حققت الصين خلال فترة وجيزة تقدماً واضحاً في سباق التسلح العالمي، وباتت تعتمد على شركاتها في مجال التصنيع العسكري، بعد أن كانت تعتمد بشكل كبير على استيراد الأسلحة والمعدات الحربية من الخارج قبل نحو عشرة أعوام، حسب التقارير والدراسات العسكرية. وأصبحت الصين بفضل تنامي شركاتها العسكرية تحتل المركز الثاني عالمياً بعد الولايات المتحدة الأمريكية، ولأول مرة منذ زمن بعيد تفوقت على روسيا من حيث إنتاج الأسلحة ومبيعاتها، وذلك وفقاً لنتائج تقرير نشره خبراء في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام زسيبريس SIPRI في الربع الأول من العام الجاري .2020
يمتلك التنين الصيني كماً كبيراً متنوعاً من الأنظمة العسكرية والدفاعية المتطورة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي، وأصبحت بكين بفضل استراتيجيتها في مجال التصنيع العسكري، تصدر منتجاتها للعديد من دول العالم في ظل تنامي اهتمامها بقطاع الصناعات الدفاعية كوسيلة دعم للتفوق والنفوذ على المستوى العالمي. وتعمل الصين منذ فترة طويلة على تعزيز طموحاتها العسكرية، وأعلنت في يوليو الماضي خطة للدفاع الوطني لبناء جيش حديث ومتطور تكنولوجياً.
حاملة طائرات «شاندونغ»
أحدثت الصناعات العسكرية الصينية أصداء كبيرة على المستويين المحلي والعالمي، إذ انتشرت في الآونة الأخيرة العديد من التقارير التي تتحدث عن إنجازات بكين العملاقة في مجال التصنيع الحربي، خاصة بعد دخول أول حاملة طائرات محلية الصنع الخدمة في القوات البحرية الصينية في منتصف ديسمبر الماضي 2019.
ويرى مراقبون أن حاملة الطائرات الصينية الجديدة، سوف تعزز قدرات بكين العسكرية، كما أنها تجسد طموحاتها البحرية في ظل أجواء من التوتر على خلفية مطالبتها بجزر في بحر الصين الجنوبي وتايوان، والمنافسة مع الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة المحيط الهادئ.
ويحمل مشروع السفينة العملاقة اسم «شاندونغ»، نسبة إلى مقاطعة «شاندونغ» في شرق الصين، وتم منحها رقم 17 .
وتم تنفيذ هذا المشروع بواسطة شركة «داليان» (Dalian) لبناء السفن بمقاطعة «لياونينغ»، حيث بدأ العمل في بناء الحاملة في نوفمبر 2013 ووضعت الشركة العارضة الرئيسية لهيكلها في حوض جاف في مارس 2015، وأنزلت إلى الماء في إبريل عام .2017
وتم تسليم «شاندونغ»، في مدينة «سانيا» في قاعدة «هاينان» جنوب البلاد، على سواحل بحر الصين الجنوبي، في مراسم حضرها الرئيس الصيني «شي جين بينغ» في ديسمبر الماضي. وكان من المفترض أن تدخل «شاندونغ» الخدمة فعلياً في إبريل 2019، ولكن تم تأجيلها لأسباب فنية.
وحضر نحو 5 آلاف شخص الاحتفال مرددين النشيد الوطني مع رفع العلم، في حين استعرض الرئيس الصيني، حرس الشرف والتقى الطاقم على متن البارجة العسكرية الجديدة. ومع استلام البحرية الصينية لحاملة الطائرات الجديدة، ستصبح الصين بذلك في مصاف بعض الدول التي تملك حاملات طائرات من طرازات مختلفة.
وفي نوفمبر الماضي، أكدت الصين أن حاملة الطائرات الجديدة عبرت مضيق تايوان خلال اختبارات وتدريبات روتينية، فيما رآها مراقبون أنها محاولة لاستعراض القوة أمام تايوان ودول المنطقة.
وتقول الحكومة الصينية إن تصميم الحاملة الجديدة اعتمد على الخبرات المكتسبة من حاملة الطائرات «لياونينغ».
وتشير التقارير إلى أن الصين تعتزم بناء العديد من السفن العسكرية العملاقة وحاملات الطائرات خلال السنوات القليلة المقبلة، وذلك تجسيداً لاستراتيجيتها الدفاعية القائمة على الصناعة المحلية، ولأن حاملات الطائرات باتت تعتبر مكوناً قوياً في القوات البحرية لأي دولة في العالم.
مواصفات «شاندونغ» ومميزاتها
رغم أنه لا يُعرف الكثير عن برنامج حاملات الطائرات الصينية كونها من أسرار الدولة، فإن التقارير المتخصصة تشير إلى أن حاملة «شاندونغ» العملاقة تتمتع بمواصفات تمكنها من حمل أكثر من 40 طائرة تتوزع على مقاتلات «شنيانغ جيه15-» محلية الصنع والملقبة بـ«القرش الطائر»، وطائرات مروحية حربية لعمليات البحث والإنقاذ والإنذار الجوي المبكر، ومهمات النقل، بالإضافة إلى مميزات تسمح لها بحمل العديد من الصواريخ والأسلحة والذخائر.
ويبلغ وزن حاملة الطائرات الصينية محلية الصنع نحو 50 ألف طن، وطولها 315 متراً وعرضها 75 متراً.
وتقول التقارير إن «شاندونغ» لديها مدرج مائل بانحدار قدره 12 درجة لمساعدة الطائرات على الإقلاع، بينما تتم عمليات هبوط المقاتلات على مدرج بزاوية على سطح الحاملة المزودة بسلسلة من كابلات الالتقاط على طول المدرج. ولدى «شاندونغ» برج مراقبة متطور يشمل رادار المسح الإلكتروني النشط (AESA S-band)، وهو هوائي بأربعة ألواح يغطي مساحة بحث تقدر بـ360 درجة لكشف وتتبع الأهداف في البحر والسماء، كما أن هذه الحاملة مزودة بمصعدين كبيرين لنقل الطائرات بين الحظيرة والسطح.
وتتكون محركات حاملة الطائرات الصينية الجديدة من توربينات بخارية تقليدية تعمل بمولدات الديزل، وتصل سرعة إبحار السفينة العملاقة إلى نحو 32 عقدة بحرية 59 كلم / ساعة.
إكرام بندلة (باحثة في الشؤون العسكرية)