك، وتتمثل أبرز هذه المزايا في التالي:
سهولة التوجيه: يلاحظ أن أسلحة الليزر لا تتأثر بالجاذبية، مثل الصواريخ والرصاص، لذا فهي تنتقل في خط مستقيم. وهذا يجعل التصويب والاستهداف أسهل وأكثر موثوقية.
محدودية الأضرار: تسبب أسلحة الليزر أضراراً عن طريق تسخين المنطقة المستهدفة، ولذلك تتراجع فرص القدرة على الاستهداف الخاطئ عبر ضرب الأجسام القريبة، كما أنه بعكس صواريخ الدفاع الجوي، التي قد تنحرف على مسارها، وتلحق أضراراً بالمدنيين، فإن مثل هذه الأخطاء قد لا تحدث في حالة أسلحة الليزر.
السرعة العالية: تنتقل الموجات الكهرومغناطيسية بسرعة الضوء، ولذلك فهي أسرع بكثير حتى من أسرع الأسلحة التقليدية. وعلى سبيل المثال، فإن صاروخاً فرط صوتي يسافر بسرعة عشرة أضعاف سرعة الصوت نحو هدف على بعد 10 كيلومترات، فإنه من المتوقع أن يقطع هذا الصاروخ حوالي 10 سنتيمترات فقط، وذلك في الوقت الذي يكون فيه سلاح الليزر قد أصاب الهدف.
السعر المنخفض: تمكن سلاح «دراجون فاير» البريطاني من إطلاق شعاع ليزر لإسقاط طائرة مسيرة، وكانت تكلفة إطلاق الشعاع الواحد حوالي 13 جنيهاً إسترلينياً فقط، وهو ثمن منخفض للغاية مقارنة بنظم الدفاع الجوي التقليدية. وعلى سبيل المثال، تقدر تكلفة الصاروخ الاعتراضي الواحد لمنظومة الدفاع الجوي الأمريكية من طراز باتريوت بحوالي 2 – 4 ملايين دولار.
وفي المقابل، فإن تكلفة الطائرة المسيرة تعد زهيدة، إذ تتراوح ما بين ألفي وبضعة آلاف من الدولارات. ويلاحظ أن روسيا تتبع تكتيكات لاستنزاف نظم الدفاع الجوي الأوكرانية، إذ إنها تقوم بإرسال عدد كبير من الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية والمجنحة، مثل «اسكندر إم» و«كي إتش 22»، وهو ما يجعل هذه الدفاعات عاجزة عن التصدي لأغلب هذه الهجمات، والتي تصيب في النهاية أهدافها. ولذلك، فإن تطوير نظم دفاع جوي ليزري قد يساعد على التغلب على مثل هذا التحدي.
صعوبات عملية
هناك العديد من العوامل التي تجعل من تطوير أسلحة ليزرية فاعلة أمراً صعباً على الأقل في المدى المنظور، ويمكن تفصيل ذلك على النحو التالي:
تخلف تقني قائم: تقدر وزارة الدفاع الأمريكية أن هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 1 ميجاوات (أو 1000 كيلووات) من الليزر، وهو ما يزيد على ثلاثة أضعاف إنتاج الطاقة لنظام الليزر التكتيكي الأكثر تقدماً المتوفر حالياً، وذلك من أجل منع صاروخ فرط صوتي من الوصول إلى هدفه. وعلى الرغم من تحدي إنتاج مثل هذا النظام بهذه القوة العالية، فإن هناك تحدياً إضافياً، يتمثل في صعوبة نجاح الليزر في اختراق مقدمة صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت، نظراً لأن الصواريخ الفرط صوتية مصممة لكي تحمل درجات حرارة تزيد على 1700 درجة.
ومن جهة أخرى، فإن بناء صواريخ ذات درع أقوى قادر على تحمل حرارة أكبر أرخص من إنتاج أشعة ليزر تعتمد على طاقة أكبر، لذا، فإنه عندما تصبح نظم الدفاع الجوي المعتمدة على الليزر أكثر شيوعاً، فإنه يمكن حينها تطوير صواريخ فرط صوتية ذات درع أكثر احتمالاً للحرارة، وبالتالي ستكون أقل عرضة لتهديد الصواريخ الفرط صوتية.
التأثير المشتت للفضاء الجوي: يسود تصور خاطئ بأن الليزر ما هو إلا شعاع رفيع من الطاقة يستمر في الانطلاق في الفضاء إلى الأبد، لكن هذا ليس صحيحاً، إذ إنه يتشتت بفعل عوامل عدة، مثل بخار الماء والرمل والملح والدخان وتلوث الهواء والمواد الأخرى الموجودة في الغلاف الجوي. كما يمكن أن يتسبب الغلاف الجوي أيضاً في امتصاص الشعاع وتشتته واضطرابه، بل ويمكن أن يتسبب في انحراف الشعاع، الأمر الذي يجعله يخطئ في إصابة هدفه.
ويؤثر هذا التشتت بشكل سلبي على فاعلية الليزر إلى درجة أن البنتاغون يرى حالياً أن فاعليته لا تتجاوز نطاق يمتد لأقل من ميل واحد فقط. وحتى التوقعات المستقبلية الأكثر تفاؤلاً تعتقد أن الليزر سيكون قابلاً للتطبيق لنطاق يقل عن خمسة أميال.
الحاجة إلى بضع ثوانٍ: تستطيع أسلحة الليزر ذات القوى المقدرة بحوالي 300 كيلووات حرق إحدى جوانب الصاروخ المجنح أثناء الطيران، وذلك لتدميره أو إخراجه عن المسار، ولكن من أجل القيام بذلك، يجب أن يتم تصويب شعاع الليزر إلى نفس المكان بالضبط على جسم الصاروخ لفترة زمنية تقدر ببضع ثوانٍ. وفي عام 2020، استغرق الأمر حوالي 15 ثانية من إطلاق شعاع الليزر المستمر من سلاح من فئة 150 كيلوواط لتدمير طائرة مسيرة. وقد يؤدي هذا الأمر إلى فشل الليزر في إسقاط الصاروخ المجنح، نظراً لأن مثل هذه النوعية من الصواريخ لا تسير في مسار ثابت، بل يمكن أن تغير من اتجاهاتها بسرعة شديدة.
الحاجة إلى طاقة كبيرة: يتمثل أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الجيوش التي تستخدم أشعة الليزر عالية الطاقة في المستويات العالية من الطاقة اللازمة لإحداث تأثيرات مدمرة عن بعد. وعلى عكس الليزر الصناعي الذي قد يكون على بعد بضع بوصات فقط من هدفه، فإن العمليات العسكرية تنطوي على مسافات أكبر بكثير، إذ أن تدمير هدف قادم يحتاج إلى الحفاظ على مسافة آمنة بينه وبين نظام الدفاع الليزري، وهو ما يتطلب مئات الكيلوواط من الطاقة في شعاع الليزر.
ويستهلك أصغر نموذج أولي لسلاح ليزر 10 كيلووات من الطاقة، أي ما يعادل تقريباً سيارة كهربائية. ويسحب أحدث سلاح ليزر عالي الطاقة قيد التطوير حوالي 300 كيلوواط من الطاقة، أي ما يكفي لإمداد 30 منزلاً بالطاقة. كما أن أشعة الليزر عالية الطاقة لا تزيد كفاءتها، حتى الآن، عن 50% على أفضل الأحوال، كما أنها تولد كمية هائلة من الحرارة المهدرة التي يجب إدارتها، وهو ما يعني أن أشعة الليزر عالية الطاقة تتطلب بنية تحتية كبيرة لتوليد الطاقة وتبريد جهاز الليزر، وهو ما يضع قيوداً على إمكانية نشرها على المنصات العسكرية المختلفة، إذ لا يمكن للشاحنات العسكرية، أو الطائرات المقاتلة أن تحمل أسلحة ليزر عالية الطاقة، وبالتالي، فإن هذين المنظومتين يمكنهما حمل أسلحة الليزر منخفض الطاقة، والتي يمكن استخدامها في إسقاط الطائرات المسيرة، أو إعطاب الصواريخ. أما للسفن والطائرات الأكبر حجماً، فيمكنها أن تستوعب أنظمة ليزر عالية الطاقة كبيرة الحجم. أما الأنظمة الأرضية الثابتة، فيمكنها أن تضم أسلحة ليزر عالي الطاقة بسهولة.
وفي المقابل، فإنه، حتى الآن، لا يمكن تصور نشر أسلحة ليزرية في الفضاء الخارجي، إذ إن هناك أربعة عوامل تحد من إمكانية توظيف الليزر في الفضاء الخارجي. ويتمثل أول هذه الأسباب في أن المسافات الشاسعة للفضاء الخارجي تعني أن أي خطأ، ولو بجزء من الدرجة، في إطلاق سلاح الليزر الفضائي يمكن أن يؤدي إلى خطأ في إصابة الهدف بآلاف الكيلومترات. ثانياً، ينطوي السفر في الفضاء على سرعات هائلة بالمعايير الأرضية، حيث يتحرك القمر الصناعي الثابت بالنسبة للأرض بسرعة 3.07 كم/ثانية، في حين أن الأجسام الموجودة في المدار الأرضي المنخفض يمكن أن تتحرك بسرعة تصل إلى 8 كم/ثانية، وهو ما يضيف صعوبة كبيرة في توجيه أسلحة الليزر نحوها لاستهدافها. وثالثاً، على الرغم من أن المسافات كبيرة، تبقى الأهداف صغيرة نسبياً. فمحطة الفضاء الدولية، وهي أكبر جسم اصطناعي في المدار الأرضي حالياً، يزيد طولها قليلاً على 100 متر. أما الأقمار الصناعية الأخرى، فيمكن أن تكون أصغر من ذلك بكثير، فعلى سبيل المثال، يبلغ قياس القمر الصناعي من نوعية «كويكبيرد» 3.04 م فقط. ورابعاً، سيتطلب أي سلاح لليزر كميات كبيرة من الكهرباء. وحتى الآن، فإن أكثر البطاريات عملية هي بطاريات الليثيوم، وأكثر الطرق العملية لتوليد الكهرباء في الفضاء هي من خلال الوحدات الكهروضوئية، التي تصل فعاليتها حالياً إلى 30 في المائة فقط، وخلايا الوقود، التي لا تملك سوى وقود محدود، وبالتالي قد لا تكون التكنولوجيا المتوفرة حالياً عملية لتشغيل أشعة الليزر الفعالة في الفضاء.
وسعت «مبادرة الدفاع الاستراتيجي» للرئيس ريجان، السابق الإشارة إليها، للتغلب على هذه المشكلة، فقد عمل مختبر لورانس ليفرمور الوطني في الولايات المتحدة على مشروع لأشعة سينية ليزرية فضائية يتم إنتاجها من خلال تفجير نووي، وهو «مشروع إكسكاليبور»، غير أن المشروع ألغي في عام 1992، في نهاية الأمر، لعدم نجاحه في تحقيق أي نتائج.
الخلاصة
وفي ضوء العرض السابق، يمكن القول إن الأسلحة الليزرية منخفضة الطاقة هي التكنولوجيا الأقرب إلى الواقع، والتي يمكن الاعتماد عليها في إسقاط طائرات مسيرة، أو أجسام طائرة صغيرة الحجم، غير أن هذا الأمر يتطلب كذلك ظروفاً مناخية مثالية لكي يعمل الليزر بفاعلية، مثل توفر مناخ جاف. أما محاولة اعتراض الأجسام الأكبر حجماً، مثل المقاتلات والصواريخ الفرط صوتية والباليستية وغيرها، فإنها تتطلب أجهزة ليزر عالية الطاقة، ولاتزال مثل هذه الأسلحة في طور التطوير، كما أن فاعليتها لاتزال محل جدل نظري، ولذلك، فإنه سوف يتطلب الأمر الانتظار حتى تنضج مثل هذه التكنولوجيا، وتقييم مدى فاعليتها. أما نشر الأسلحة الليزرية في الفضاء الخارجي، فلايزال هذا الأمر مستبعداً بدرجة كبيرة، بسبب عدم القدرة على توفير مصدر يوفر كميات عالية من الطاقة في الفضاء الخارجي حتى الآن.
الدكتور شادي عبدالوهاب أستاذ مشارك في كلية الدفاع الوطني