احتفظت مجموعة «نكستر»، اللاعب الرئيسي في سوق الأنظمة الأرضية، بعلاقة طويلة الأمد مع دولة الإمارات العربية المتحدة. وصلت هذه العلاقة أوجها في عام 1993 عندما اقتنت الإمارات العربية المتحدة دبابات المعارك الرئيسة «لوكلير» من شركة GIAT Industries -الاسم القديم لشركة- «نكستر». وبالنظر إلى أن «نكستر» تعتبر أيضاً أحد الموردين الرئيسيين للأنظمة الأرضية لمعظم القوات المسلحة في دول الخليج، التقت «الجندي» السيد دومينيك موريسيت، مدير مجموعة «نكستر» في الإمارات والأردن وناقشت معه علاقات التعاون بين شركته والإمارات، ومجالات هذا التعاون، ومدى دعم شركة «نكستر» للصناعة العسكرية الإماراتية ودورها أيضاً في دعم الجهود لمواجهة التهديدات الناشئة في منطقة الخليج، وبعض القضايا الأخرى ذات الصلة. وإليك عزيزي القارئ ما دار في الحوار:
هل من الممكن أن تعطينا فكرة عامة عن شركة «نكستر»؟
«نكستر» سيستمز تتكون من مجموعة من الشركات التي تعمل على تطوير وتصميم وإنتاج مجموعة كبيرة من المنتجات والأنظمة، مثل المركبات المدرعة وأنظمة المدفعية وأنواع مختلفة من المركبات المدرعة ودبابات المعارك الرئيسية. لدينا أيضاً شركة فرعية مسؤولة عن تطوير وتأهيل أنواع مختلفة من الذخيرة من عيارات مختلفة بدءاً من العيار المتوسط إلى عيارات أنظمة المدفعية. علاوة على ذلك، لدينا شركات فرعية أصغر تتعامل مع المعدات الإلكترو- بصرية، والمعدات الخاصة بالحرب الكيميائية والإشعاعية والبيولوجية والنووية (CRBN). النشاط الروبوتي… تقنية غاية في الأهمية، لذا لا بد من إتقانها في المستقبل.
كيف تُقيِّمون علاقتكم مع دولة الإمارات بشكل عام وقواتها المسلحة بشكل خاص؟
علاقتنا مع دولة الإمارات العربية المتحدة وقواتها المسلحة علاقة طويلة الأمد. بدأت في عام 1993 بقوة عندما اشترت القوات المسلحة الإماراتية أكثر من 400 دبابة قتال رئيسية من طراز «لوكلير» من شركة GIAT Industries (الاسم القديم لشركتنا «نكستر»). اليوم علاقتنا جيدة جداً. وتفاعلنا مع شركة الصيانة العامة مهم جداً. إنه تفاعل يومي. كما أن علاقتنا مع المجلس الاقتصادي لشركة توازن جيدة جداً. نحن ندير مشروع الأوفست بسلاسة وإتقان. علاقتنا مع صانعي القرار جيدة أيضاً. لذا، فإن علاقتنا مع الإمارات جيدة جداً ولديها إمكانات كبيرة في المستقبل. وآمل أن يُنظر إلى تعاوننا بشكل إيجابي من قِبل القوات المسلحة الإماراتية ووزارة الدفاع.
هذه العلاقة الطيبة تمخضت بالطبع عن تعاون في أكثر من مجال مع قواتنا المسلحة. في أي المجالات يتم هذا التعاون المتبادل في الغالب؟
يتركز تعاوننا في الوقت الحاضر وفي الغالب على أنشطة دبابات المعارك الرئيسية. نحن نقدم خدمات صيانة مهمة لدبابات قواتكم المسلحة. أعتقد أن الثقة قد تم بناؤها بمرور الوقت. نحن أكثر من فخورين اليوم للمساهمة في المستوى العالي لجاهزية هذه الدبابات. بالمناسبة، نحن موجودون لتقديم الخبرة والحلول في مجال ذخائر الدبابات. لقد طورنا أيضاً تعاوناً مثيراً للاهتمام في مجال الروبوتات والأنظمة المستقلة ذاتياً، وهو أمر أساسي للمستقبل. كما نشكر القوات المسلحة الإماراتية على المناقشات المستمرة في مجال أنظمة المدفعية والعربات المدرعة ذات المدولبة. ولاشك أن هناك في الإمارات لاعبين كبار، ويمكننا نحن في نكستر أن نجد طرقاً ملائمة للتعاون معهم لنبني شيئاً للمستقبل.
التعاون والشراكة بالنسبة لبعض الشركات المصنِّعة لمعدات الدفاع لا تعني سوى علاقة بين «مشترٍ وبائع»، فماذا تعني لشركة «نكستر»؟
تعتبر «نكستر» أن الشراكة الاستراتيجية هي أولاً وقبل كل شيء القدرة على مشاركة الطرفين في رؤية طويلة المدى. في الإمارات العربية المتحدة، علاقتنا مع قواتكم البرية قريبة من تلك التي تربطنا بالجيش الفرنسي. كما أن مستوى تفاعلنا والتفاهم المتبادل مع المستخدمين النهائيين حول موضوعات دبابات القتال الرئيسية LECLERC فعال. في هذا السياق، نحن فخورون بكيفية الاستفادة من الخبرة العملياتية لدولة الإمارات العربية المتحدة في الميدان لبناء القدرات المستقبلية للدبابات. هذه التعليقات العملياتية أساسية بالنسبة لنا. بالطبع، في النهاية، هناك علاقات تعاقدية وتجارية. ومع ذلك، فإن المناقشة الاستراتيجية تساعد بلا شك كثيراً في حل المشكلات النادرة بيننا. من وجهة نظرنا، يتعين على جميع مديرينا – فضلاً عن مسؤوليتهم عن العقد – الالتزام بهذه العلاقة الاستراتيجية.
لكن هذه العقود يتم إنجازها إما من خلال «الأوفست» «مبادلة» التي تتطلب من الشركة البائعة استثمار جزء من إيرادات الصفقة في مشاريع إنتاجية في الدولة، وإما من خلال الدخول في مشاريع مشتركة مع مصنعي دفاع محليين لإنتاج معدات أو أنظمة معينة في الإمارات وبالتالي نقل تكنولوجيا متقدمة معينة إلى صناعتنا العسكرية، فما هو موقفكم؟
كنا من أوائل الشركات التي وقعت على اتفاقية برنامج توازن الاقتصادي الجديد في عام 2019، وكانت «نكستر» سباقة دائماً في مجال الأوفست إما بالتعاون مع الجيش مباشرة وإما في القطاع المدني. الطريقة التي نرى بها الأشياء للمستقبل هي بناء حالات عمل قوية ومستدامة بدلاً من تطوير مشاريع أوفست (مبادلة) قائمة بذاتها. كما نهدف إلى المشاركة في تبني رؤية صناعية طويلة المدى وتنفيذها. هذا هو السبب الذي يدفعني إلى الاعتقاد بأن التركيز على نقل التكنولوجيا فقط أمر قديم بعض الشيء. ما يمكن أن نفكر به هو الاستثمار المشترك لتطوير منتجات مستقبلية تلبي حاجة السوق المحلية، بهدف إيجاد قيمة محلية ومنافع متبادلة. وأعتقد أن هناك إمكانات كبيرة في مجال الروبوتات والحلول الرقمية والذخيرة الذكية والمركبات المدرعة. هذا ويعد تطوير سلسلة التوريد المحلية أمراً أساسياً أيضاً لترسيخ بصمتنا في الدولة من منظور طويل الأجل.
إلى أي مدى تساهم «نكستر» في رفع مستوى أو تطوير القدرات العسكرية للجيوش في منطقة الخليج؟
نكستر موجودة في جميع دول منطقة الشرق الأوسط تقريباً. وفيما يتعلق بدولة الإمارات العربية المتحدة، هناك العديد من الاهتمامات المعبَّر عنها بمدفعيتنا من طراز «سيزار CAESAR «، ومركباتنا الخاصة بنقل المشاة من طراز6×6 GRIFFON و TITUS وأحدث مركبة للقتال والاستطلاع لدينا من طراز 6×6 JAGUAR. نحن فخورون أيضاً بدعم البلدان التي تستخدم دباباتنا من طراز لوكلير Leclerc في المنطقة بشكل مستمر. وبالطبع نحن نستعد لتحديث هذه الدبابة مع القوات المسلحة الإماراتية. ويسعدنا أن الإمارات قد أكدت هذا البرنامج. نحن جاهزون لذلك ومستعدون جيداً.
عندما تسعى الدولة لشراء أنظمة عسكرية، فإنها تضع في اعتبارها معايير، مثل تحمُّل هذه الأنظمة للظروف المناخية القاسية لدينا، وأن تكون مُبتكرة، والأهم من ذلك، إمكانية تشغيلها البيني وتوافقها العملياتي مع الأنظمة الحالية. إلى أي مدى تلبي أنظمتكم هذه المعايير؟
«نكستر» ليست جديدة على هذا البلد وأحواله المناخية الصعبة. فمنتجاتنا الرئيسية، من قبيل دبابات المعارك الرئيسية Leclerc ومدفع CAESAR 155 عيار ملم – 52 وعربات المشاة المدرعة 8×8 VBCI، تُستخدم يومياً من قبل القوات الفرنسية في أبوظبي منذ عام 2009. لقد قدمت مركبة المشاة المدرعة TITUS الخاصة بنا 6 × 6 عرضاً رائعاً خلال المناورات الصيفية لعام 2015 في أبو ظبي. فضلاً عن ذلك، علينا أن لا ننسى أن دبابة LECLERC تُستخدم هنا بنجاح كبير منذ أكثر من 30 عاماً. فيما يتعلق بالتوافق العملياتي، فقد نجحنا في دمج نظام C4I الإماراتي الجديد للقيادة والسيطرة والاتصالات والكمبيوتر والمعلومات في دبابة «لوكلير» الإماراتية بالتعاون مع شركة L3HARRIS. ونحن دائماً منفتحون لاستخدام أنواع مختلفة من ذخائر الناتو في مركباتنا.
كما تعلم، التهديدات تتغير بسرعة في الوقت الحاضر، إلى أي مدى تتمتع «نكستر» بالمرونة لمواءمة أنظمتها مع التهديدات الناشئة الجديدة، أو تطوير حلول جديدة استجابة لهذه التهديدات؟
بشكل أساسي، تتمتع أنظمتنا الجديدة بهندسة رقمية مفتوحة تتيح تطوير منتجنا على مدار دورة حياتها. ونقوم عادة بتضمين الأمن السيبراني في حلولنا ونحن نأخذ هذا الأمر على محمل الجد في تصاميمنا. أصبحت الحرب غير المتكافئة وحرب المدن في الدفاع الأرضي عامل تغيير في قواعد اللعبة. لذا، نعتقد أن استخدام الروبوتات سيعزز من قدرات حلولنا. والذخائر الذكية وغير الحساسة هي أيضاً ذات أهمية قصوى. القدرة على تطوير المنتج خلال دورة حياته ضرورية أيضاً. فمركبة TITUS 6X6 قادرة على سبيل المثال على حمولة 9 أطنان وهي فريدة من نوعها في فئتها. تعتبر مرونة الحمولة هذه مع الحفاظ على الحماية والتنقل أمرًا ضرورياً وميزة في الوقت نفسه.
كما تعلم، عانت دول منطقة الخليج من هجمات إلكترونية وهجمات أسراب طائرات بدون طيار أيضاً. كيف تقيمون قدراتكم للمساهمة في مواجهة مثل هذه التهديدات؟
هذا تهديد مهم في الوقت الحاضر، ويزيد من صعوبة القدرة على التنبؤ في الحروب البرية ويجعلها غير متجانسة للغاية. فيما يتعلق بالمركبات المدرعة، نعتقد أن هناك حاجة لحمايتها بصورة أكبر عن طريق تزويدها بأنظمة نشطة. كما أننا نفكر أيضاً في تحسين أداء مزايا التخفي (الصوتيات، الكهرومغناطيسية، والأداء البصري / الحراري، إلخ)، وجدير بالذكر أننا قمنا بتطوير أنظمة دفاع جوي قصيرة المدى بالتعاون مع THALES، أنظمة RapidFire التي يمكن أن تهزم ليس فقط الأهداف الأرضية ولكن أيضاً أهداف الطيران منخفضة السرعة، وهذه التقنية تعتمد على ذخيرتنا المضغوطة من عيار 40 مم ذات الغلاف الفريدة من نوعها.
هناك اهتمام كبير بالذكاء الاصطناعي والابتكار في دولة الإمارات، كيف يمكنكم دعم هذه التوجهات؟
ربما نكون أول مصنع للمركبات العسكرية المدرعة التي طرحت مفهوم «المهمة المعززة» الذي وسَّع قدرات المركبات المدرعة باستخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي من المركبات القتالية. وبالنظر إلى أنه لا يمكننا أن نزود المركبات المدرعة بطياري طائرات بدون طيار، فإنه يتعين علينا تطوير قدرات الاستقلالية والتسيير الذاتي حتى نتمكن من استخدام الروبوتات من على متن المركبات مع الحفاظ على سلامة الطاقم.
كيف تنظرون إلى تعاونكم مع الصناعة العسكرية الإماراتية وما هي المجالات التي تتعاونون فيها؟
أولاً، نحن نعتبر أنفسنا كلاعب صناعي إماراتي. فقد استثمرنا في العديد من ورش العمل في أبوظبي لتسهيل وتسريع حلقة الصيانة لدبابات «لوكلير «Leclerc. ولدينا خطط لتتوسع بهذا في المستقبل. لدينا تعاون كبير مع «مجموعة الذخيرة والأسلحة» في شركة EDGE، إما من خلال العقود من الباطن بيننا وإما من خلال مشروع الأوفست. ما هو أساسي هو ألا نعتبر بعضنا بعضاً متنافسين بقدر ما ننظر إلى بعضنا بعضاً كشركاء يكملون بعضهم بعضاً للهيمنة على أسواق جديدة معاً.
عند تعاونكم مع الصناعات العسكرية الإماراتية، هل لديكم قيود على نقل التقنيات العالية لها، كحال بعض الشركات الأخرى؟
من حيث المبدأ، «نكستر» منفتحة في هذا المجال. لقد طورنا بالفعل شراكات مهمة للغاية، في أوروبا وخارجها، وأظهرنا قدرتنا على الانتشار بنجاح. لكن بالطبع، علينا الالتزام بلوائح التصدير الحكومية.
كما تعلم، هناك منافسة شرسة في سوق منطقة الخليج. أين تضعون أنفسكم في هذه المنافسة؟ وما الذي يساعدكم على أن تكونوا منافسين أقوياء؟ هل هي جودة منتجاتكم، أو الأسعار المعقولة التي يمكن تَحمُّلها لأسلحتكم، أو ربما تطويركم لنظام/ أنظمة متقدمة جداً وواعدة في المستقبل؟
العالم كله موجود هنا ومتهافت على عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة ويستخدم طرقاً مختلفة في مخاطبة العملاء وصناع القرار. والسلوك المالي والأخلاقي العادل مهم بالنسبة لنا. أنا مقتنع شخصياً بأن العملاء والمستخدمين النهائيين يعرفون تماماً أن الأنظمة الفرنسية تتمتع بجودة وموثوقية كبيرة. كما أن استقرار شركاتنا وحقيقة أن السلطات الفرنسية تدعم أنشطتنا عامل مهم أيضاً. في غضون عشر سنوات، ستظل «نكستر» موجودة، وسنظل قادرين على توفير قطع الغيار والخدمات للمساعدة في تطوير أنظمتنا. ربما لا يكون هذا هو الحال بالنسبة لجميع منافسينا أو عدد الوافدين الجدد.
في أوائل التسعينات، وقعت الإمارات أكبر صفقة للحصول على دبابات المعارك الرئيسة «لوكلير». من ذلك الوقت وحتى الآن، شهدت «لوكلير» العديد من التحسينات. هل لك أن تخبرنا عن تلك التحسينات وفيما إذا أضيفت إلى أنظمة قواتنا المسلحة؟
لقد أجرينا تعديلات قليلة على دبابات قواتكم المسلحة تتعلق بقدرات الحماية، واستخدام الذخيرة الجديدة، ودمج قدرات جديدة مثل C2 للقيادة والسيطرة و C4I للقيادة والسيطرة والاتصالات والكمبيوتر والمعلومات. من أجل إطالة عمر دبابة «لوكلير» وقدراتها، لدينا تصور لزيادة قوة النيران والحماية وقدرة المراقبة فيها باستخدام الروبوتات ولزيادة قدرة C2 أيضاً. من جهته، أطلق الجيش الفرنسي بالفعل من جانبه خطة طموحة لاستخدام تقنيات جديدة في دباباتهم ولمعالجة تقادم أجهزتها الإلكترونية.
هل ترغب في توجيه أي رسالة إلى مجتمع الدفاع في الإمارات؟
أود أن أقول لهم إن نكستر لديها طموح صادق وتهدف إلى إقامة شراكة صناعية طويلة الأجل وقوية، من خلال تطوير سلسلة التوريد وقطاعات البحث والتطوير. نحن شركاءكم الاستراتيجيين الرئيسيين وسنظل كذلك في مجال الدفاع الأرضي.
من وجهة نظرك، كيف أثرت أزمة فايروس كورونا (Covid-19) على صناعة الدفاع بشكل عام وعلى شركتكم بشكل خاص وكيف استجبتم لهذه الأزمة؟
لقد كانت أزمة كورونا ولا زالت تمثل تحدياً كبيراً لنا جميعاً. لقد أثرت أولاً وبعمق في خططنا الاقتصادية. أعتقد أن «نكستر» تمكنت من إدارة هذه المشكلة بطريقة ذكية وممتازة سواء في فرنسا أو في الإمارات العربية المتحدة. في الإمارات العربية المتحدة، واصل موظفونا العمل بدون انقطاع مع قواتكم المسلحة بما يتمشى وأنظمتها، على الرغم من الوضع الصعب الذي أحدثه فيروس Covid 19 في العالم بأسره. وقد لبى موظفونا والعاملون في شركتنا جميع احتياجات وطلبات القوات المسلحة الإماراتية بشكل جيد.
أجرى اللقاء: محمد فهد الحلبية – تصوير: محمد حسن الشاعر