مما لا شك فيه أن هناك ترابطاً بين قياس مؤشر التلاحم المجتمعي ودوره في تمكين العلاقات الأسرية بكل مستوياتها، إذ إن له أبعاده المستقبلية بتأصيل القيم والمبادئ في نفوس الأفراد بما يخص الهوية الوطنية الإماراتية، والتشاركية بين أفراد المجتمع عبر مبادرات ترسخ التلاحم والتماسك الأسري والمجتمعي لتشكيل مستقبلاً آمناً وخالياً من العقبات.
كما أن تلك القيم التي تأصل روح التلاحم بأنواعه هي أساس تعاملات الأفراد في المجتمع الإماراتي، إذ إنها متأصلة فيه ومتجذرة في الإرث الإماراتي كمعيار تحمي مكتسبات الوطن الحضارية باستدامة تضع الإماراتيين في معيار عالمي مميز.
وما نراه تحدياً أمام تلك القيم وتماسكها في تلاحم الأسرة هو الانفتاح العالمي والتعدد الثقافي الذي يضع الجميع أمام مسؤولية حماية منظومة القيم التي تعزز التلاحم وترشد هذا الانفتاح على الصعيد المعرفي والثقافي وتحصنه بالقيم الثابتة التي تضع التلاحم ضمن أولويات الأفراد في تحصين العلاقة بين الماضي والحاضر رغم اختلافهما في المعايير.
والجدير بالذكر أن التلاحم المجتمعي والتماسك الأسري إنما يمثلان أساس الهوية الوطنية الإماراتية الأصيلة، كون المجتمع محافظاً ومتمسكاً بمنظومة القيم وبهويته وتسامحه وتعدديته الثقافية، ما وضع الإمارات في مصاف الدول التي تضع الإنسان في مقدمة أجنداتها الوطنية والاجتماعية المستقبلية، إيماناً منها بأن الإنسان هو أساس كل بناء حضاري.
لذا من المهم أن ننهض ببناء المجتمع عبر تكامل الرؤى والأهداف المشتركة بين جميع مؤسسات المجتمع، سواء على الصعيد التربوي أو الثقافي أو التعليمي والاقتصادي والإعلامي وغيرها من المؤسسات الخاصة والعامة لتحقيق أهداف التنمية المجتمعية التي هي غاية البناء والتقدم والاستدامة.
أيضاً ومن المهم معرفته أنه لا تتوفر هناك مجتمعات إنسانية مثالية بالكامل، إلا أن الرغبة في الالتزام بالقيم التي تحقق التلاحم المجتمعي والتماسك الأسري ستضمن مجتمعاً معيارياً يسوده الاعتزاز بالهوية الوطنية والانتماء والولاء للوطن، إلى جانب الرفاهية والسعادة والتسامح وتقبل الآخر.
من هنا نرى أهمية التلاحم المجتمعي في البناء الوطني الذي يضع الأسرة أساساً في تنميته وتعزيز القيم الإماراتية الأصيلة التي هي متأصلة في التراث الإماراتي نهج الأجداد الذين رسموا لنا طريقاً إماراتياً مميزاً له بصمته الخاصة.
